«الصحة البيئية» .. وتنسيق الجهود وربطها

كان لي في مجال البحث والاختصاص شرف التواصل والتعاون أخيرا مع بعض المنظومات والقطاعات الصحية والبيئية ذات العلاقة في عالمنا العربي والخليجي، وكذلك مع المتابعين والمختصين في مجتمعنا المحلي عن الواقع والطموح في دعم وتفعيل ثقافة وتطبيقات وبرامج ''الصحة البيئية'' والصحة المهنية، كما تتوافر بعض الإدارات والأقسام واللجان والجمعيات المتنوعة في بعض المنظومات ذات العلاقة مثل ''وزارة الصحة، الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أمانات المناطق والبلديات، وزارة التجارة والصناعة، هيئة المدن الصناعية، وزارة العمل، المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، اللجان الأولمبية في الرياضة ورعاية الشباب'' تقوم بمتابعة وخدمة تطبيق هذا العلم والتوجه، حيث لوحظ الإجماع من قبل المختصين والمتابعين لعلم وثقافة وتطبيقات ''الصحة البيئية'' على هامش الندوات والمؤتمرات والاجتماعات المهنية والعلمية المحلية يثمن جدوى الحاجة إلى التوافق والتناغم في دعم وتفعيل وتنسيق وربط جميع هذه الجهود المتنوعة في مختلف القطاعات الحكومية ذات العلاقة تحت مظلة تنظيمية بهدف الإشراف والمتابعة والتطوير.
يشير المرصد الصحي العالمي لمنظمة الصحة العالمية في محصلة استراتيجيته للتعاون القطري إلى تفاصيل وجداول بيانية لواقع ''الأولويات السبعة للصحية البيئية'' المطلوب توافرها في دول إقليم الشرق الأوسط، حيث تحتاج المملكة العربية السعودية إلى معالجة وتفعيل بعض محاور هذه الأولويات مثل ''الماء والإصحاح والصحة، المواد الكيمائية والنفايات، التأهيل والجاهزية للطوارئ''، الجدير بالذكر أن مخاطر التلوث البيئي على الصحة العامة في إقليم الشرق الأوسط تمثل ما نسبته 24 في المائة من إجمالي الأمراض المتوافرة، خصوصا الأمراض السارية وغير السارية ''أكثر من مليون من الوفيات و38 مليون سنة من سنوات العمر المصححة باحتساب مدة العجز DALY التي تضيع في كل عام''.
وحيث إن واقع التخطيط الاستراتيجي للخدمات التي تجمع في واقعها بين ''الصحة مع البيئة'' يدعم وينشد التنظيم والتوسع في توافر وتقديم مختلف المحاور والمعطيات المهنية والعلمية والتقنية والتوعوية في هذا الخصوص، كما أن هاجس التناغم بين توافر محاور وتطبيقات الصحة العامة والحماية من المخاطر والملوثات البيئية يستشرف وينشد تحقق التكامل والتوازن العملي والعلمي لجميع مدخلات ومخرجات برامج ومشاريع التنمية المستدامة عندما تعزز مشاركة الفرد والمجتمع السليم واقع القدرة على الإنتاجية المهنية والمساهمة العملية في التنفيذ والتطبيق وخدمة الصالح العام للمجتمع في هذا الوطن.
وهنا يجدر التنويه للتناغم الزمني الإيجابي في هذا الخصوص مع بدء تطبيق خطة العمل القادمة ''الاستراتيجية الإقليمية لصحة البيئة'' من قبل منظمة الصحة العالمية في الفترة القريبة القادمة 2014- 2019 التي تشرح وتوزع الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من قبل دول إقليم الشرق الأوسط في واقع رصد وتنظيم القدرات الصحية البيئية ورفع معدل التثقيف والتوعية المجتمعية، وكذلك في توافر المعايير والدلائل والأدوات التقييمية.
وأجد أنه من المناسب هنا أن أقترح استحداث منظومة حكومية تنظيمية في شكل هيئة أو مجلس للصحة البيئية''، وذلك بهدف دعم تحقق وتوافر وخدمة المعطيات والمحاور التالية: ''توحيد نهج آليات العمل المهنية والعلمية والتثقيفية والتقنية من خلال مرجع تخطيطي إشرافي يدعم وينظم التنسيق وتوزيع المهام في واقع التخطيط الاستراتيجي قصير وطويل المدى، توافر قاعدة معلوماتية وبيانية موحدة، وكذلك في خدمة الربط الإلكتروني الموحد لجميع المنظومات والقطاعات ذات العلاقة، الإشراف التنفيذي والدعم لجميع الدراسات والأبحاث في مجال تطبيقات الصحة البيئية، التنسيق والتعاون والاجتماع الدوري مع جميع الإدارات والأقسام واللجان الصحية البيئية في مختلف القطاعات والمنظومات والهيئات المحلية، خدمة صناعة القرار الاستراتيجي من خلال الرفع بالمقترحات والدراسات والأبحاث الفاعلة والقابلة للتنفيذ وخدمة تطبيقات هذا التوجه العلمي، العمل على تفعيل واقع مفهوم وثقافة وتطبيقات الصحة البيئية الراهن للفرد والمجتمع ''التثقيف والتوعية'' بهدف الشراكة والمساعدة المجتمعية عند التنفيذ والتطبيق لجميع البرامج والمشاريع في هذا الخصوص، التواصل والتعاون مع مراكز الأبحاث والدراسات العربية والدولية في مجال تطبيقات الصحة البيئية بهدف الاستفادة ورفع معدل الجودة النوعية في واقع ومستقبل الآلية العملية للتطبيق والتنفيذ، الترخيص والتأهيل في مجال الصحة البيئية للمشاريع والبرامج والفعاليات الصناعية والعلمية والإعلامية والاستشارية''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي