Author

ضرورة الدعم لزيادة ملكية المساكن

|
ورد في برنامج التحول الوطني لوزارة الإسكان خفض كبير لمكرر متوسط سعر الوحدة السكنية إلى متوسط إجمالي دخل الفرد السعودي السنوي، وذلك من عشر سنوات إلى خمس سنوات، ولم ترد أي تفاصيل أخرى حول هذا الموضوع مثل تعريف الوحدة السكنية أو دخل الفرد السعودي. ومن الناحية العملية لا بد من تحديد ماهية الوحدة السكنية وتحديد ماهية الدخل وهل هو معدلات الناتج للفرد أم متوسط دخل الأسرة السعودية أو أعضائها. وتحقق هدف وزارة الإسكان سيعزز نسب ملكية المساكن، وهو هدف جيد لو تم الوصول إليه، ولكن تحقيقه يتطلب دقة بيانات الوزارة وخفض تكلفة الوحدة السكنية بنسبة 50 في المائة مع عدم تراجع دخل الفرد، أو رفع دخل الفرد السعودي إلى الضعف مع عدم زيادة أسعار الوحدات السكنية، أو خليط من الاثنين. ونظرا للهبوط الكبير في الدخول النفطية وتراجع مستويات الدعم الحكومي خلال السنوات القادمة كما هو وارد في برنامج التحول الوطني فليس من المتوقع تحقيق نمو كبير في معدلات دخول الأفراد المتاحة، ولهذا تتركز إمكانية تحقيق هدف وزارة الإسكان في خفض تكلفة الوحدات السكنية. تعيش الأغلبية الساحقة للأسر في ثلاثة أنواع من المساكن، هي الفلل والشقق والبيوت الشعبية. والأسر السعودية بشكل عام أسر كبيرة لديها أطفال وتحلم بتملك منازل مستقلة حديثة أو ما يصنف بأنه فلل. وتشكل الفلل وأدوارها نحو 36 في المائة من سكن الأسر السعودية، بينما تشكل الشقق والبيوت الشعبية نحو 34 في المائة، 28 في المائة على التوالي من إجمالي مساكن الأسر المواطنة حسب إحصاء 2010 (الباقي أنواع أخرى غير محددة). ونظرا لوجود ثلاثة أنواع رئيسة من الوحدات السكنية في المملكة يمكن إيراد عدد سنوات الدخل اللازمة للحصول على كل نوع على حدة، ويمكن أخذ متوسط أسعار معين لجميع أنواع الوحدات السكنية. ويستخدم مكرر الدخل السنوي كمعيار لقدرة الأسر على تملك المساكن. لا توفر الهيئة العامة للإحصاء بحوثا مستقلة عن دخل الأسر في المملكة، ولكنها تورد بيانات عن دخل الأسر في بحوث الإنفاق الأسري التي تجرى كل عدة سنوات. ويشير آخر بحث إنفاق أسري أجري عام 2013 إلى بلوغ متوسط دخل الأسر السعودية 13610 ريالات في الشهر، أو 163320 ريالا في السنة، بينما بلغ متوسط دخل الفرد السعودي السنوي 27144 ريالا، وذلك على مستوى المملكة. من ناحية أخرى بلغ وسيط دخل الأسر السعودية 10723 ريالا في الشهر أو 128676 ريالا في السنة. ونظرا لغياب أي ذكر للتدفقات الكبيرة مثل الإرث وميل الأسر خصوصا الغنية لعدم الإفصاح عن دخلها بشكل دقيق في مسوحات الدخل يرى كثيرون أن دخل الأسر الحقيقة أعلى من القيم الواردة في المسوحات، إلا أن هذه البيانات هي المؤشر الوحيد المتوافر عن دخل الأسر في المملكة. من ناحية أخرى قاد عدم توافر بيانات حديثة عن دخل الأسر عام 2015 إلى استخدام بيانات 2013 كبديل تقريبي لها في هذه المقالة. أما بالنسبة لأسعار الوحدات السكنية فإن بيانات الأسعار التي تصدرها وزارة العدل عن أسعار العقارات هي المصدر الرسمي الوحيد المتوافر عن متوسطات أسعار المساكن. وتشير بيانات وزارة العدل إلى أن متوسط أسعار الفلل المبيعة في أرجاء المملكة وصل إلى نحو مليون ونصف مليون ريال في ما مضى من عام 1437 هـ، ما يعني أن الأسر السعودية تحتاج في المتوسط إلى دخل 9.2 سنة للحصول على فلة. من ناحية أخرى بلغ متوسط سعر الشقة المبيعة في الفترة نفسها نحو 550 ألف ريال، وهذا يمثل دخل 3.4 سنة. وتشير بيانات الوسيط إلى أن أكثر من نصف العائلات السعودية تحتاج إلى دخل سنوات أكثر لتملك منزل. أما إذا أردنا حساب سنوات دخل الفرد اللازمة لشراء منزل فسترتفع لأنواع الوحدات السكنية بنحو 6.7 ضعف. وتختلف أسعار المنازل من منطقة إلى أخرى كما تختلف في الوقت نفسه متوسطات دخل الأسر، وبهذا فإن سنوات الدخل اللازمة لشراء مسكن تختلف بعض الشيء من منطقة إلى أخرى ولكنها قريبة من المتوسط العام في المملكة. وعموما يشير ارتفاع عدد السنوات اللازمة لشراء فلل إلى صعوبة تملك معظم الأسر لهذا النوع من المساكن، كما أن عدد السنوات اللازمة من الدخل لشراء شقة ليست منخفضة كما يتصور البعض ولكنها مرتفعة مقارنة ببعض الدول المتقدمة. كثير من الأسر تعاني من أعباء التمويل الذي يستقطع أكثر من ربع دخلها، وهي لن تستطيع شراء منزل إلا بدعم يمكنها من ذلك، ومن دون هذه المساعدة سيكون من الصعب تحقيق ذلك. ولن يجدي كثيرا الاعتماد على القطاع الخاص لزيادة معدلات تملك الأسر، حيث إن دخل معظم الأسر لا يؤهلها حتى للحصول على التمويل الخاص.
إنشرها