قشرةُ فرانك

ثلاثة أشياء لا يرضى عنها السعوديون مهما جاءت بالجديد, تشكيل مجلس الوزراء, الميزانية العامة, وقائمة المنتخب.
أما الأول والثاني, فسأنظر إليهما في هذه السطور على الأقل وفق مبدأ عبد المطلب الشهير "للبيت رب يحميه" وأما الثالث, فسأخوض فيه مع الخائضين وفق مبدأ الرياضيين جميعا "وش زوده عنا, حتى حنا نعرف نصير نقاد".
لو اختار رايكارد قائمة من خمسين لاعبا, سيجد أيضا من يقول له: لماذا لم تستدع فلانا واخترت فلانا؟ وإن قال لهم: هؤلاء هم الأفضل بالأرقام في الدوري السعودي, قالوا له: الأرقام ولا الألوان يا بو منتخب كحلي, فإن قال: هؤلاء هم الأفضل من وجهة نظري وأنا المدرب. يخرج عليه من لا يعرف عن الكرة إلا استدارتها وينسف تاريخ الرجل نسفا ويقول: مصدق أنك مدرب, أصلا ما ضيع برشلونة إلا أنت. ويميل صاحبنا الناسف على أقرب شخص له ويتمتم: صح كان يدرب برشلونة, ولا ريال مدريد.
في كرة القدم السعودية يمكن للجميع أن يكونوا نقادا, ومدربين, وخبراء, والأخيرة يتعامل معها الأغلبية كرتبة عسكرية تمنح بالتقادم, يكفي أن تقضي في الوسط عشرين عاما أو أقل وتتحول مباشرة إلى رتبة خبير حتى لو كنت في العشرين عاما "سطلا" متحركا, وفي كرة القدم السعودية من السهولة أن تكون ناقدا, ولم أقرأ في حياتي تعريفا للناقد في الصفحات الرياضية, ولو عرفوه لما وجدوا إلا القليلين يستحقون الوصف, وفي كرة القدم السعودية لا يعرف بعض اللاعبين السابقين أن ممارسة الكرة في فترة ما, ثم الاعتزال تمنحه لقب لاعب متقاعد فقط ولا تخوله لبس رداء المدرب بلا شهادات ولا دورات دراسية, وفي كرة القدم السعودية يخلط بعض الصحافيين والمذيعين - ولا أبرئ نفسي - بين الذائقة الفنية الخاصة عندما يكتبون ويتحدثون, والرأي الفني المؤصل الصادر عن معرفة علمية وتجارب تراكمية. وفي كرة القدم السعودية أيضا ناجحون في كل المجالات لكنهم يتوارون خجلا أمام أرتال الفاشلين والمثبطين.
العالمي رايكارد الذي قاد إي سي ميلان في أعظم عصوره لاعبا, وبرشلونة ومنتخب هولندا في أجمل عروضهما مدربا, جرد من كل هذا وأصبح ما في رأسه إلا قشرة، لأنه ضم ياسر القحطاني هداف الدوري المحلي من السعوديين, وأبعد بصاص عن القائمة الأساسية, ولم يستدع نايف هزازي, غريب جدا, إذا كان فرانك لا يفهم ماذا كان يفعل في برشلونة ومنتخب هولندا؟ ومن الذي حقق لقب الدوري الإسباني مرتين متتاليتين وأبطال أوروبا مرة، ووصل نصف نهائي يورو 2000.
ربما لم يحظ منتخب رايكارد حتى الآن برضا تام من الجماهير واللاعبين السابقين ورجال الإعلام والصحافة, ولكن أبرز ما أحدثه فرانك خلال عام ونيف مضى على توليه المهمة أنه لا يستدعي للمنتخب إلا اللاعب المتفوق في الدوري المحلي, وأن تنسيقه للاعبين من القائمة لم يخرج عن أمرين: إما الإصابة, وإما وجود الأفضل في المركز نفسه من وجهة نظره, بخلاف سنوات مضت كنا نعرف قائمة المنتخب قبل شهر على إعلانها.
أعتقد أن انتقاد بعض خيارات رايكارد أمر مقبول متى ما استخدمت فيه أدوات نقد مقبولة، لكن أن يتحول الأمر إلى جلده والتهديد بمقاطعة تشجيع المنتخب في خليجي البحرين، يسير النقد في اتجاه قاعدة الحواري القديمة "لعبوني وإلا أخرب".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي