Author

امنحهم الثقة .. وسيبهرونك

|
في عام 1921 تقدم شاب بسيط لا يتمتع بإمكانات باهرة بطلب توظيف لإحدى الشركات، وكتب في طلبه "لم يسبق لي العمل بأي وظيفة من قبل، لكني شغوف لأن أبدأ العمل لديكم. أنا أدرك جيدا أن خدماتي لن تكون ذات قيمة مذكورة حتى أكتسب قدرا لا بأس به من الخبرة والمهارة، ولذا سأكون سعيدا لأن أبدأ العمل لديكم بأي راتب ترونه مناسبا لي. أنا معتاد على العمل الجسماني، خاصة أني سبق لي العمل في مزرعة على جرار". تم توظيف ريتشارد في الشركة وكان عمله يقتضي منه تجربة أنواع متعددة من ورق الصنفرة، بعد ذلك تم تكليفه بمهام تسويقية لعرض منتجات الشركة، وقد كانت محال سمكرة ودهان السيارات من أبرز العملاء، وفي إحدى جولاته وجد عامل دهان يشكو من الشريط اللاصق الذي أفسد دهانه، وكانت وقتها اللاصقات الطبية هي المستخدمة في محال الدهان، وعده ريتشارد بأن يجد له حلا، مع العلم أن ذلك ليس من متطلبات عمله، وخلال سنتين كاملتين كان ريتشارد منكبا في معمله الخاص للتفكير في حل جذري للمشكلة ورغم عدد مرات الفشل، إلا أنه لم يستسلم، وبعد جهود مضنية تم اختراعScotch Brand Masking Tape، أو ما نسميه "بالتيب" أو "الشطرطون"، وقد حقق مبيعات مذهلة للشركة دفعت بمديرها لأن يمنح ريتشارد ترقية ليصبح رئيس معامل التصنيع في الشركة. وخلال فترة عمله لم يتوقف عن الابتكار والإنجاز والإبداع حتى توفي وعمره 81 عاما. الشاهد من ذكر قصة هذا المخترع، أن كثيرا من مديري الشركات وأصحاب المشاريع يشترطون شروطا تعجيزية في الشباب المتقدمين إلى الوظائف، ومنها شرط الخبرة الذي قد يتجاوز السنوات الخمس، وبعض الشروط الأخرى التي قد لا تتوافر في مدير الشركة نفسها، فيتم رفض عديد من الشباب الذين يمتلكون الأفكار الإبداعية الرائعة، وفي المقابل يحصل على الوظيفة أصحاب الأفكار النمطية الذين لن يقدموا إلا مزيدا من الروتين والبيروقراطية! حين أرسل ريتشارد خطابه لرئيس الشركة لم يحاول إضفاء نوع من الإبهار على سيرته الذاتية ولم يلجأ لتزييف خبراته، بل كان واضحا وصادقا وأظهر شغفا حقيقيا بالوظيفة، وهو ما دفع به إلى الإبداع والإنتاج والابتكار! لذلك نتمنى من أصحاب الشركات ألا ينبهروا بالسيرة الذاتية المنمقة، بل عليهم أن يراقبوا باهتمام أمواج الشغف التي تتدفق في أعين طالبي الوظيفة.. مع الأخذ في عين الاعتبار ما بين الشغف والحماس!!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها