بأي حال ..

يحل علينا هذا العيد والعالم العربي يمر بأحرج مراحل التاريخ على مدى الـ40 عاماً الماضية وأكثرها خطورة. ألا يكفي ما يتعرض له العالم العربي من مخاطر تهدد الاستقرار الأمني وفقر وبطالة وأزمات اقتصادية وكوارث اجتماعية؟
الرئيس العراقي جلال طالباني يؤكد عدم وجود ''وصفة طبية'' لحل الأزمة السياسية في العراق. لا يُحسِد العراق على وضعه وخاصة المعارضة التي تطالب بإجراء إصلاحات شاملة في إقليم كردستان في وقت تستمر فيه الانفجارات المفخخة ووصلت نسبة الفقر إلى 29 في المائة. برغم عشرات آلاف القتلى ومئات آلاف الجرحى والمشردين السوريين واستقالة نائب الإبراهيمي، فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعتبر ديكتاتور الشام ''ضامناً لحقوق الأقليات القومية والدينية في سورية''! يا ترى هل تنتصر ''هدنة العيد'' على مجازر الطائرات السورية؟ في الأردن تتمسك جماعة الإخوان المسلمين ــــ التي تقول إنها لا ترتبط بالجماعات الأخرى ــــ بمطلب الإصلاح عبر معارضة سلمية وإجراء تعديلات دستورية يعتقدون أنها ''ستعيد السلطة للشعب من خلال تطوير قانون الانتخاب وإقرار مبدأ تشكيل الحكومات البرلمانية''. ولكن حتى الأردن تم اختراقها من تنظيم القاعدة ومن خلايا التجسس السورية.
في فلسطين التظاهرات الاحتجاجية ضد غلاء المعيشة في الضفة الغربية أجبرت الحكومة الفلسطينية على تخفيض أسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة. السلطة الفلسطينية ما زالت تواجه عجزا في الميزانية قدره 400 مليون دولار سينمو حتى لو وفت الدول المانحة بالتزاماتها المالية. لبنان ينتقل من انفجار لأشلاء تترامى على الأرصفة وخوف دائم من انعدام الاستقرار. هذا البلد الجميل تركيبة سكانية غير متجانسة أنتجت (دويلات) طائفية بامتياز. هناك معضلة سلسلة الرُتب والرواتب في وقت لا يتعدى معدّل مدخول الفرد اللبناني 450 دولارا شهرياً لا تكاد تكفي ضروريات حياته اليومية.
ما زالت الثورة المصرية تشهد الاحتجاجات الفئوية والتظاهرات أمام مجلس الوزراء والبرلمان معترضة على أزمة رغيف العيش والوقود والسولار. مصر الثورة تعاني من زيادة الأسعار، والمهم الانفلات الأمني وقانونية ''الجمعية التأسيسية للدستور'' والأزمات المرورية. ليبيا تعاني معارك يومية بين القوات الحكومية والمجموعات المسلحة في بني وليد، ومستشفى مصراتة ما زال يعج بجرحى المواجهات الدموية. فعلاً ليبيا لم تتحرر بالكامل والطريق مازال طويلاً أمام المصالحة الوطنية.
رغم مرور 18 شهرا على ثورة الياسمين، ما زالت دبابات الجيش تجوب شوارع تونس تصاحبها حرب التخوين الإعلامية والقنابل المسيلة للدموع وتراجع حقوق الإنسان وتهديدات فيديو الصفحات الإسلامية. فهل حقاً جاءت ثورة البوعزيزي لتونس بالحرية والديمقراطية؟ بعد حرب أهلية دموية قبل 16 عاما، ما زالت الجزائر تبحث عن هويتها العربية ولغة الشعب حائرة بين مفردات اللغة الفرنسية، والإسبانية والأمازيغية. أما في المغرب، فالوضع متأزم بين ''الاتحاد الاشتراكي'' و''الاستقلال'' والحكومة تصاحبها أزمة رشاوى القضاة والمنافسات الحزبية. في موريتانيا محاولات لإسقاط الرئيس الذي يعتبره الغرب حائطاً صامداً ضد نشاط المتشددين في المنطقة. الرئيس مصاب (بالخطأ) والحكومة تعيش فراغاً سياسياً وقانونياً ومعرضة لانقلاب في أي لحظة من الجماعات الإسلامية.
في الصومال نسبة الفقر 49 في المائة نتيجة 20 عاما من الحروب الأهلية. أول خطوة بعد موافقة البرلمان في مقديشو على تعيين عبدي فرح شيردون رئيس وزراء جديدا للبلاد هي مواجهة تحدي حركة الشباب الإسلامية الموالية للقاعدة. مصادقة البرلمان السوداني على بروتوكول التعاون الهش بين دولتي السودان وجنوب السودان قد لا تفيد كثيراً، فما ما زال متمردو ''الحركة الشعبية'' يقصفون ولاية جنوب كردفان الحدودية. أما جزر القمر فقد عاشت عدم الاستقرار بسبب مظاهرات وأعمال عنف في جزيرتي إنجوان وموهيلي. في اليمن غير السعيد، الحوار الوطني قادم، ولكن ما زال تنظيم قاعدة الجهاد نشطاً ويسعى جاهداً لاستعادة مناطق تمركز سيطر عليها الجيش في عدة مدن يمنية.
الدول الخليجية ليست بأفضل حال، نحن نستورد اليوم 100 في المائة من احتياجاتنا من الأرز و90 في المائة من الحبوب و85 في المائة من السكر و63 في المائة من الزيوت النباتية و60 في المائة من الأعلاف و47 في المائة من اللحوم، بل وحتى بعض المشتقات البترولية.
في السعودية نتوقع تحقيق فائض في الميزانية هذا العام يصل إلى 347 مليار ريال. ولكن مازالت أمامنا تحديات مثل ضعف أداء سوق الأسهم السعودية، وغياب الشركات الاستثمارية، وضرورة تطوير القدرات التنافسية للمنتجات الوطنية، ومكافحة الفساد على جميع المستويات، وتطوير مقدرات القوى البشرية.
تعديل قانون الانتخابات في الكويت لإعادة توزيع الدوائر الانتخابية أثار مواجهات عنيفة مع قوات الأمن. سواء كان الهدف تقويض فرص نجاح مرشحي المعارضة والأحزاب الإسلامية في الانتخابات أو غير ذلك، آمل أن تجتاز الكويت محنتها بسلام. في البحرين ما زال رجال الأمن يقومون بتأمين الطرقات والممتلكات العامة والخاصة، ومازال العنف ظاهرة واضحة في المزارع والقرى الساحلية.
زيارة أمير قطر لقطاع غزة لوضع حجر الأساس لعدد من المشاريع الحيوية التي تمولها قطر تضيف لرصيد قطر الخيري حول العالم. تخوف الإمارات من امتداد جماعة ''الإخوان المسلمين'' جاء صريحاً ومشروعاً من منطلق أن فكر الإخوان لا يؤمن بسيادة الدول ولا بالدولة الوطنية. مر عامان على تجمع المتظاهرين في مدينة صحار في عُمان وما زالت نسبة البطالة 24 في المائة. يهمنا في الخليج أن تظل عمان آمنة مستقرة وخاصة أنها تسيطر، مع إيران، على مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 40 في المائة من الصادرات النفطية.
المظلة التي يحتمي تحتها المواطن العربي عقدت 36 قمةً وأصدرت ستة آلاف قرار ما زال معظمها حبرا على ورق. أقصد طبعاً جامعة الدول العربية.
كل عام وأنتم بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي