المشاريع التنموية.. متابعة القائد تكسر حاجز الزمن

لا تكاد تخلو جلسة من جلسات مجلس الوزراء من إشارة من خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ـــ إلى الوزراء والمسؤولين كافة، بضرورة إنجاز المشاريع التنموية في جميع المناطق على وجه السرعة، وفي إطار المدد الزمنية المحددة لتنفيذها، وهو ما حدث خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء الإثنين الماضي .. وهذا الحث المتواصل من مقامه الكريم باتجاه سرعة الإنجاز لا يعكس مدى عنايته ـــ سلمه الله ـــ بترجمة تلك المشاريع المعتمدة كواقع على الأرض ليستفيد منها المواطن وحسب، وإنما يؤكد أيضا رهانه على الوقت في معالجة قضايا التنمية، خاصة بعدما وفرت الدولة كل الاعتمادات اللازمة لهذه المشاريع، ولم يبق سوى التنفيذ.
ولعله قدم بنفسه الأنموذج المثالي لكيفية استثمار الوقت من خلال تلك المشاريع التي تبنى هو شخصيا متابعة تنفيذها، كجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، ومشروع جسر الجمرات، وقطار الحرمين وسواها من المشاريع التي نفذت رغم ضخامتها خلال فترات قياسية، وبما يشبه الحلم الذي ولد من رحم العزيمة والإصرار .. لتتحول إلى حقائق تنموية يفخر كل مواطن بأنها في عداد موجوداته الوطنية.
هذه اللفتة من خادم الحرمين الشريفين لم تأت من فراغ أو مجرد تسجيل موقف متابعة، إنما جاءت من خلال علمه بتعثر بعض المشاريع أو تأخر تنفيذها لأسباب قد لا تكون جوهرية أحيانا، وكان من الممكن معالجة أسباب التأخير أو التعثر لو توافرت الإرادة الحازمة والمتابعة المستمرة، خاصة أن العائق المقبول عادة في مثل هذه الأمور لم يعد له أي وجود .. وهو مسألة التمويل، التي سخر لها ـــ حفظه الله ـــ كل الإمكانات اللازمة، ما يعني أن أي سبب آخر ستكون معالجته في متناول اليد، كمسألة ضعف بعض المقاولين أو تعدد التزاماتهم وما إلى ذلك.
وهو حينما يبادر في مستهل جلسات مجلس الوزراء بتكرار هذا التوجيه، فإنه يريد أن تتناغم معطيات الاعتماد مع آليات التنفيذ، بحيث لا تكون هناك مسافة فاصلة بين اعتماد المشروع وموعد تسليمه إلا بما يسمح بتنفيذه، حتى لا يفقد هذا المشروع أو ذاك وهجه التنموي، وصولا إلى إشعال جذوة التنافس في البناء .. ما يدفع الجميع للدخول في سباق مع الوقت لمصلحة العملية التنموية، التي بات السباق فيها بين الأمم يحسب بالدقيقة.
ولأنه ـــ حفظه الله ـــ رجل إنجاز من طراز نادر .. وهو ما يؤكده عزوفه الشديد عن الحديث عن منجزاته ساعة تدشينها .. إذ كثيرا ما يكتفي لحظة الافتتاح بالدعاء لله ـــ عز وجل ـــ أن يطرح فيها البركة، فإنه يقدم المثل والأنموذج فيما يتصل بتجاوز كل عملية تدشين على اعتبار أنها كفيلة بالحديث عن نفسها .. إلى عملية وضع حجر أساس جديد في سلسلة لا تتوقف ولا تتثاءب .. لأنه يعلم أن الأوطان لا تبنى إلا بمثل هذا النفس الممتد الذي لا يؤمن بمحطات التوقف أو الانتظار .. لأن الوقت لا ينتظرنا .. مثلما قال ـــ حفظه الله ـــ في حديثه الشهير لـ ''السياسة'' الكويتية أثناء فترة علاجه في الولايات المتحدة. وهذه هي القيمة الحقيقية للمشاريع التي تمت في عهده الميمون، التي استطاعت أن تختصر الزمن إلى أقصر مدى؛ لتنتقل من طورها الجنيني إلى مرتبة النضج كمشاريع دولة طموحة نالت ما تستحقه من الدرجات في سلم الأولوية على المستوى الدولي بين أفضل البيئات الحاضنة للاستثمار، ودخلت إلى نادي العشرين الاقتصادي بمنتهى الجدارة.
وأن يتحقق خلال خمس أو ست سنوات فقط كل هذا الكم والكيف من المشاريع الوطنية وبهذه الصورة الفاخرة، فهذا ما يعكس قيمة هذه العبارة السحرية التي لا يمل من بعثها كرسالة حاسمة إلى كل المسؤولين، وفي مختلف القطاعات ليضطلعوا بأدوارهم في مواكبة صناعة مجد الأمة، وتأمين مستقبلها .. وهو الأمر الذي أنجز مناخا وطنيا غير مسبوق في صفوف المواطنين، الذين انسجمت طموحاتهم مع خطوات قائدهم .. وحذوا حذوه .. ليدخل الوقت كعنصر أساس على رأس أولوياتهم.
باختصار .. إنها المتابعة التي كسرت حاجز الزمن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي