إمارات المناطق .. والاستثمار في الميزات النسبية

طالعتنا ''الاقتصادية'' في وقت سابق بخبر حول اعتزام شركة أعمار العقارية في دبي إطلاق صندوق بقيمة 100 مليون دولار لتشجيع روح المشاريع في الأعمال العربية، مع التركيز على الأزياء والبيع بالتجزئة، حيث يسعى المطورون إلى ترسيخ مكانة الإمارة كعاصمة الشرق الأوسط للأزياء.
وتبادر إلى ذهني من خلال قراءة هذا الخبر والتركيز على تشجيع روح المشاريع في الأعمال، أننا لدينا أيضا نحن هنا في المملكة القدرة على المبادرة وتأسيس مثل هذه الصناديق عن طريق إمارات المناطق وبرأسمال من صندوق الاستثمارات العامة، وإنشاء شركات ومصانع تستفيد من الميزة النسبية للمناطق المختلفة لدينا في المملكة، كزراعة الزيتون في الجوف، والمانجو في جيزان، والثروة السمكية في القطيف، والأماكن الأثرية في محافظة العلا، وغيرها .. فوزارة المالية عليها زيادة الدعم في مثل هذه المناطق، تماما مثل ما عملت في زيادة نسبة الإقراض للمناطق الأكثر نمو عن طريق صندوق التنمية الصناعي، ودخول صندوق الاستثمارات العامة كمؤسس ومتبني لإنشاء شركات متخصصة تقوم على الميز النسبية لكل منطقة بالشراكة مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والقطاع الخاص المهتم، كذلك قيام وزارة التجارة والصناعة من خلال وكالتها للصناعة بتحديد الميز النسبية لكل منطقة والعمل على دعمها، إضافة إلى قيام هيئة المدن الصناعية بتوفير وتطوير المدن المناسبة والمؤهلة لاستيعاب تلك الصناعات، أما وزارة التخطيط والاقتصاد، فلها دور كبير في هذا المجال، حيث يشهد التاريخ لها على ما قامت به عند إنشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع التي يشار إليها بالبنان، وأصبحت من المدن الصناعية المعروفة على مستوى العالم ومحط أنظار المستثمرين من مختلف الأقطار، ولن تكتمل الجهود إلا بوجود وزارة العمل التي يجب أن تعمل على قيادة تأهيل المخرجات المناسبة لهذه الصناعات بالتنسيق مع وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، إلى جانب المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وجميع المعاهد التعليمية الأخرى، حيث سيكون العائد المادي لهذه المناطق مستقبلا مرتفعا جدا، والأهم أنه مثل هذه الخطوات ستوفر وظائف عديدة تقلل من هجرة أبناء تلك المناطق إلى المدن الرئيسية في المملكة.
وأضرب مثالا آخر في هذا الجانب، عندما أدار الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - في ظل قيادة الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - إطلاق وإنشاء الشركة السعودية للصناعات الأساسية ''سابك'' وذلك لاستغلال ميزة نسبية يكتنزها وطننا الغالي، حيث وفرت هذه الشركة آلاف الوظائف للشباب السعودي وما زالت كذلك، إضافة إلى إسهامها في تطوير مدن عدة كالجبيل وينبع وغيرهما من المحافظات المجاورة لها، ما يحتم علينا التفكير بكل جدية في إطلاق المزيد من مثل هذه النماذج، واستغلال الميز النسبية للمناطق الأخرى، وإنشاء كيانات تدعم الاقتصاد، وتحقق نموا اقتصاديا وتوفر الوظائف اعتمادا على الميزة النسبية لمناطق المملكة، وتكون محفزا لانطلاق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ونموها في شتى مناطق المملكة ومحافظاتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي