هل نحظى بتقديم بعض الأدوات يا هيئة السوق المالية؟

منذ تأسيس هيئة السوق المالية السعودية تم تحقيق تطور كبير في تقديم المنتجات والأدوات لتوسيع وتعميق السوق وبناء البنية التشريعية. والتطوير مستمر. ولكن، ما حدث من تأثير للأزمة السياسية في منطقة الشرق الأوسط الحالية، وما يحدث للسوق من جراء أي أزمة مؤثرة في السوق المالية المحلية يحتم وجود صانعي السوق. وكذلك لا تزال السوق المالية المحلية تفتقر إلى عدد من الأدوات والمنتجات المهمة لتطويرها وتعميقها تتناسب وحجم الاقتصاد السعودي مثل السوق الآجلة Forward market، والبيع على المكشوف Short selling لأن الوضع الحالي وفي ظل غياب مثل تلك الأدوات والمنتجات، وغيرها يحد من جاذبية تطلعات فئات عديدة من المستثمرين. فعلى سبيل المثال، لا تتيح الأدوات والمنتجات الحالية للمستثمرين طويلي الأجل الاستفادة من الأسهم المملوكة لهم، ولا تمثل أدوات يمكن استخدامها لحماية استثماراتهم.
وتعد السوق الآجلة والبيع على المكشوف من الأدوات المهمة في الأسواق المالية العالمية بما في ذلك عدد من الأسواق الناشئة. ويمكن تفعيل عمل السوق الآجلة بالسماح للبنوك وشركات الوساطة بإبرام اتفاقيات مع العميل الذي لديه ملاءة مالية للحصول على تسهيلات ائتمانية أو اتفاقية اقتراض. وفي هذا الإطار يشتري البنك أو شركة الوساطة من السوق الفورية أسهم الشركة حسب رغبة العميل، ويتم احتساب الفائدة المستحقة المتفق عليها بين الطرفين وتضاف إلى سعر الشراء الفوري. وفي الموعد المحدد للتسليم تقوم شركة الوساطة أو البنك (الجهة المخولة) بتسليم الأسهم للمتفق معه مقابل ما تم دفعه عند توقيع الاتفاقية. وخلال الفترة المتفق عليها، للعميل الحق في بيع الأسهم إذا كان سعر السوق أعلى من سعر الشراء عند الاتفاق.
أما بالنسبة للبيع على المكشوف، فيمكن ممارسة ذلك بالسماح للبنوك وشركات الوساطة بإبرام اتفاقيات بعد الحصول على موافقة مسبقة من شركة تداول للأوراق المالية، التي يمكن أن ترتب أو تلعب دور المقرض بعد الحصول على موافقة تأمين التعامل مع مالكي الأسهم لاقتراض الأسهم من محافظهم، والموافقة على الصفقة. ويمكن لشركة تداول أن تضع رسوماً ضد الإقراض حسب ممارسات السوق. وفي هذا الإطار، يحدد العميل الأسهم التي هو مستعد لبيعها على المكشوف مقدما، ولا بد أن يكون باستطاعته الحصول إما على تسهيلات ائتمانية للقيام بذلك وإما لديه السيولة الكافية لتغطية العملية. وفي هذه الحالة، تضع هيئة السوق المالية أو تفرض إجراءات تلقائية لإنهاء حالة البيع على المكشوف، وذلك بتحديد انخفاض سعر السهم بنسبة معينة، وتحديد مدة الاتفاقية للبيع على المكشوف. ويمكن أن تحمي هيئة السوق المالية المستثمر المتعامل بالبيع على المكشوف عن طريق إيجاد خيارات الشراء Call Options. وسيؤدي السماح بتقديم أداة البيع على المكشوف إلى تفعيل عمل نشاط حفظ الأوراق المالية، وهذا النشاط من ضمن نشاطات ترخيص هيئة السوق المالية لشركات الوساطة لمزاولة العمل في السوق المالية. إضافة إلى ذلك، سيؤدي البيع على المكشوف إلى خلق قنوات إضافية لتحقيق عوائد لشركات الوساطة، وكذلك المساهمة في نمو صناعة حفظ الأوراق المالية في السوق المحلية بدلاً من الوضع الحالي المتمثل في الاعتماد على نهج الإسناد الخارجي لمؤسسات مالية عالمية.
ولا شك، أن وجود أدوات مهمة، مثل السوق الآجلة والبيع على المكشوف، سيؤدي إلى تعزيز جاذبية السوق وتلبية رغبات جميع فئات المستثمرين. وسيتيح ذلك أيضا للمستثمر طويل الأجل، خصوصاً المؤسسات مثل مصلحة معاشات التقاعد والتأمينات الاجتماعية وكبار المستثمرين تحقيق عوائد من الأسهم المملوكة لهم في محافظهم. ومثل هذا التوجه يتيح وسيلة لتعميق السوق من خلال زيادة حجم الأسهم الحرة للتداول.
ختاماً، إن السوق المالية السعودية هي الأكبر في المنطقة وتمثل ما نسبته نحو 50.8 في المائة ونحو 36.1 في المائة من حجم القيمة السوقية للأسواق المالية الخليجية والعربية، على التوالي. وفي السنوات القليلة الماضية تم تحقيق تطور كبير في تقديم المنتجات والأدوات لتوسيع وتعميق السوق وبناء البنية التشريعية، لكن لا توجد شركات صانعي السوق التي يتيح وجودها خلق توازن في السوق، ويمكن القول أيضا إن الهيئة بطيئة في تقديم الأدوات والمنتجات، وما تحقق حتى الآن لا يتناسب وحجم الاقتصاد السعودي الذي يعد الأكبر على مستوى المنطقة، حيث شكل في عام 2010 ما نسبته 43.7 في المائة ونحو 19.5 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون ولمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على التوالي. وتسريع وتيرة تقديم أدوات ومنتجات لتطوير السوق المالية مطلب يتطلع إليه الجميع، وكذلك فإن أدوات السوق الآجلة والبيع على المكشوف مهمة لرفع مستوى جاذبية السوق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي