تفعيل القواعد المنظمة للإعلانات التجارية وتطويرها

تعد الإعلانات التجارية من أهم الوسائل التي تلجأ إليها الشركات والمؤسسات التجارية بهدف الترويج للسلع أو الخدمات التي تنتجها وجذب المستهلك لكي يقدم على الشراء. وقد تضمن نظام المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية تعريفا لمضمون الإعلان، وقضى بعدم جواز نشر إعلانات تتضمن مواد من شأنها تضليل المستهلك، كما تضمن مجموعة من الضوابط المنظمة لمضمون المادة الإعلامية. كما أن هناك كثيرا من القوانين والأنظمة في عدد من دول العالم، التي تضع الضوابط المحددة لمضمون المادة الإعلانية، ومن بينها حظر أن يتضمن الإعلان ما يشجع الجمهور على اتباع سلوك يشكل خطرا على صحته، أو على أمنه وسلامته، أو على حماية البيئة.
ومن يتتبع الإعلانات التجارية وما تقدمه من معلومات في المملكة، يجد أن عددا منها يحمل دعايات كاذبة ومضللة بهدف جلب المستهلك بأي طريقة، وإغرائه بالشراء دون مراعاة تلك الضوابط المنظمة لنشر الإعلانات التجارية. وعلى سبيل المثال، نأخذ فقط دعاية تلفزيونية تعرض حاليا على عدة قنوات تقول "عصيرنا عصير طبيعي لكل الأجيال"، ومن الواضح أن الدعاية مضللة، حيث إن كلمة "طبيعي" تقتضي عدم وجود أي إضافات إلى ذلك العصير، بينما الحقيقة الواضحة من مكوناته أن كمية العصير فيه لا تتعدى 30 في المائة، والباقي عبارة عن ماء وإضافات صناعية أخرى.
ولذلك فإن وجود القواعد النظامية المنظمة لنشر الإعلانات التجارية ليس كافيا وحده، إنما هناك حاجة إلى تفعيل تلك القواعد وتطويرها إذا ما لزم الأمر، وكذلك توفير الكوادر والأساليب لضمان تطبيقها على أرض الواقع، خصوصا في ظل تزايد الإعلانات المضللة ووتيرة التنافس بين الشركات، التي لن تردعها إلا أحكام نظامية واضحة ومفعلة من قبل الجهات المختصة.
وكثيرا ما نجد الجهات المختصة في الدول المتقدمة تقوم بإيقاف الإعلانات المضللة وتغريم الشركات المعلنة، وبالذات في مجال المواد الغذائية. ففي عام 2012 دفعت شركة فيريرو التي تصنع شوكولاتة نوتيلا غرامة ثلاثة ملايين دولار في قضية رفعتها امرأة في ولاية كاليفورنيا، بسبب إعلان مضلل، يزعم أن "نوتيلا" طعام صحي، وكانت هذه الشركة قد زعمت في إعلان تلفزيوني أن شوكولاتة نوتيلا هي طعام صحي، رغم أن بضع ملاعق منها تحوي أكثر من 200 سعرة حرارية و11 غ من الدهن، نسبة كبيرة منها من الدهون المشبعة مع 21 غ من السكر، أي ما يعادل ثلاث قطع شوكولاتة كبيرة. وفي بريطانيا، تقوم وكالة معايير الإعلانات التجارية البريطانية بطرح أسئلة على المشاهدين في القنوات التلفزيونية وقاعات السينما بعد فقرة الإعلانات التجارية، عما إذا كان يعتقد المشاهد أن هذا الإعلان مضلل، وتطلب منه أن يتصل على الهاتف المجاني للوكالة.
وأخيرا بقي أن نقول: إنه من المؤمل من وزارة الثقافة والإعلام ووزارة التجارة والصناعة وهيئة الغذاء والدواء وجمعية حماية المستهلك أن تنظر في النصوص النظامية المتعلقة بالإعلانات التجارية التي تضمنها نظام المطبوعات والنشر ولائحته التنفيذية والأنظمة الأخرى ذات العلاقة، وتعمل بشكل مشترك على تفعيلها وتطوير ما يحتاج إلى تطوير منها وإعادة هيكلة الإدارة أو الإدارات المسؤولة عن التطبيق وتطويرها بما في ذلك توفير ما تحتاج إليه من كوادر وموارد تمكنها من تفعيل الأحكام النظامية وتطبيقها على أرض الواقع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي