FINANCIAL TIMES

المنافسة فوق الحد سيئة مثل المنافسة دون الحد

المنافسة فوق الحد سيئة مثل المنافسة دون الحد

هيئة الأسواق والمنافسة البريطانية حددت الحساب الجاري الشخصي في المصارف، ضمن أول مواضيعها للتحقيق الرئيسي. هناك في الوقت نفسه حالات منافسة دون الحد وفوق الحد في مصرفية الحسابات الجارية الشخصية في بريطانيا. هذا نوع من التناقض، فهو ينتج عن تاريخ من التكتل بين المصارف والإفراط في التنظيم، جنباً إلى جنب مع مزيد من الخبرة الأخيرة في مجال التمويل، ضمن ثقافة مدفوعة بالتعاملات مع التركيز المفرط على الأرباح قصيرة الأجل. حتى السبعينيات، كانت جميع المصارف البريطانية تقدم نفس الخدمات بنفس الشروط بصورة أو بأخرى. كانت تفتح أبوابها لنفس الساعات - القصيرة إلى حد ما، التي تم تحديدها لتحقيق راحة المصرفيين بدلاً من راحة عملاء المصارف، الذين كانوا محل ازدراء متعجرف. هذا الاحتكار الشديد من القلة لم يكن جميعه سيئاً: الأشخاص الذين يعملون في المصارف كانوا صادقين بدقة، والمصارف البريطانية لم تفلس قط. بدأت عملية التغيير في عام 1971، مع ورقة رسمية بعنوان: "مراقبة الائتمان والمنافسة" – وكانت ربما لأول مرة في بريطانيا تتقارب فيهما كلمتا المنافسة والائتمان. التطورات في العقود الثلاثة التي تلت – التحرير، ثم إعادة القانون التنظيمي بعد التحرر الكبير في عام 1986، وإنشاء بريطانيا وأمريكا المصارف العالمية والتكتلات المالية وعولمة التمويل – أدت إلى تسارع عملية التحول. على أن العادات القديمة لا تموت بسهولة، حيث إنه لا يزال صحيحاً أن جميع المصارف تنظر إلى حد كبير بنفس النظرة إلى عملاء التجزئة التابعين لها. أفادت هيئة الأسواق والمنافسة في دراسة أجراها أحد الداخلين الجدد من ذوي العدد القليل جداً، وهو بنك تيسكو، أن أغلبية واضحة من أصحاب الحسابات تتفق مع فكرة أنه: "لا يمكن أن أزعج نفسي في تبديل الحسابات، ولا أعتقد أنني سأحصل على خدمة أو قيمة أفضل للمال، في مكان آخر". كثير من المشكلات التي سبّبت الضرر لعملاء المصارف، هي نتيجة الضغوط التنافسية بدلاً من غيابها. يتم تشجيع العملاء على إيداع أموالهم أو الحصول على قرض عقاري بأسعار مغرية: القصور الذاتي يعني أن معظم الناس سيلتزمون بهذه المنتجات، حتى عندما تتحول أسعار الفائدة التمهيدية إلى مستويات غير جذابة. من وقت لآخر، يحاول التنفيذيون الذين يتحلون بنوايا حسنة التعامل مع مزيد من العملاء على نحو أكثر عدلاً - حصة 82 في المائة من "رويال بانك أوف أسكوتلاند" - المملوكة للدولة تحاول فعل هذا الأمر بالضبط، واعدةً بأنه لن يتم التعامل مع العملاء الحاليين، بطريقة أسوأ من تلك المعاملة مع العملاء الجدد. أما التاريخ فيظهر أن التنافس على أعمال جديدة، يعني أن الأشخاص الأخيار الذين يحاولون انتهاج هذا النهج، يتخلون عنه عندما يرون تأثير ذلك في حصة السوق. يمثل البيع الخادع غير المجدي أو دفع مبلغ تأمين مقابل الحماية، وهو أمر غير مجدٍ عملياً للمقترضين، إساءة للزبائن في المصارف المنتشرة في مختلف أرجاء النظام المالي. حجم هوامش المصارف التي يمكن أن تكسب من هذه السياسات كان له تأثير تنافسي في الدفع باتجاه خفض سعر الفائدة، على إقراض المنتجات الأساسية إلى مستويات غير قابلة للاستدامة. كان بيع القروض ممكناً من الناحية العملية فقط في حال استطاعة المصرف بيع التأمين المبالغ فيه على القروض، جنباً إلى جنب القروض. قد تكون جميع المصارف أفضل حالاً إذا كانت قد وافقت جميعها على وقف هذه الممارسة - إلا أن قواعد المنافسة بحق، جعلت عملية قبول مثل هذا الاتفاق، عملية غير قانونية. المشكلة الأساسية في السوق هي الضغوط التنافسية التي تلزم المصارف أن تقدم لعملائها حسابات جارية مصرفية "مجانية". بطبيعة الحال، ليس هناك شيء من هذا القبيل: المصارف تحقق أرباحاً من الحساب الجاري بطرق أخرى، فهي تعرض على العملاء "حزمة حسابات معلبة" مع امتيازات نادراً ما تكون جديرة بالمال الذي يُدفَع مقابلها. وهي تفرض رسوماً عالية بشكل غير معقول مقابل خدمات أخرى؛ مثل تحويل الأموال إلى الخارج والسحب على المكشوف غير المصرح به. وهي تحاول إجراء خدمات البيع لمنتجات بالجملة، التي ربما لا تحتاج إليها وبالتأكيد يمكنك الحصول عليها بأسعار أرخص، في أماكن أخرى. سوق الحسابات الجارية الشخصية إحدى الأسواق التي يوجد فيها عدد قليل نسبياً من مقدمي الخدمات والمنتجات، التي تكون التعرفات فيها معقدة ومتعددة الأوجه، بحيث لا تكون خصائص المنتجات أو تكاليفها مفهومة بشكل سهل. ليس من الضروري أن تعمل المنافسة دائماً بشكل جيد لمصلحة المستهلكين في الحالات التي من هذا القبيل، كما أن هذه السمات واضحة بصورة متزايدة في عدد كبير من الصناعات، على سبيل المثال تعرفات الطاقة وعقود الهواتف الخلوية. المنافسة المحدودة ربما تؤدي في الواقع إلى نتائج أسوأ بالنسبة للزبائن من المنافسة الشاملة أو التجمع الاحتكاري. هذا الوضع، ربما يفسر لنا الطابع المبدئي نهج سلطة المنافسة والأسواق، بالذات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES