صديق ابنتي!

منذ شهر تقريبا اتصلت بي إحدى الأمهات وصوتها يرتجف خوفا، فقد اكتشفت أن ابنتها ذات السنوات العشر تحادث شابا استغل براءتها ونقاءها وطفولتها، تحت زعم أنه صديقها كما يحدث في أفلام الكرتون، وهو يطلب منها أن يراها من بعيد حين تكون معنا، ومن سذاجة طفلتي أعطته موعد ذهابنا لمول الرياض جاليري، كانت الأم منهارة تماما، ومن ثم سألتني ماذا أفعل؟
ولأنني أعرف جيدا كيف يفكر مثل هؤلاء، سألت الأم: هل طلب منها علامة معينة تدله عليها؟ قالت: نعم أن ترتدي طوقا وحذاء أحمر، طلبت من الأم أن تنفذ بدقة ما طلبه الشاب من ابنتها، وأن تذهب معها في الموعد والمكان نفسيهما، لكن بعد أن تتفق مع فرع الهيئة القريب منها، قالت أخشى أن يؤثر ذلك في نفسية صغيرتي، قلت لها: ثقي بي، أي كلام ستقولينه لها لن يكون مؤثرا مثل أن تعيش الموقف نفسه، ابنتك يا سيدتي بعقلها الطفولي رسمت صديقا لها مثل عدنان ولينا، وهكذا يتم استغلال أطفالنا، خاصة أنه أوهمها - كما أخبرتني بعد اطلاعك على ''الدردشة'' - أنه قال لها إن عمره 12 عاما، كما أن اتفاقك مع الهيئة بالإمساك بالشاب في تلك اللحظة، سيكون درسا مؤلما له، ومشكلتنا أننا ندفن رؤوسنا في الرمال ولا نواجه مشاكلنا، وفعلا نفذت الأم ما اتفقنا عليه، إلا أنها لم تبلغ الهيئة، وفضلت أن تستعين بمساعدة اثنين من أشقائها خشية الفضيحة أو أن يقوم أحد المتطفلين بتصوير حادثة القبض على هذا الشخص، فيتعرف الناس عليها وعلى طفلتها، وكانت الطامة الكبرى أن ذلك الشاب كان رجلا في الخامسة والثلاثين من عمره، تقول عرفته حين كان يحوم حول طفلتي وهي ممسكة بيدي وتتلفت تبحث عن رفيقها الصغير المخلص الوفي، كان يمشي خلفنا، وكان أشقائي يمشون خلفه، كنت مرعوبة تماما، ووقفت أمام أحد المطاعم وتظاهرت بانشغالي بالجوال وللحظة واحدة اقترب منها وهتف باسمها، وشعرت بصغيرتي تلتصق بي خوفا تقول الأم بعد خروجه من السوق لحقه إخوتي إلى منزله وضربوه ضربا مبرحا، وهددوه بقتله إن عاود الاتصال بابنتي أو غيرها وأخذوا منه جواله. إلى هنا انتهت قصة هذه الأم التي أدمت قلبي من ناحيتين، أولا براءة الطفولة حين تنتهك، وثانيا هذا الشخص الذي تمنيت ألا يفلت بفعلته، وأن ينال جزاءه شرعا حتى لا يكرر جرائمه مع صغيرات بريئات لا ذنب لهن سوى إهمالهن من قبل أهاليهن، ومنحهن الثقة المفرطة من دون أي رقابة أو توجيه.
أتدرون كيف تعرفت هذه الطفلة على هذا الذئب البشري، أحقا تريدون أن تعرفوا؟
هناك ألعاب على النت انتشرت بين الفتيات الصغيرات (7-11) سنة من ضمنها لعبة (السمكة السعيدة) و(فن رن) تتيح لهن، أو تجبرهن بطريقة ما على إضافة الأصدقاء من خلال الدردشة والمحادثة بينهم، وقد يصلون للعشرات وطبعا أغلبيتهم مجهولون وبأسماء مستعارة، هذه الألعاب وأمثالها كارثة على أخلاق وقيم بناتنا، وفيها من سقط القول الذي يجري ما يشيب له الرأس، ولولا أني أخشى أن أعكر أبصاركم بالكلمات المنحطة والعبارات المبتذلة لنقلت لكم شيئا منها من خلال العديد من رسائل الواتس التي وصلتني من أمهات صورن لي ما يجري في دردشات هذه الألعاب من الكلام البذيء، وذلك من صدمتهن ''وحرتهن''، فيا أيها الآباء والأمهات تفقدوا الآيباد واللابتوب، واحذروا من هذه الألعاب الهادمة للأخلاق والقيم، مع التخطيط لبديل مفيد عنها، والتحدث لبناتكن واحتوائهن وإغداق الحب عليهن، علموهن كيف يلجأن إليكم ويشعرن بالأمان معكم، أبناؤكم وبناتكم ثروتكم الحقيقية في هذه الحياة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي