النظام الإيراني انهار اقتصاديا بعد أن انهار أخلاقيا

لا أعرف عملة دولة انهارت بسرعة انهيار العملة الإيرانية سوى عملة الدولة النازية، والتي وصل بها الأمر إلى حد استخدامها في إشعال نيران التدفئة، ويبدو أن العملة الإيرانية تسير على نفس تلك الخطى الفاشلة. فقبل حوالي العام والنصف كان الدولار الأمريكي يشتري 7000 ريال إيراني، والآن تجاوز سعر صرف الريال الإيراني أكثر من 40000 ريال مقابل كل دولار، وتشير التوقعات إلى وصوله لأكثر من 100.000 ريال مقابل كل دولار، حال إقرار حزمة العقوبات الشاملة التي ينوي الاتحاد الأوروبي تفعيلها وفرضها على جميع الشركات والمصارف الإيرانية. كما أني لم أسمع عن دولة في التاريخ الحديث أو القديم سعت للمحافظة على قيمة عملتها عن طريق قوات ورجال الأمن سوى هذه الدولة الإيرانية. فهذا وزير التجارة والمناجم الإيراني يخرج ويعلن أن "لديه توقعات كبيرة بأن الأجهزة الأمنية ستسيطر على أفرع وجذور الاضطراب في سوق الصرف"، فبالله عليكم هل هذه عقلية رجل يعتبر المسؤول الأول عن الشؤون التجارية والاقتصادية في بلاده، وهل يعي هذا الوزير (الفلتة) ميكانيكية عمل الأسواق والبورصات؟ لكنه الجهل والتخلف حين يطبق بأنيابه على مفاصل الحكم في دولة. ولا أعلم عن دولة أهان حكامها علم بلادهم مثل ما أهانه حكام إيران، وها هي إيران تتنصل من علم بلادها وتنزله عن منشآتها وسفنها النفطية وترفع أعلام الدول الأخرى (تنزانيا وتوفالو)، حتى يتم تسويق وبيع نفطها. فالعلم الإيراني أصبح يمثل القتل والتهديد والإرهاب، والعالم كله يعلم أن شراء النفط الإيراني وإقامة علاقة تجارية معها يعتبر مساهمة غير مباشرة (وفي بعض الحالات مباشرة) في الإرهاب العالمي. إن هذا الفشل الاقتصادي يأتي كنتيجة ومحصلة لانهيار أخلاقي قديم ومتعمق في نفوس حكام وملالي إيران، الذين وضعوا نصب أعينهم إشعال الفتنة في المنطقة منذ اليوم الأول لتوليهم مقاليد الحكم في إيران.
فمن صور هذا الانحلال الأخلاقي دعوة الخميني ومنذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم إلى تصدير الثورة إلى دول الجوار، معلنا بذلك الحرب على كافة دول الخليج العربي والدول العربية، ومعلنا بذلك سعيه لإحداث فتنة (فشلت ولله الحمد) لشق وحدة صف دول الخليج العربي. ومن أبشع صور الانحلال الأخلاقي سعي النظام السياسي في إيران لانتهاك حرمة أقدس البقاع وأقدس الأركان عند المسلمين في حج عام 1987م، مسببا بذلك إراقة دماء مئات الحجاج تغمدهم الله بواسع رحمته. ولن ينسى الإيرانيون موقف القوات المسلحة السعودية بقيادة الملك فهد رحمه الله، والتي أخمدت الفتنة الإيرانية بيد من حديد، كما تم تقديم كافة عناصر الإرهاب الإيراني للمحاكمة العادلة. ووصل الانهيار الأخلاقي بحكام إيران إلى مرحلة التدبير لمحاولة اغتيال أمير دولة الكويت الشيخ جابر آل صباح رحمه الله عام 1985م والتي باءت بالفشل. وما زالت نماذج الانهيار الأخلاقي لملالي وحكام إيران تتكرر إلى يومنا هذا في سورية ولبنان والبحرين واليمن.
إن كافة أشكال وصور الانحطاط الأخلاقي لنظام إيران تصب في نتيجة مفادها أن الكارثة الاقتصادية للشعب الإيراني قادمة لا محالة. ففقدان العملة أكثر من 80 في المائة من قيمتها في أشهر، وفقدان 4000 إيراني لوظائفهم يوميا، وارتفاع التضخم إلى مستوى يصعب على العقل تخيله؛ كل ذلك ليس إلا مقدمة لمستقبل اقتصادي مخيف قد يؤدي إلى مجاعة أو هلاك داخلي يصعب تصوره. وكل ذلك يحدث دون أن يهتز جفن لحكام وملالي إيران الذين يخرجون على شاشات التلفاز المحلي كل يوم مرددين (إن ما يحدث هو نتاج تآمر وتكالب قوى الشر العالمي)، وإن على الشعب الصمود والصبر إلى أن يخرج (المهدي المنتظر) لتخليص الشعب الإيراني من تآمر سكان الكرة الأرضية عليهم.
إن الانهيار الاقتصادي للدولة الإيرانية ليس إلا محصلة ونتيجة للانهيار الأخلاقي لحكام وملالي طهران الذين سعوا ومنذ اليوم الأول لتوليهم الحكم في إيران إلى إشعال الفتنة الطائفية في دول الخليج العربي، والذين أنفقوا أموال الشعب الإيراني في تسليح الجماعات الإرهابية في دول العالم بلا استثناء، وتصريحات خامنئي الأخيرة، والتي دعا فيها قواته في إفريقيا والشرق الأوسط إلى التركيز على دول الجوار، خير دليل على ذلك. أما سعيهم لتملك مفاعل نووي لأغراض عسكرية لنشر نفوذهم وإرهابهم في دول المنطقة والعالم، فسيرتد عليهم، وسيؤدي إلى دمارهم وهلاكهم، وما نراه الآن من سقوط اقتصادي مجرد بوادر لذلك الهلاك الذي سيلحق بهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي