Author

حديث الرواتب

|
يستأثر الحديث عن رفع الرواتب باهتمام عام على أساس أن لا أحد لا يرغب في زيادة الخير خيرا.. غير أن هذه البديهية لا ينبغي التسليم بها بشكل مجرد لأن زيادة الرواتب وإن كانت تعني ارتفاعا في سقوف دخول موظفي الدولة فإنها لن تعني على نحو أكيد زيادة في جميع دخول أفراد المجتمع، سواء العاملون في القطاع الخاص أو ''المتسببون''، فضلا عن أولئك الذين بلا عمل من عموم أفراد الشعب وهم نسبة غالبة.. ما يعني أن زيادة مرتبات موظفي الدولة لن تكون حلا عادلا في توزيع الثروة وإنما ستلعب فقط لمصلحة موظفي الدولة دون سواهم!! هذا جانب حقوقي في المسألة، فضلا عما سيترتب على هذه الزيادة من تبعات تترافق عادة معها مثل غلاء الأسعار وارتفاع نسبة التضخم كما هو معروف، فذلك يحدث تلقائيا لا مغالطة فيه وقد ثبت بالتجربة والمعايشة ولامسه المواطنون والمقيمون مثلما يقطع الاقتصاديون بأمر حدوثه. وكي نبقى على الرغبة في زيادة دخول الأفراد، دون أن يستأثر بامتياز هذه الزيادة موظفو الدولة وحدهم، فإنه بالإمكان معالجة هذه المسألة من خلال اللجوء لبطاقة الأحوال المدنية التي سبق أن طرح فكرتها بعض الكتاب، مما سيسمح لكل مواطن أن يصله مبلغ من المال مثل غيره تماما.. وهو إجراء مع عدالته فإنه يحتاج كي لا يقودنا إلى النتيجة السابقة في تزايد الأسعار والتضخم، إلى أن يترافق مع إنشاء جمعيات تعاونية في المدن والقرى تقودها الدولة تتيح سلعا تموينية وغيرها بأسعار محددة لا تستهدف الربح على النحو الذي يستهدفه التجار والمستثمرون، ويتيح للمستهلك أيا كان الحصول على احتياجاته دون كبير عبء، بل سيلعب وجود مثل هذه الجمعيات دورا مؤثرا في لجم جشع التجار أنفسهم ويؤدي إلى إحداث نوع من التوازن النسبي لا يقطع الطريق على حراك حرية السوق ولا يرغم الناس على الخضوع لسطوته!!
إنشرها