هل يلحق الاقتصاد الإيراني بالحالة الفنزويلية؟

''النفط فضلات الشيطان''
ألفونسو وزير النفط الفنزويلي أثناء تأسيس ''أوبك''

سجّل الريال الإيراني انخفاضاً حاداً مقابل الدولار بلغ نحو 70 في المائة في السنة ونصف السنة الماضية تقريباً. هذا الانخفاض يعكس أزمة مالية بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية التي خفضت العوائد النفطية أولاً، وثانياً بسبب الإدارة الاقتصادية وتنامي مصالح النخبة. طموح إيران الجيوسياسي دفعها إلى جعل التنمية وتطوير إيران خياراً ثانوياً، وهي تسير على خطى فنزويلا كأقدم دولة نفطية فشلت تنموياً. (''الاقتصادية'' ''اقتصاديات النفط والجريمة'' عدد 6245 وتاريخ 16/11/2010).
مراجعة سريعة لاقتصاد إيران تذكرنا أن الشاه نجح في الستينيات في الارتقاء بالاقتصاد الإيراني حين كان النمو يضاهي نمو الصين حالياً، ولكن سرعان ما اعتنق الشاه جنون العظمة (ما أشبه الليلة بالبارحة) في السبعينيات، خاصة بعد أن استطاعت ''أوبك'' من هندسة أول ارتفاع مهم في أسعار النفط على أثر اجتماع طهران عام 1971، بالغ الشاه في الصرف على السلاح وتكالبت الظروف الموضوعية الأخرى إلى قيام الثورة. بسبب ظروف الثورة والحرب تحمّل الشعب الإيراني الكثير إلى أن أنقذ سعر النفط قبل نحو عشر سنوات اقتصاد إيران حتى وصلنا إلى جنون العظمة مرة أخرى، فيغلب الطموح الجيوسياسي على حاجة الشعب وتصبح مسألة الحصول على السلاح الذري ودعم الإرهاب عائقاً أمام تطور إيران.
حاولت إدارة أحمدي نجاد إصلاح الوضع بعدما أرهق الدعم الاقتصاد حين وصل إلى 88 مليار دولار سنوياً عام 2007. أحد معالم هذا الدعم كان وصول إيران إلى استهلاك نصف الإنتاج من النفط بسبب استرخاص الوقود والمنافع. كان الحل الواضح هو تحويل الدعم المالي مباشرة إلى الناس والمصنعين لكي يتحولوا تدريجياً عن الطاقة الرخيصة. المحاولة لم تكتمل بسبب أنه لم يعد لدى الحكومة مال كافٍ لدعم المصنعين، وذلك بسبب تناقص العوائد النفطية بسبب المقاطعة الاقتصادية. نقص العملات الأجنبية أدّى إلى زيادة الطلب على القروض، خاصة أن المصارف تحت رحمة الحكومة. هذه الأوضاع أدت إلى زيادة ملحوظة في عرض النقود والذي زاد بنسبة 169 في المائة من آذار (مارس) 2007 وحتى آذار (مارس) 2012، وبالتالي التضخم في ظل إفلاس الكثير من المصنعين (تزايد النقود وقلة المعروض سلعياً)، فالتضخم تعدّى 25 في المائة سنوياً والبطالة بلغت رسمياً نحو 15 في المائة وأكثر من 20 في المائة غير رسمي. قد يكون هناك خياران، إما أن يكون هناك انفراج سياسي يقود إلى انفراج اقتصادي (ممكن ولكنه غير محتمل) أو أن يصل الاقتصاد الإيراني عام 2014 إلى حالة من العيوب الهيكلية البعيدة المدى وبها يدخل حالة من التردي المتواصل تقود إلى الحالة الفنزويلية ــــ حالة شعبوية سياسياً ونظام اقتصادي حكومي يغلب عليه الفساد وهروب للعقول النيرة وطبقية ماحقة تنتهي بالجريمة. أقول خياراً وليس احتمالاً؛ لأنه في المقام الأخير هو خيار سياسي تقرّره النخبة الحاكمة. أما تطوير إيران أو الطموح الجيوسياسي الذي يصعب تحديد أهدافه ومعرفة فرصة نجاحه وتقدير تكلفته المجتمعية على الشعب الإيراني الذي لم يوفق في إدارة حصيفة منذ أن اكتشف النفط في مسجد سليمان في إيران عام 1908، فتقول إيران إن الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر يعوقان تطورها، ولكن كما يقول ألفونسو لعل ''فضلات الشيطان'' هي السبب، وخاصة عندما تكون ممزوجة مع طموح شيطاني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي