سلامة الأغذية .. المطلوب رقابة مستمرة وصارمة

إدارة الرقابة على الأسواق المحلية في هيئة الغذاء والدواء ضبطت خلال جولاتها التفتيشية في المطابخ المركزية في مكة المكرمة خلال الأيام الماضية ما يزيد على طن من لحوم الدجاج الفاسد؛ بل غير الصالح للاستهلاك الآدمي وتمت المصادرة والإتلاف للكميات المضبوطة وتستمر جولات الضبط على مستودعات الأغذية ومراكز توزيع وتخزين الأغذية الرئيسة من خلال عمل مفتشي الهيئة الذين لهم صلاحيات مأموري الضبط القضائي.
هناك أهمية للرقابة على تصنيع وتوزيع الغذاء، حيث لا يمكن توفير الحماية الصحية للمستهلكين سوى بالفحص الدقيق للغذاء للتأكد من توافر الاشتراطات العامة للنقل والتخزين وغيرها من متطلبات صلاحية الغذاء للاستخدام الآدمي، ولذا فإن الجولات التفتيشية القوية يجب أن تكون دائمة ومستمرة على جميع المطابخ ومخازن المستوردين، مع تطبيق المعايير الصارمة، فزيادة الطلب الذي يسرع من العملية التسويقية يرى فيها بعض التجار فرصة للتسويق السريع الذي يشوبه الاحتيال والإضرار بالمستهلك، وهو فعل يستوجب العقاب على المطاعم والمطابخ ومستودعات الغذاء والقائمين عليها، لوجود شبهة جنائية وقصد متعمد يتحمّله في النهاية شخص طبيعي يدير هذه العملية التسويقية.
لقد تعود بعض التجار على التساهل غير المحدود الذي كان محل نقد للكيفية التي تتم بها مراقبة الأسواق، واليوم هناك جولات تفتيشية على الأسواق وتدخل مباشر من لجان هيئة الغذاء والدواء وتشهير بالمخالفين لأن ذلك سينظف السوق ممن تعودوا تجاوز التعليمات؛ بل شهدت الفترة الأخيرة تواصل التشهير بالمخالفين أمام الجمهور وعلى الملأ من خلال وسائل الإعلام، وهي خطوة عملية، فالمستهلكون لهم قرارهم وموقفهم من تلك المحال ومن تلك المطاعم ومبيعاتها وخدماتها ومن المتوقع؛ بل من المؤكد أن تؤتي قرارات التشهير نتائجها سواء في مجال مكافحة الغش التجاري أو التستر التجاري أو المغالاة في الأسعار، كما أن فرض العقوبات النظامية وعدم التفاوض مع المخالفين وتوالي نشر الأسماء وطبيعة المخالفات، سيكون لها أفضل الأثر في حماية العملية الإنتاجية من صور الغش المتنوعة.
لقد منح النظام لهيئة الغذاء والدواء استقلالا واسع النطاق، حيث تتمكن من إتمام مهامها الرقابية بالشكل الذي يحمي المجتمع من تسرب منتجات غذائية ودوائية أو منتجات صحية أخرى قد تكون ضارة، وإن أهم عنصر في نجاح الحملات التفتيشية هو تحقيق عنصر المفاجأة والوصول بسرعة إلى المواقع المشكوك في ارتكابها مخالفات تستوجب العقاب، وهذا يتطلب وجود عدد كاف من المفتشين والسيارات والفرق الميدانية المتكاملة، وتنفيذ الحملات في وقت واحد، فالمخالفون يتبادلون خبر شن الحملات ضدهم، بل يعتمدون على نقل الخبر ويتبادلونه بسرعة عالية، في حين أن الواجب عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى.
لقد طالت المخالفات مطاعم شهيرة، وثبت أن ترك الحبل على الغارب ليس قرارا صائبا، وأكثر خطأ منه هو افتراض الثقة والأمانة في صناعة وتقديم الغذاء للجمهور، فالصحة العامة ليست محلا للهزل، كما أنها ليست ميدانا للتكسُّب غير المشروع وتسويق الطعام الرديء، وإذا كان التساهل غير مجدٍ، فإن المحافظة على صحة مرتادي المطاعم وحمايتهم من ضعاف الذمة، أمر في غاية الجدية، وهو محل تأكيد من قبل المسؤولين الذين يقلقهم، بلا شك، تلك الأخبار المتداولة عن سوء تخزين الطعام وإعداده، وحكم الشريعة الإسلامية واضح تماما فـ ''مَن غشنا فليس منا''، لأنه بفعله المخالف لأبسط قواعد التعامل يعرّض حياة الناس للخطر، ويضع الجهات الرسمية أمام تحدٍ من أجل تطبيق النظام ووضع التعليمات موضع التنفيذ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي