خيارات التمويل الإسلامي للرهن العقاري

منذ أن صدر قرار نظام الرهن العقاري والسوق العقارية تترقب أثر هذا القرار، وما الخيارات التي يمكن أن يقدمها الرهن العقاري للمواطن لتسهيل الحصول على تمويل لشراء مسكن. يمثل المسكن أهمية كبيرة للمواطن ورب الأسرة، إذ إنه رمز للاستقرار الذي يسعى إليه كل إنسان له ولأسرته وذريته من بعده، بدلا من الاضطرار للسكن بإيجارات باهظة، وفي سكن لا يوفر الراحة الكافية لأسرته، ويقتطع جزءا لا بأس به من دخله، فالسكن أولوية لرب الأسرة، وحاجة يجب العناية بها لتحقيق الاستقرار في المجتمع، ومن هنا نجد أن الأنظمة والتشريعات والبرامج الحكومية في الفترة الماضية ركزت بشكل كبير على معالجة مشكلة الإسكان التي يعانيها جزء كبير من أفراد المجتمع، ومن أهم وسائل تمكين المواطن من تملك السكن توفير التمويل المناسب له، الذي يمكِّنه من سداد قيمة السكن على دفعات لفترة طويلة قد تصل إلى أكثر من 20 سنة ليتمكن من شراء منزل بقسط شهري مناسب قد تعادل قيمة الإيجار الذي يدفعه كل عام.
نظام الرهن العقاري ينظم مسألة تمويل شراء المسكن للمستفيد، ومن ثم انتقال ملكية العقار بين المستفيدين والمصارف أو المؤسسات المالية الممولة، وهذا ما يساعد على تخفيض المخاطر، وينعكس على زيادة استثمار المصارف بشكل أكبر في مجال التمويل العقاري، وقد يؤدي إلى أن تقدم التمويل بتكلفة أقل. لكن يبقى السؤال: كيف يمكن تقديم تمويل شراء المساكن من خلال الرهن العقاري بالطريقة المتوافقة مع الشريعة، أو بمعنى أعم تمويل تملك العقار سواء للسكن أو لأي غرض آخر، مثل تمويل الشركات لتملك العقار بالتقسيط بدلا من الاستئجار لمدة طويلة تصل إلى 20 عاما أحيانا.
التمويل الإسلامي يمكن أن يقدم مجموعة من الحلول فيما يتعلق بالتمويل العقاري، فمن هذه الأنواع التمويل عن طريق المرابحة، وذلك بشراء المؤسسة الممولة العقار ثم بيعه على العميل، مع إضافة ربح إلى عملية البيع بين العميل والمؤسسة الممولة مرتبط بالمدة التي سيتم خلالها السداد.
هناك طريقة أخرى للتمويل العقاري من خلال ما يسمى المشاركة المتناقصة، وهذه الطريقة ممارسة بشكل واسع في بعض الدول الأوروبية التي تقدم التمويل الإسلامي مثل بريطانيا، وإن كان لا يوجد لها تطبيق واسع في المؤسسات التمويلية في المملكة، وهذه المعاملة تقوم على المشاركة بين العميل والمؤسسة التمويلية، بحيث يشتري العميل بالشراكة مع المؤسسة التمويلية العقار، فعلى سبيل المثال يمكن أن يدفع العميل 20 في المائة من القيمة الإجمالية للعقار وتدفع المؤسسة التمويلية 80 في المائة، ويحدد حينها الإيجار المناسب للعقار، فإذا ما رغب العميل في السكن في العقار فإنه يدفع للمؤسسة التمويلية قسطا شهريا، هذا القسط الشهري يشمل حصة المؤسسة التمويلية من الإيجار، اضافة إلى جزء آخر من القسط الشهري هو عبارة عن شراء جزء من العقار من قبل العميل، بحيث تتناقص مع الوقت حصة المؤسسة التمويلية، ونسبة استحقاقها من الإيجار، وتزيد ملكية العميل إلى أن يتمكن من شراء العقار بالكامل.
يتميز هذا العقد بمرونة كبيرة جدا، ما يخفف حجم المخاطر على المؤسسة التمويلية، ويسهل عليها التصرف في حال لم يتمكن العميل من السداد، إضافة إلى أن العميل مكلف بالاستمرار في سداد الإيجار الشهري ويبقى دينا في ذمته حتى إن لم يتمكن من سداد الجزء المطلوب لشراء العقار، إضافة إلى أن ملكية المؤسسة التمويلية باقية، بحيث إنها متى ما رغبت في البيع فإنه يمكنها ذلك لبقاء ملكيتها لجزء من العقار، إضافة إلى أنها توفر مرونة عالية للعميل بحيث إنه يمكن بالاتفاق مع المؤسسة التمويلية لشراء العقار بالكامل متى ما توافر لديه قيمة الجزء الذي يخص المؤسسة التمويلية، ليخفف عنه عبء استمرار دفع الأجرة للمؤسسة التمويلية، يضاف إلى ذلك أنه في حال رغب في تغيير العقار لأي سبب من الأسباب فإنه بالإمكان الاتفاق مع المؤسسة التمويلية لإتمام ذلك بمرونة عالية، وهذا لا يحدث غالبا في عقود مثل عقد المرابحة والبيع بالتقسيط.
الخلاصة أنه مع الدخول في مرحلة جديدة تتعلق بالتمويل العقاري بعد إقرار نظام الرهن العقاري، فإنه بالإمكان الاستفادة من التنوع الذي يقدمه التمويل الإسلامي في عقود مثل المرابحة، والمشاركة المتناقصة، وهذا التنوع له أثر إيجابي من خلال تقديم خيارات تناسب شريحة أكبر من العملاء، إضافة إلى تحقيق مستوى عال من المرونة في طرق وأدوات التمويل العقاري.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي