استدامة الطاقة في الخليج.. السعودية مثالا (2 من 2)

السؤال هنا: ما خيارات سياسات الطاقة التي يمكن أن تساعد دول الخليج والسعودية على تطوير استراتيجية اقتصادية محلية طويلة الأجل أكثر استدامة؟
في هذا الجانب هناك نقطتان أساسيتان تتبادران إلى الذهن.
الجانب الأول هو تنويع تدريجي بمصادر الطاقة بعيدا عن المصادر المحدودة للطاقة مثل النفط والغاز الطبيعي، نحو إمدادات إضافية من بدائل الطاقة. أما الجانب الثاني فيتضمن اعتماد استراتيجية لإدارة الطلب على الطاقة أكثر استدامة.
إن تنويع مصادر الطاقة في دول الخليج سوف يوفر للأجيال القادمة فرصة الحصول على الموارد الهيدروكربونية القيمة للمنطقة، وأيضا سوف يعزز أمن إمدادات الطاقة على المدى الأقرب.
الخطوات الأولى التي اتخذتها دول الخليج في مجال الطاقة المتجددة تشمل خطط المملكة العربية السعودية لإنشاء أول محطة تحلية في العالم تعمل بالطاقة الشمسية على المستوى الصناعي.
الخطوة الأخرى اتخذتها أبوظبي بإنشاء مدينة مصدر. هذه الخطوات سوف تساعد على إظهار جدوى هذه التقنيات الجديدة في توفير مصادر جديدة للطاقة وفي الوقت نفسه تساعد على خلق سلسلة من الفرص التنموية الجديدة، بما في ذلك خلق فرص عمل جديدة لسوق العمل المحلية في مجال التقنيات المتطورة.
كما أن برامج تحسين الكفاءة واستخدام الطاقة النووية تعد هي أيضا من الخيارات في هذا المجال، حيث تنظر العديد من الحكومات في منطقة الخليج بصورة خاصة إلى خيار استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية على أنه حل استراتيجي طويل الأمد لتوفير احتياجات الطاقة المتزايدة. في هذا الجانب اتخذت المملكة العربية السعودية خطوات للتطوير واستخدام هذه المصادر من بينها إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، والمركز السعودي لكفاءة الطاقة.
الجانب الآخر المهم هو اعتماد استراتيجية لإدارة الطلب على الطاقة أكثر استدامة على المدى الطويل. الهدف من هذه الاستراتيجية هو الحد من نمو الطلب على الطاقة وزيادة الكفاءة. أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو عن طريق التوعية الجماهيرية بأهمية ترشيد الطاقة وأيضا عن طريق تسعيرة الطاقة في السوق المحلية، حيث إن الأسعار ترسل إشارات إلى المستهلكين وتؤثر في استخدام الطاقة، حيث إن التسعيرة المنخفضة تشجع على الاستهلاك المفرط وهدر الطاقة.
في هذا الجانب أكد سمو الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز مساعد وزير البترول والثروة المعدنية، رئيس اللجنة المعنية بإعداد البرنامج الوطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة في كلمة ألقاها في المنتدى والمعرض السعودي لكفاءة الكهرباء: ''إن استهلاك السعودية الحالي للطاقة فيه هدر كبير في جميع قطاعات الاستهلاك الرئيسة، مبينا أن قطاع المباني يستهلك ما يقارب 80 في المائة من إنتاج السعودية من الكهرباء، منها 70 في المائة تستهلك في التبريد فقط، ففي تبريد المباني هدر كبير للطاقة، وذلك بسبب انخفاض معامل كفاءة أجهزة التكييف المسموح به في السعودية حاليا، كما أن معظم المباني لا يوجد فيها عزل حراري''.
من ناحية أخرى أكد سموه ''أن السعودية ملتزمة بجميع مسؤولياتها من ناحيتي الأجيال القادمة في المحافظة على هذه الموارد البترولية عن طريق الاستخدام الأمثل للطاقة، والعالم أجمع؛ لكون السعودية أكبر مصدِّر للنفط عالميا؛ ما يجعلها باعثا على الاستقرار والطمأنينة في أسواق البترول العالمية''.
هذا، وقد جاءت توصيات منتدى المعرض السعودي لكفاءة الكهرباء الذي اختتم أعماله في الرياض الشهر الماضي منسجمة مع الكلمة التي ألقاها سمو الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز في المنتدى، ومع الكلمات التي ألقاها السادة المسؤولون والمختصون، حيث أوصى المنتدى بضرورة تطبيق برامج مكثفة لتحسين كفاءة استخدام الكهرباء في السعودية وتمويل هذه الأنشطة. كما أوصى بضرورة تنفيذ تطبيقات ريادية لقياس مدى جودة تطبيق التشريعات ذات العلاقة بكفاءة الطاقة في المباني الحكومية والسكنية التي تشرف على تنفيذها وصيانتها الجهات الحكومية والاستمرار في تطوير المواصفات القياسية السعودية والأنظمة والتشريعات المتعلقة بكفاءة الطاقة وتطوير آليات الرقابة على جودة المنتجات المتداولة في السوق المحلية للتأكد من مطابقتها المواصفات القياسية المعتمدة، والاستعانة بالمختبرات الخاصة لتحقيق هذا الغرض. ودعا المؤتمر - أيضا - في توصياته الختامية إلى تفعيل دور المختبرات الخاصة والاعتماد عليها في فحص المنتجات والأجهزة الكهربائية وتعزيز وتجهيز مختبرات الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بصفتها المختبرات المرجعية الوطنية وتنسيق الجهود الوطنية ومواءمة الخطط الوطنية ذات العلاقة بكفاءة الطاقة بمثيلاتها على الصعيدين الخليجي والعربي وتشجيع العمل الخليجي والعربي المشترك من خلال مشاركة المملكة في أنشطة المنظمات الإقليمية مثل المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. كما أوصى المنتدى بأهمية التشجيع على التوسع في إنشاء المباني الخضراء والمدن الذكية وبناء المشاريع الريادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي