كيف نصنع الهمة لمن لا همة له ؟

كيف نصنع الهمة لمن لا همة له ؟

لا نحتاج إلى عضلات مفتولة حتى نصبح من ذوي الهمة فقد كان أبوبكر رضي الله عنه نحيفا , ولا نحتاج إلى الجمال والوسامة لنحتضن الهمة فإن عطاء بن أبي رباح كان أعورا , أفطسا , أعرجا ثم أصبح أعمى , ولا نحتاج إلى أموال طائلة لنشتري الهمة ! فقد عمل ابن حنبل حمالا ليسد جوع بطنه. الذين ارتشفوا طعم الهمة وجدوا لها مذاقا خاصا لا يشعر به أحد سواهم . قال عمر بن عبد العزيز لوزيره رجاء بن حيوة " إنَّ لي نفسًا توّاقة, تاقت إلى فاطمةُ بنت عبد الملك فتَزَّوَجتُها, وتاقت إلى الإمارة فَوليتُها, وتاقت إلى الخِلافة فأدركتُها, وقد تاقت الآن إلى الجنة، فأرجو أن أُدركَها". و حين نفقدها نشعر أننا كالمهمّشين الذين لا دور لهم في الحياة. وانظروا إلى أنفسنا في خلواتنا نحدثها سرا وماذا بعد تلك السنين التي عشناها ؟ , هل أضعنا تلك الهمة في الطريق ؟ , وكيف نعثر عليها ؟ وأين نجد تلك البذرة التي هي في أعماقنا حتى نسقيها لتنمو وتشرق بأوراقها فتصبح نفسا توّاقة ؟. أولا لابد أن نبحث لنا عن سبب أو دافع ذاتي قوي وذلك هو المحرك , وقد يكون دينيا أو أخلاقيا أو دنيويا , وقد يختلط أو يجتمع بعضها ببعض لدى ثلة من أصحاب الهمم. ثانيا أن نعلم أن أصحاب الهمة قلة ولكنهم هم الصفوة وتلك ميزة وشرف يتمناه العاقل . وليست العبرة هاهنا بالكثرة بل بالقيمة والجودة , ولنتأمل قوله سبحانه وتعالى " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " , وقوله " وَلـكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمونَ ". وفي الطرف المقابل يقول سبحانه " وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ " , وغيرها من الآيات الكثير في الكتاب المنير. ثالثا علينا بصحبة ذوي الهمم والقمم , وتعلق بهم كما يتعلق الطفل بأحضان أمه. والحرص على حضور ندواتهم و دوراتهم , والاستماع إليهم في كل حين , وأن نعيش بقربهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. رابعا إن حيل بيننا وبينهم فلنعش مع كتبهم , ونقرأ أفكارهم وآراءهم , ونخاطب ونناقش عقولهم وأفئدتهم كأننا بين أيديهم. ولنحاول أن نتشبه بهم في نمط حياتهم ولكن دون أن نكون نسخة مكررة منهم !. وأخيرا , حين نجد أن أوراق الأغصان التي في داخلنا قد بدأت تصفرّ فعلينا بتمعن قصصهم وكفاحهم فإن ذلك كالغذاء الذي يقوي عودنا , ويرتقي بأرواحنا ومعنوياتنا . عندما كان أبو مسلم الخرساني ( القائد العسكري الأول الذي مهد الطريق لقيام الدولة العباسية) فتى صغيرا كان يتقلب كثيرا في فراشه كأنه على يتقلب على الجمر لا يكاد يغمض له جفن , ولا يهدأ له بال , فكانت أمه تسأله : ما شأنك , فيرد عليها واثقا : يا أماه همة تنطح الجبال !!. الهمة هي حُرقة في الداخل و لذة وشوق في الظاهر.
إنشرها

أضف تعليق