Author

سلطان.. مثلك لم يرحل

|
كيف للمداد أن يكتب؟ وكيف للحبر أن ينساب؟ فمهما أوتي المرء من بلاغة فريدة، ومهما بلغت ذخيرة الإنسان اللغوية، ومهما برعت قدرته التعبيرية، فأنا متيقن أنها ستكون قطرة في بحر لا ساحل له، وغَرْفة في نهر لا امتداد له من مآثر ومناقب وخيرات ومنجزات سلطان بن عبد العزيز، سلطان الخير الشامل، ورائد التحديث والتطوير والتنظيم، والمدرسة الإنسانية المتكاملة، والسحائب الخيرية التي عم نفعها أرجاء البلاد وخارجها. ولا شك أن الحديث عن مآثر ولي العهد - رحمه الله - رحمة واسعة ليس بالأمر الهين، وأنّى لي أن أحيط بسلطان استثنائي ارتبط به الخير والعطاء والجود والابتسامة المشرقة ارتباطا وثيقا حتى أصبحت ركناً أساسياً من أركان شخصيته الفذة، تنهل من معينه الصافي ونهره الزلال، ولكني سأقتصر على ما جاد به سلطان الخير للرياضة والرياضيين في المملكة، فلقد امتدت فصول رعايته الكريمة دعما وتشجيعا وتحفيزا وتوجيها وحضورا وتكريما، مما كان له التأثير البالغ والفاعل على الشباب والرياضة في وطننا. وعندما يتحدث الرياضيون عن مقدار الفرقة وعظيم الألم وبالغ الحزن الذي أصابهم من جراء فقدان شخصية مهمة بحجم الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله – فإن ذلك يقودنا إلى تثمين وتقدير دور الراحل الذي لم تثنه مسؤولياته المتعددة ومهامه الكبيرة عن شمول جميع الرياضيين بأسمى عنايته الكريمة عبر حضوره المناسبات الرياضية، ودعمه للمتألقين والبارزين والمبدعين في مختلف مجالات الرياضة والشباب، واستقباله للمنتخبات والأندية التي شرفت المملكة ورفعت اسمها عاليا في شتى المحافل الرياضية. أما الأمر الذي يبدو في غاية الأهمية فهو أن الفقيد الكبير مطلع على كل ما يخص الرياضيين وطموحاتهم وهمومهم وما يعتريهم من مصاعب وعقبات، وهو الأمر الذي يستحق أن يذكر ليشكر سلطان الخير، فلقد حوّل - رحمه الله - المستحيل إلى ممكن، ولنا أنصع مثال في الرياضي عبد الله الفيفي الذي أراد أن يخدم وطنه ويسهم في تمثيله وبقدم مبتورة، لكن الأبواب أغلقت في وجهه حتى نال مفتاح الرعاية الأبوية من لدن سلطان الخير والعطاء الذي تكفل ووجه بصناعة أطراف صناعية له في مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية، وتعهده بالدعم والتشجيع والمؤازرة فهطلت إبداعات الفيفي بأقدام صناعية وشرف المملكة خير تمثيل حاصدا الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في بطولات الخليج والبطولات الأولمبية والعالمية. كل ما ذكرته غيض من فيض موسوعة سلطان الإنسانية والخيرية الشاملة التي ستتناقلها الأجيال، معلنة عن عمر ثان لسلطان الخير، تتوج مسيرة حافلة بالعطاء، وأجزم أن من يملك هذا الرصيد الخيري الهائل سيبقى في قلوبنا وذاكرتنا ما حيينا، فمثل سلطان العطاء والبناء والنماء لا يرحل عن دنيانا ما دامت أفعاله ومنجزاته ومآثره وإنسانيته تتحدث عنه، وما دام هو حديث العالم أجمع أيضاً.
إنشرها