فيصل.. والأركان الثلاثة

وهو يفكر في التقدم للمقعد الأول لنادي العاصمة, الأصفر, قالت له الأميرة نورة بنت سلطان بن عبدالعزيز: "أنا قلقة, الكرة لدينا تفتقد أشياء كثيرة, لا أريدك أن تدفع الثمن". لم يتجاوز رده الجملة القصيرة: لن أتقدم خطوة دون موافقتك.
.. في المساء تحول النقاش بين الابن ووالدته, إلى نقاش بين الأب وولده, قال فيصل: "من الظلم أن يبقى هذا النادي العظيم هكذا, لا بد أن يتقدم أحد ما, ليفعل شيئا". ونظرات الأب تغوص في عيني ابنه, تابع الأخير: "أشعر بأن لدي شيئا أستطيع أن أقدمه للنادي الذي أحبه". انحنى فيصل على ركبتيه, قبّل يدي الأمير الوقور الجالس أمامه, مباشرة وبكل ثقة, قال: "أريد موافقتك, ومباركتك, وأريد أن تقنع والدتي, بدونكما لن أمضي".
في المساء, تولى الأمير تركي بن ناصر إقناع والدة فيصل بالأمر, ومضى فيصل في خطواته الأولى, يحلم بإعادة بناء النادي الأصفر العظيم, ذي الأركان المهدمة بفعل الزمن وغزوات الخصوم, وجور أولي القربى أحيانا.
.. قبل الاجتماع الأول لإدارته, قال له مستشاره الخاص وصديقه الذي لا يحب الإعلام ولا يذكر اسمه فيه منذ خمسة أعوام: "البناء يحتاج إلى أركان, حتى يكون لديك فريق كرة قدم قوي تحتاج إلى ثلاثة أركان مهمة: قائد قوي يتصف بالخبرة, شباب مهرة صاعدون, وهداف حقيقي يترجم الجهود".
.. الركن الثاني متوافر, إذ تصادفت أول أيام الرئيس الجديد, مع صعود جيل شاب طموح وموهوب إلى الفريق الأول, يتقدمهم عبدالله العنزي, إبراهيم غالب, شايع شراحيلي. ماذا نفعل لنتمكن من توفير الركنين الآخرين؟. كان هذا السؤال وكان الجواب: لا بد من شراء عقدين للاعبين مهمين. السؤال الثاني تفجر كالقنبلة: الفريق يمر بمرحلة سيئة, كيف نتمكن من إقناع لاعب مهم بالانتقال له؟ هذه المرة أتى الرد من جانب الرئيس الجديد: سندفع أضعاف ما يدفعه الآخرون وسيوافقون.
نجح الرئيس الشاب في مساعيه, وتمكن من توفير الركنين الآخرين, بنى فيصل بن تركي, طموحاته على قائد خبير مخضرم, وهداف ولد في منطقة الجزاء, وشباب مهرة متحمسين صاعدين. كانت هذه الخلطة السرية للنصر الجديد.
.. ربما لا يملك فيصل بن تركي قدرات توجد في بعض أقرانه الرؤساء, ولكنه يملك شيئا آخر لا يوجد إلا لديه, إنه رئيس يشبه مرؤوسيه, انصهر داخلهم وفي عوالمهم, فأحبوه, يأكل معهم في القدح نفسه, يشرب شرابهم, ويضحك مثلهم, يتربع جالسا بينهم يشاركهم كبسة بخاري, وهو الذي يستطيع أن يتناول كافيار بحر قزوين الفاخر في كل الوجبات, يشتم الكرة بأقذع الألفاظ إن خسر, ويجري في الملعب مثل اللاعبين بعد الفوز, يمازح لاعبيه بعياراتهم الخاصة, لا يفكر أكثر مما ينبض قلبه, يؤمن بتخصيص العمل, ويحترم ويتفهم متطلبات لاعبيه الصغيرة والبسيطة والغريبة أحيانا, إنه رجل لا يتصنع ولا يمثل, ولا يتذاكى. قبل المباراة المصيرية أمام الغريم التقليدي الهلال, قال فيصل لداسيلفا: سنسجل في أي وقت من المباراة, أنا متأكد من ذلك, لا تقلق من المقدمة, فقط أضمن لي ألا يسجلوا هم. أجاب الأورجوياني الخبير: سنستخدم شفرتنا الخاصة لن يصلوا للمرمى, لم يفكوها بعد. في الاجتماع باللاعبين قال الرئيس للاعبيه: "لا شيء سيمنعنا من تحقيق حلمنا, بيننا واللقب خطوة فقط". مد ذراعه في المنتصف, امتدت الأذرع من حوله والأكف تتهاوى فوق بعضها, والجميع يقول بلا صوت: لا أحد سيمنعنا من تحقيق حلمنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي