Author

لماذا الثقافة ؟

|
بينما كان أحد المثقفين منهمكاً في قراءة كتاب، صادفه أحد أصدقائه وقال مستغرباً: ألا تمل من كثرة القراءة؟ ما الفائدة من القراءة والتثقف؟ للإجابة على هذا التساؤل، نحن بحاجة للتعريج على مفهوم الثقافة اصطلاحاً، وهو كغيره من المفاهيم تتعد تعاريفه، لكن تظل المعاني متقاربة، و إذا بنينا على أقل تقدير في هذا المقال، أن الثقافة هي ما يكتسبه الإنسان من معلومات وأفكار عن مجالٍ ما بواسطة القراءة والبحث والتجارب الحياتية العملية، سنسأل أنفسنا، ما هو الغرض من التثقف؟ وما هي عوائده على الفرد والمجتمع؟ بالتأكيد لا توجد إجابة كاملة و شاملة لهذه التساؤلات، لكن بالإمكان القول أن للثقافة أثر كبير و واضح على المستوى المعيشي لحياة .الناس العامة، فهي ليست من الكماليات، بل هي من الأساسيات التي يحتاجها الناس وبدونها لا تستقيم الحياة. كلما ارتفع مستوى ثقافة الشعوب والمجتمعات، كانت حياتهم أرقى وأفضل، وكلما افتقرت الشعوب للثقافة تدنى مستوى الحياة بشكل عام، فامتلاك شعب للثقافة السياسية ووعيهم بالعملية الديمقراطية على سبيل المثال سيمكنهم من بناء دولة قوية و متماسكة، تفصل بين السلطات، وتملك دستوراً، وتكفل الحريات، وغيرها من أسس الدولة المدنية الحديثة، وضمن حدود المجتمع، شياع ثقافة التعايش وقبول الرأي والرأي الآخر سيوفر على المجتمعات تكلفة الصراعات الاجتماعية والحروب الأهلية، و وعي المجتمعات بقوانين المرور وأهمية الالتزام بها، سيجعل حركة المرور أكثر يسراً وسهولة ، وسيحفظ أرواح الكثير من البشر، و سيوفر على الناس والدولة تكلفة الحوادث المرورية سواء كانت بشرية أو مالية. وعلى المستوى الفردي، امتلاك الشخص لثقافة صحية عالية سيُجنبه كثيراً من الأمراض وتجعله أكثر نشاطاً وحيوية، و لنا أن نعمم هذا على حالة المجتمع الصحية العامة، كذلك تثقف الإنسان ذاتياً وبحثه في جوانب تنمية المهارات الشخصية، سيجعل منه شخصاً منتجاً وأكثر فاعلية من غيره، وكلما ازداد عدد الأشخاص المنتجين والمتميزين، ارتقى وتطور المجتمع أكثر فأكثر. كل تلك الأمثلة تبين لنا واحدة من أهم عوائد الثقافة على الفرد والجماعة ، ومن يتوهم أن توجه الإنسان نحو الثقافة يستوجب بالضرورة الترفع عن الاهتمامات الحياتية العامة، والعزلة والغوص في نظريات ،كتب سقراط وأفلاطون وأرسطو دون مقاربتها لواقعنا فهو مخطئ، فالثقافة يجب أن تنعكس على حياة البشر وسلوكياتهم ونمط تفكيرهم لمعيشة أكثر رقياً.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها