«سوق الأربعاء».. مصدر رزق و«تاريخ» توارثه الأحسائيون

«سوق الأربعاء».. مصدر رزق و«تاريخ» توارثه الأحسائيون
«سوق الأربعاء».. مصدر رزق و«تاريخ» توارثه الأحسائيون

دعا أهالي الأحساء الجهات المعنية إلى زيادة الاهتمام بسوق الأربعاء الواقعة في مدينة المبرز بجوار فريج المجابل، من أجل استمرارها وبقائها، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الأحساء وسكانها، إذ تشكل مصدر رزق لكثير من سكان المحافظة، لعرض بضائعهم بمختلف أنواعها، إضافة إلى أنها سوق "تاريخية" ترصد تاريخ المنطقة.

حظيت السوق بنصيب وافر من اهتمام الأهالي وزوار الأحساء، لذا فإنهم يبكرون إليها صباح كل يوم أربعاء، ويختزل الرجال والنساء في ذاكرتهم حيزا دافئا يضج بالحنين إلى مساحة شاسعة مترتها أقدام طفولتهم الحافية، ساحة يتربع على كل متر مربع منها بائع جوال يسترزق كل صبيحة أربعاء في سوق اختلس اسمه من "يوم الربوع" لمئات السنين.

وتوقفت "الاقتصادية" عند "محسن" الرجل الستيني الذي توارث عن أبيه وجده ارتياد السوق، ليتذكر كيف كان والده يصطحبه معه لبيع ما تنتجه مزرعتهم من الرطب والعنب والتين والليمون الحساوي، وغيرها من خيرات الواحة الأحسائية، الأمر الذي جعل محسن يترقب صباح الأربعاء بشوق ولهفة فهو في عين طفل ملتقى الأصدقاء، ومكانا يفسح له أن يشتري حاجياته المحببة.

#2#

ويروي محسن حكاية سوق الأربعاء وما تمثله للأحسائيين خاصة من المجتمعات الحضرية والريفية شمال الواحة كالشعبة والبطالية والعيون والمطيرفي والشقيق وجليجلة والجرن والقرين، ويتكامل الأربعاء مع الأسواق الأخرى على مدار الأسبوع، ولا تستطيع منافستها إلا سوق الخميس في الهفوف.

وخلال جولة في السوق، لوحظ عرض لمنتجات كثيرة، من أهمها الملابس الجاهزة والتراثيات من الصناعات الحرفية التي اشتهرت بها الأحساء من الخوصيات والجريد والخزف والنحاسيات والخردوات والمأكولات الشعبية والخضراوات والفاكهة والشتلات للشجر المثمر أو شجر الزينة والزهور، إلى آخر ما يحتاجه المتسوقون.

ويقول لـ"الاقتصادية" المؤرخ المهندس عبد الله الشايب: إن "الأربعاء" سوق يلتقي فيها رجالات الأحساء عامتهم وخاصتهم، كشأن اجتماعي فضلا عن الغرض الرئيس وهو التبضع، بحيث يجد المتسوق كل حاجياته، فيجد الرجال فيها مكاناً رحباً للقاءاتهم كما الشباب والصبيان، فيما شكّل نشاط السوق عبر القرون فضاءً رحبا بين الأهالي، وكرّس في العقل الباطن إمكانية التلاقي وذلك بفرضية مبدئية هي الحضور الذي يعني أن كل الأطياف والمقامات يرتادون السوق، وهو أحد الدلائل على ظاهرة التواصل عند الأحسائيين، ونزعة الطيبة كشميلة وخصلة في أبناء المنطقة.

كما يمثل وجود النساء بائعات ومتسوقات شكلا من أشكال الأريحية ونموذجا من التعاطي بآدابه العامة.

وأشار إلى أن سوق الطيور تعد منظرا لافتا لحديقة غناء، تزخر بمخلوقات الله الكثيرة، حتى إن كثيرا من الناس يجوبون السوق لا بقصد الشراء إنما بقصد الاستمتاع والفرجة على الأنواع المختلفة خاصة الطير الحساوي والحمام الزاجل، وقد بلغت من اهتمام الأهالي الكبير أن أوجدوا ناديا لها في الأحساء لإقامة فعاليات وأنشطة تهتم وتنمي هذه الرياض.

ونوه إلى ظاهرة غريبة إذ يقول: "حين يغرد البلبل الحساوي؛ وهو فصيلة معروفة مسجلة بأصولها؛ بنغمة شجية فاعلم أنك على موعد مع نضوج رطب الغر والإخلاص والشيشي والتوت والعنب"، مؤكدا أن سوق الأربعاء تعد أحد الموارد السياحية التي توضع على خارطة التجوال خاصة ضمن محيط قصر صاهود التاريخي ومتحف حسين الخليفة، وقصر المحيرس، وعين الحارة ومعالم أخرى كانت السوق في يوم الأربعاء تشكل محورها وهو ما ترك خبرة تاريخية عبر الأجيال باعتبار المبرز في الأصل محطة بروز قوافل الحجاج.

الأكثر قراءة