أعيدوا الديكتاتور..

لا أعتقد أن الاجتماع كل عام على طاولة مستديرة تتساوى فيها الرؤوس أو مستطيلة بقائد واحد, بات حلا للمشاكل التي يعانيها الاتحاد منذ ثلاثة مواسم, لم يخرج الاتحاديون من هذه الاجتماعات إلا بصور قُبل وأحضان أمام الفلاشات وينهار المشهد سريعا أمام رأي يطلقه شرفي, أو مأزق يعترض الفريق.
ولا أظن الاتحاديين يعدمون الرجال والفكر والمال, لكنهم فيما يبدو منقسمون, بين تيارين, اتحاديون يعتقدون بنبل دمائهم الاتحادية العريقة, ويصفون ما سواهم بالدخلاء على العميد في غفلة من التاريخ ويتعاملون معهم كنبت شيطاني, واتحاديون أحبوا العميد بلا مرجعية تاريخية, يريدون خدمته بالعقل والمال, وإن سمحت الظروف, تآلبت عليهم جماعات النبلاء ومن توحد معهم في الغايات والأهداف, ولو حدث العكس وولي الأمر أحد من الأخيرين, بدأ الجدد بالفعل المضاد, والاتحاد وسط التيارين لا يعرف من هو في يده, تتجاذبه الغايات الشخصية والحسابات الضدية, ولا مستفيد إلا متنفعون يعشعشون في منطقة وسطى بين التيارين, حيث مال الهواء مالوا.
ما سبق ليس سوقا للتهم, بل استقراء لواقع أصفر جدة, تذكروا ما حدث, كيف تمت مضايقة خالد المرزوقي المحسوب اجتماعيا على التيار الأول, حتى أعلن استقالته ورحل, وكيف وقعت صدامات كبيرة بينه ورموز التيار الثاني, وبالمثل كان علوان رغم قصر المدة, الآن يتكرر المشهد مع محمد بن داخل, المحسوب تاريخيا على التيار الثاني, اللواء المتقاعد قدمه بعض الاتحاديين على أنه رئيس توافقي بين التيارين, وأن الظرف الزمني يتطلب رجلا بمثل مواصفاته, وما إن جلس على الكرسي حتى انفض الاتحاديون القدماء عنه, وتركوه وحيدا في وجه المدفع, وعرف متأخرا أن ''ما حك جلدك مثل ظفرك'', فظهر عيد الجهني إلى جانبه, يدفعه حب بلدياته ابن ينبع.
والحال كذلك, في عميد النوادي وسيدها, كما ترددت جماهيره المغلوبة على أمرها, فلا أرى بارقة أمل تلوح, ولا أرى كبيرا حاضرا ينصت له القوم ويسوسهم بفكره فيطيعوه, وليس هناك قانون واضح يحمي الرئيس والمرؤوس, وأعتقد أن الدعوة إلى اجتماع اتحادي يؤلف بين القلوب المتصدعة مضيعة للوقت والجهد, وسينتهي إلى ما آلت إليه الاجتماعات الأخيرة, ابتسامات, قُبَل, وأحضان, وإذا انفض السامر التفت كل عضو إلى فريقه من الصحافيين والتابعين, يوزع عليهم أجندته الجديدة القديمة وكأن ما كان لم يكن.
ولأن القانون غائب, ولا رجاء من ظهوره على المدى القريب, وانتظاره يزيد الحال سوءا, والفرقة تصدعا, والاتحاد تراجعا, فلا بد مما ليس منه بد, لا بد من ديكتاتور جديد في الاتحاد, يعتمد على فكره وماله, ويغلق الأبواب أمام رموز التيارين, يصنع لهم الفرحة, ولا يطلب ثمنا لها, وإن كان كل الاتحاديين ديموقراطيين, ولا يوجد بينهم رجل بهذه المواصفات, فليسعوا لإعادة صانع أمجادهم منصور البلوي, وليكن شعارهم في إعادته ''إن الله يغفر أفلا نغفر''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي