المدرب الناجح.. من يقدر دوره المهم لتطوير كرة القدم

ستظل محاولاتنا للارتقاء بمستوى المدرب العربي مستمرة ومتتالية ومتعاظمة حتى يتبوأ المدرب العربي مكانته التي يستحقها في خريطة التدريب العالمي، بل ستتواصل هذه الجهود عبر آليات مختلفة ومعالجات متنوعة ووفق استراتيجية تهدف لتحقيق هذا الغرض، لأننا في سعينا من أجل الرقي بكرة القدم العربية نستهدف التدريب له من الوسائل المهمة والفاعلة لتحقيق هذا الرقي بكل مبادئه الفنية والإبداعية، لأن التدريب فن في حد ذاته وموهبة تحتاج إلى دراسة وصقل وممارسة، وفن التدريب يعتبر الجزء الرئيس من عملية الإعداد الرياضي باعتباره العملية التربوية الخاصة والقائمة على استخدام التمرينات البدنية بهدف تطوير مختلف الصفات اللازمة للرياضي لتحقيق أعلى مستوى ممكن في كرة القدم، ويحتاج أيضاً إلى المدرب المؤهل والمثقف بكل ما يخص كرة القدم وبعض الرياضات الأخرى، مثل السباحة التي تستخدم لرفع اللياقة البدنية وعلاج بعض إصابات الملاعب... إلخ، ويكون لديه الخبرة العملية الكافية لتعليم كرة القدم، وعليه معرفة قوانين كرة القدم والأنظمة التي تنظم اللعبة، ويكون قادراً على إيصال المعلومات إلى اللاعبين والأجهزة المساعدة له بالطريقة العلمية الصحيحة والمبسطة حسب أعمارهم ومستوياتهم الفنية والتدريب من أحسن الطرق لضمان التطور المستمر وجعل اللاعبين قادرين على الوصول إلى المستويات الرياضية العالية من خلال تنمية وتطوير قدرات الفرد البدنية والوظيفية والنفسية، والتدريب الرياضي يقوم على المعارف والمعلومات والمبادئ العلمية المستمدة من عديد من العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية كالطب الرياضي والميكانيكا الحيوية وعلم الحركة وعلم النفس الرياضي وغير ذلك من العلوم المرتبطة تطبيقاتها بالمجال الرياضي، إن التدريب الرياضي لا يتوقف على مستوى دون آخر وليس قاصراً على إعداد المستويات العليا فقط، فلكل مستوى طرقه وأساليبه، ويعتبر ذلك التدريب الرياضي عملية تحسين وتقدم وتطوير مستمر لمستوى اللاعبين في مجال كرة القدم.

#2#

ويرتكز التدريب الرياضي على أسس علمية سليمة جاءت نتيجة للتجارب المستمرة لمعرفة أفضل وأحسن الطرق للتعامل مع لاعب كرة القدم من جميع النواحي النفسية، الفسيولوجية، التشريحية، التربوية، والحركية، ولقد وضع للتدريب الرياضي عدة أسس مهمة حتى تسهل من عمل المدرب وتساعده على تقرير محتويات وطرق ووسائل التدريب المختلفة لكي يصل إلى الطريق الصحيح عند تنفيذ تدريبه لتحقيق الهدف الموضوع من أجله التدريب.
وهناك الخصائص العامة للتدريب الرياضي لخصها محمد حسن علاوي في التالي:
ـــ التدريب الرياضي عملية تعليم وتربية.
ـــ التدريب الرياضي هدفه الأساسي تحقيق أفضل المستويات.
ـــ التدريب الرياضي يتأسس على المبادئ العلمية.
ـــ التدريب الرياضي يراعي الفروق الفردية.
ـــ التدريب الرياضي يؤثر في تشكيل أسلوب حياة الفرد.
ـــ التدريب الرياضي عملية تتميز بالاستمرارية.
ـــ التدريب الرياضي عملية تكاملية.
ـــ التدريب الرياضي يتميز بالدور القيادي للمدرب.
ويرى أن التدريب الرياضي من العمليات التربوية والتعليمية التي تخضع للاستعانة بقوانين ومبادئ العديد من العوامل، مثل فسيولوجيا الرياضة والميكانيكا الحيوية وعلم النفس الرياضي، وغيرها من العلوم الأخرى المرتبطة بالرياضة.
ولعملية التدريب الرياضي وجهان يرتبطان معاً برباط وثيق يكونان وحدة واحدة أحدهما تعليمي والآخر تربوي، فالجانب التعليمي من عملية التدريب في كرة القدم يهدف إلى إكساب وتنمية الصفات البدنية العامة والخاصة وتعليم وإتقان المهارات الحركية الرياضية والقدرات الخططية للاعب كرة القدم التخصصي، إضافة إلى إكساب المعارف والمعلومات النظرية المرتبطة بكرة القدم.
فالمدرب ليس مسؤولا فقط عن العمل على الارتقاء بمستوى اللاعبين لديه مهارياً وفنياً في اللعبة التي يقوم بتدريبها، بل يتعدى ذلك إلى سلوكهم وأخلاقهم وتصرفاتهم، لأنه في أغلب الأوقات الشخص الأقرب من اللاعبين والذي يستطيع أن يؤثر فيهم، ومن هنا تقع على عاتقه عدة مسؤوليات بجانب مسؤولياته عن المستوى الذي يصل إليه لاعبوه, ويكون أيضاً هو المسؤول عن مستوياتهم أمام المسؤولين، وحتى أمام الجمهور والمشرفين والإعلام، فهو حلقة الوصل بين اللاعبين وجميع عناصر النشاط، والمدرب هو المرآة الحقيقية للرياضة، وهو الشريك الأكثر عطاء وتفانياً على حساب الذات والحياة الخاصة، لذلك يجب أن يتمتع بالمثالية في كل شيء فيه، والمدرب المثالي يجب أن يكون عادلاً.. إنسانيا.. متسامحاً.. ومتواصلاً مع الصغير قبل الكبير، يكتشف ويرعى المواهب، يحدد نقاط الضعف ويعالجها، فهو قائد يقود سفينته المميزة مواجهاً جميع التحديات والمعوقات البشرية، المادية، وغيرها نحو تحقيق أكثر من هدف في وقت واحد.
وبالطبع مثل كل العاملين في القطاعات الرياضية تتنوع شخصيات المدربين، فمنهم المدرب المسيطر، وهو الذي يركز اهتمامه على فرض النظام وبرامجه التي يضعها، ومنهم من هو دكتاتوري السلوك، بمعنى أن يفرض آراءه ثم يعاتب كل من حوله في حالة عدم توفيق الفريق، وهناك المدرب الديمقراطي، وهو بمثابة صديق اللاعبين يضع فيهم ثقته ويقدم لهم المزيد من الاقتراحات ويشجع الضبط الذاتي ويمنحهم الفرصة للإدلاء بآرائهم وأفكارهم، ومنهم المدرب الموجه، وذاك الذي يقدم المزيد من النصح والمساعدة والتوجيه للاعبين ويشجع السلوك المستقل ويكثر من الاجتماعات، وفي عصرنا هذا ظهر مدربون ربما يخلطون بين كل هذه المواصفات وآخرون خرجوا من هذه المواصفات وابتدعوا شخصيات لا تمت للرياضة ولا الرياضيين بصلة، ناهيك عن المواصفات التي يجب أن يتصف بها مدرب كرة القدم.
وطالما تحدثنا عن التدريب وأهمية التدريب الرياضي الذي يعتبر عملية تربوية هادفة وموجهة ذات تخطيط علمي لإعداد اللاعبين بمختلف مستوياتهم وحسب قدراتهم (سواء براعم، ناشئين، ومتقدمين) إعداداً متعدد الجوانب بدنياً ومهارياً وخططياً ونفسياً للوصول إلى أعلى مستوى ممكن، فذلك لا بد أن يطبقه شخص مؤهل له، ويعتبر من أهم عناصر عملية التدريب، وهذا العنصر المهم هو المدرب، فالتدريب عملية شاقة لا يستطيع أي فرد أن يقوم بها بسهولة، إلا إذا توافرت لديه المقومات الضرورية اللازمة لتحقيق أهداف التدريب، أولاها الرغبة في العمل، لأن الرغبة هي التي تدفع المدرب وتحببه في عمله، وتجعله يؤدي عمله بحماس واستمتاع، ما يعكس آثاره الإيجابية على اللاعبين ويتطلب ذلك أن يكون ملماً إلماماً كاملاً بموضوع التدريب وبجميع الجوانب المساعدة على عملية التدريب من علوم مساعدة وغيرها، علاوة على التمكن من فهم العملية التدريبية باعتبار أن التدريب عملية إدارية شاملة تحتاج إلى المعرفة بأساليب التدريب الحديثة لأنه لا يكفي أن يكون المدرب خبيراً فنياً في أساليب التدريب بل يجب أن يكون ملماً إلماما بكل الأمور الأخرى المساعدة، ولكن الأهم من ذلك هو قدرته على اختيار الأسلوب التدريبي المناسب والملائم، فهناك العديد من تلك الأساليب بمزاياها وعيوبها، ومنها ما ثبتت فاعليته في مواقف تدريبية معينة، ولا تتناسب مع مواقف أخرى، لذلك، يجب على المدرب التعرف على العوامل التي تعوق عملية التدريب وكيفية التغلب عليها، وطرق استخدام الأساليب والمعينات والوسائل المتبعة في تنفيذ عملية التدريب، وهذا يجعله يتحمل مسؤولية العمل الذي يقوم به والتي تعتبر مسؤولية كبيرة لما تحمله من متطلبات كثيرة، أهمها أن يتمتع بمهارة التفكير والتصرف، لأن هنالك مواقف تحتاج إلى الحزم وأخرى إلى المرونة وأن يتمتع بثقافة التنويع في البرامج التدريبية المختلفة وأن تكون لديه القدرة على الاتصال لأن عملية الاتصال ضرورية وتسهل عليه رؤية وتحليل المشكلات وعوائق الاتصال بعيون اللاعبين، والعمل على تجنب هذه العوائق والتغلب عليها، كما يجب عليه فهم السلوك الإنساني والتعرف على أنماط السلوك وكيفية التعامل مع الكل والتكيف مع الأزمات الطارئة واتخاذ القرارات، وتعديل خطته تبعا لما يحدث لإشباع حاجات اللاعبين بجانب شيء مهم، ألا وهو إدارة الوقت بفاعلية، لأن المدرب يلعب دور القائد وعليه أيضاً أن يطلب الإتقان ولا يتوقع الكمال وذلك بفهمه للاعبيه قبل أن يتوقع التأثير فيهم بخلق الاحترام والثقة المتبادلة والاحترام للأوامر بجانب تحفيزهم وإعطائهم الأمل.
هناك أمور يرى البعض أنها أمور ثانوية، ولكن في الحقيقة هي أمور مهمة جداً، مثل التأكد من أن اللاعبين قد استقبلوا الرسالة الموجهة لهم عبر الشرح النظري والتوجيهات العامة، وأن يعرف أي نوع من الاستيعاب يفضله اللاعبون في الشرح النظري، وأن يفهم الطريقة التي يرغبها اللاعبون في التعلم، لأن المدرب إذا شعر بعدم قدرته على التأثير في اللاعبين فليتذكر بأنه من الممكن أن تكون الوسيلة التي يستخدمها هي الخاطئة أو ربما طريقة التدريب العملي هي الخاطئة، أما إذا كانت الشخصية هي السبب فعليه أن يعيد كل حساباته ويرتب كل أوراقه.
هناك الكثير من المدربين الناجحين في عملهم يقومون بأدوار أخرى تتمثل في تقديم النصائح للاعبين عن أدواتهم الرياضية والنوعية الأنسب لهم، وأن يجعل من العلاقة بينهم علاقة صداقة من خلال السنوات التدريبية، حيث تدعم وتقوى هذه العلاقة ويصبح المدرب فرداً يعتمد عليه اللاعب كصديق، يستشيره حتى في أموره الخاصة، ومن المهم المحافظة على الثقة الشخصية بين الطرفين، لأن ضياع هذه الثقة سيؤدي إلى ضياع صفة الصديق بين المدرب واللاعب، وتزويدهم بالمعلومات عن نتائج المنافسات الوطنية والدولية والاحتفاظ بالتطور التقني والزمني للتدريب، ويعني ذلك متابعة الجديد في التكنيك والتكتيك والأمور الأخرى، وأن يكون مستعداً للإجابة عن كل الأسئلة، فربما يوجه له اللاعبون عددا من الأسئلة حول مختلف الأحداث الرياضية، أحداث شاهدوها في التلفزيون أو قرأوها في الصحف وربما أشياء ليس لها علاقة بكرة القدم.
وهناك أدوار مهمة يجب أن يلعبها المدرب، فحينما تبدأ المنافسة من الممكن أن تكون هناك تأثيرات سلبية كثيرة محبطة لبعض اللاعبين نتيجة تدني أدائهم أو ضعف لياقتهم البدنية أو ضعف نتائج فرقهم، وهنا يأتي دور المدرب في وجوده بقربهم وتشجيعهم وامتصاص كل الضغوط والإحباط من الجهات الخارجية إن كانت من المشجعين أو الإعلام أو غيره، وهنا يتعامل معهم ويساعدهم على حل مشاكلهم بالطرق التي تبعد القلق والتوتر وتؤدي إلى التهدئة والاسترخاء.
في عصرنا هذا يجب أن يتمتع المدرب بمهارات متعددة حتى يستطيع أن يواكب هذا العلم الذي توافرت له كل المعطيات ليساعد المدرب، حيث وجود ثروة معلوماتية مؤسسة على البحث العلمي، وهذه المعلومات متوافرة لمساندة المدرب في كل النواحي التدريبية متضمنة التغذية والبيوميكانيك وعلم النفس الرياضي وعلم الفسيولوجية والطب الرياضي وعلم وظائف الأعضاء، وتوجد العديد من الطرق والمناهج لتحليل الأداء الرياضي، حيث يقوم المدرب بالتحليل العلمي للبيانات ويحول ذلك إلى برنامج تدريبي يساعد اللاعبين على الإنجاز، طرق هذا التحليل تعتمد بشدة على خبرة المدرب ومعلوماته الفعلية حول كرة القدم من خلال فهم العلم والذي هو أساس التدريب وتصميم البرنامج التدريبي المناسب والذي من الممكن أن يسهم في رفع مستوى اللاعب للوصول إلى أقصى طاقاته ويفجر كل إمكاناته، حيث تكون الاستفادة من خلال فهم العلم وتطبيقه بكل اقتدار ووعي وتركيز وصلابة عقل وثقة بالنفس، ما يخلق دافعية تزيد من معايير التصميم على النجاح وتحقيق الإنجاز عبر ضبط سلوك اللاعبين وفق المبادئ والثوابت الوطنية والأخلاقية.
بجانب أن المدرب يعطي اللاعب الدوافع التي تساعده على القدرة لإنجاز أهداف من الأداء على درجة عالية من الإتقان وعليه أن يطور الطاقة البدنية بكامل صورها ويحرك كل القدرات والعادات الذهنية التي ستخدم وتثري سنوات اللاعب طيلة عمره في الملاعب، وذلك بخلق الظروف الصحيحة للتعليم، وأن يعمل على إيجاد وتنمية دوافع اللاعب نحو التدريب والاستعانة بقاعدة العرض التي توجه الاستيعاب الناضج للظواهر، وتقدم التطورات الحركية الضرورية للعمل، لذا فتحقيق هذه القاعدة في مراحل التدريب تتطلب جهوداً مكثفة من المدرب بالعمل واستعمال العرض في التدريب باستخدام وسائل متنوعة تساعد على التصور الكامل للحركات المراد تعليمها والتصرف التكتيكي لأهم مكونات التدريب، وهناك ثلاثة أنواع من أشكال طرق التعلم منها السمعية والنظرية والحركية.
ومن الأشياء التي تساعد المدرب على أداء عمله بنجاح هو طرق التدريب التي تتابع مراحلها من حيث التخطيط والقيادة والتقييم، ولذلك يحتاج المدرب إلى تطوير العديد من المهارات والتي تتضمن:
ـــ معرفة كيفية التواصل الفاعل مع اللاعبين وذويهم.
ـــ فهم الطرق التدريبية والمبادئ العلمية للتدريب.
ـــ فهم وتطبيق مناهج التعليم الخاصة.
ـــ نصح اللاعبين نحو سلامة مسارهم الرياضي.
ـــ فهم الأسباب والتعرف على مظاهر زيادة الحمل التدريبي.
ـــ إعداد البرامج التدريبية للاحتياجات الخاصة بكل لاعب على حدة.
ـــ مساعدة اللاعبين لتعليم مهارات جديدة.
ـــ استعمال الاختبارات التعقيمية لسير البرنامج ومراقبة الأداء.
ـــ نصح اللاعبين نحو التغذية التي يحتاجون إليها.
ـــ فهم كيفية تطوير جهاز الطاقة لدى اللاعب.
ـــ القدرة على توجيه اللاعب بالاسترخاء والتحضير الذهني للمهارات.
ـــ النصح وتوجيه اللاعب نحو الطريقة الشرعية لاستعمال الأودية والمواد الإضافية.
ـــ تقييم مستوى الأداء في المنافسة.
ـــ الإلمام التام بالقواعد والقوانين والضوابط العامة للمجتمع.
ـــ التمتع بالشخصية الرياضية المتزنة حتى يستطيع أن يستحوذ على الثقة والاحترام.
ـــ أن يكون حسن المظهر.
ـــ الابتعاد عن الغضب والانفعال والتمتع بالصبر وحسن الخلق.
ـــ معاملة اللاعبين كإخوة ومشاركتهم في مواقفهم.
ـــ تعليم اللاعبين كيفية احترام مبادئ الاحتراف وبنود العقود الخاصة بذلك.
ـــ الإلمام بالعلوم المرتبطة بعلم التدريب والوقوف على كل ما هو جديد في عالم التدريب.
كما يجب على المدرب الناجح أن يتصف بمواصفات وخصائص ثقافية وإنسانية ونفسية كثيرة تعكس حساسية دوره في أداء رسالته، أهمها أن يكون موهوباً لأنه ليس كل رياضي مميز، أو حتى نجم بارز في زمانه استطاع أن يكون مدرباً ناجحاً، فالتدريب يولد بالفطرة، وهو موهبة ثم علم وخبرة يدعم بالدراسة والتحصيل، وأن نجاح المدرب لهو تحد كبير لأنه يتعامل مع الإنسان بكل تناقضاته وانفعالاته ولأنه يواجه تحديات المشاعر الإنسانية (الأمل، اليأس، الخوف، الفرح، والثقة الزائدة بالنفس أو عدمها... إلخ). وذلك يفرض على المدرب الرغبة في العطاء بلا حدود، وبذل كل ما أوتي من معرفة وخبرة في هذا المجال ولا بد له من التعلم.. والتعلم ليس فقط من الأساتذة والخبراء، بل أحياناً كثيرة من اللاعبين أنفسهم، والاستفادة من إمكاناتهم الفكرية والإبداع في الابتكار والبحث عن طرق جديدة لكسر روتين التدريب والإبداع في التنوع في التدريبات.
يجب أن يتمتع المدرب بثقافة عالية خاصة فيما يتعلق بالإلمام العميق بأبعاد كرة القدم من حيث تاريخها (الدولي القاري والمحلي) وتركيبتها التنظيمية (هيكلتها الإدارية والفنية واللجان المعاونة وخاصة المتعلقة بمجال التدريب)، ودراسة الواجبات والحقوق في مجال الاحتراف، والقوانين والأنظمة، والتقنيات المنظمة له، بجانب معرفته التامة بما يخص إصابات الملاعب، طرق الغذاء السليمة، والمنشطات وأخطارها، ما يساعده في القدرة على إعطاء الأجوبة الدقيقة لجميع أنواع الأسئلة في كرة القدم التي قد يسألها اللاعبون.
كما عليه أيضاً الاستفادة من خبرته الشخصية والتي يلم فيها إلماماً عميقاً بكل ما يمر به اللاعب.. انفعالاته.. مشاعره.. وهواجسه، حيث يستطيع أن يرسم له سلفاً بعض المعطيات والمعينات التي تساعده على التعامل مع اللحظات التي يمر بها، وهذه الخبرة أيضاً ضرورية لمعرفة قدرات اللاعبين وإمكاناتهم الفنية والمهارية والذهنية واكتشاف الصفات الجيدة في كل لاعب وتطويرها، فالمدرب الناجح هو من لديه خطة عامة لعمله، بجانب خطط فرعية لكل لاعب، وفقاً لمزاياه وإمكاناته الطبيعية. وأحياناً كثيرة يستطيع المدرب استناداً لخبرته وحدسه وفهم قدرات لاعبيه أن يشكل منها عاملاً من عوامل النجاح الفردي والجماعي.
وهناك دور آخر منوط بالمدرب الناجح وهو حل جميع أنواع المشكلات التي تعترض خطة الإعداد التي يتبعها، ومن أبرز المشكلات هي:
ــــ مشكلات البنية الجسدية للاعبين من ناحية، الوزن، والقدرة على التحمل... إلخ.
ــــ المشكلات النفسية ومواجهة الضغوطات الخارجية مثل عدم التركيز، الآثار المترتبة من جراء المتاعب الفردية، والثقة الضعيفة بالنفس أو المفرطة... إلخ.
ــــ المشكلات التقنية التي تتمثل في ضعف المهارة الفردية ــــ النقص في بعض المهارات الفنية ــــ وعدم القدرة على استيعاب الخطط ونظم اللعب.
ــــ ضرورة كسب الاحترام والثقة لأنه غالباً ما يقدم اللاعبون أقصى ما لديهم تعبيراً عن احترامهم وتقديرهم لعمل مدربهم أو مدربيهم، وهذا غالباً ما يكون أحد أبرز الدوافع للفوز. فإذا آمن الرياضي بمدربه، وقدرته على تطويره نحو الأفضل، يكون قد تم البناء على أساس صلب ومتين.
ــــ فرض الانضباط انطلاقاً من ذاته والأجهزة الفنية والإدارية المساعدة له، ثم اللاعبين، وفرض السيطرة على مجريات التدريب.
ــــ يجب أن يكون عادلاً في استعمال سلطته وعادلا في خياراته.
ــــ يتقن العمل تحت الضغوطات سواء كانت شخصية، داخل الفريق أو خارجه، ومهما اشتدت الضغوط لا يجب أن تحول بتاتاً بينه وبين قناعته وإيمانه اللذين هما أيضاً ممارسة وليسا مثلاً فقط ويحسن اتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات الحرجة.
ــــ أن يكون متفهماً للاعبيه تفهماً يكون نابعاً من العمق الإنساني، والتجربة الغنية، فهو يرعى اللاعب كقيمة إنسانية وليس أداة لتحقيق الفوز، أو جسراً لتحقيق أهداف ما. وهذه الرعاية تأخذ غالباً المنحى الأبوي، وتستمر خارج دوام التدريب، والوقت المحدد والرسمي، وتفهم اللاعب يقف خلف أدائه ورفع معنوياته في حال الخسارة مع دراسة الأسباب الموجبة.
ــــ أن يقوم بتحضير اللاعبين معنوياً وجسمانياً للمشاركة في البطولات.
ــــ يجب عليه التقليل من إصابات لاعبيه قدر الإمكان أثناء التدريب ويعلم بأسس التغذية الصحيحة.
ــــ أن يكون ملما بطرق الإسعافات الأولية للإصابات الشائعة وكيفية علاجها والوقاية منها.
ــــ أن يعلم لاعبيه النواحي الأخلاقية قبل الفنية وكيفية الالتزام بالقوانين والأنظمة والاحترام للآخرين، ومن هم أعلى منهم درجة والمعنى الصحيح للروح والأخلاق الرياضية.
ــــ أن يكون تدريبه ضمن منهاج علمي وليس عشوائيا وباستطاعته تطبيق الأساسيات والمهارات الفنية بطريقة صحيحة.
ــــ أن يكون ملماً بمقومات كرة القدم وطرق التدريب عليها وتطويرها بأسس علمية صحيحة ويتابع التطور في فن التدريب.
ــــ عليه أن يعرف كيف يبتدئ بتدريب لاعبيه والانتقال بهم من مرحلة إلى أخرى، وما احتياجاتهم من التدريبات ومراقبتهم أثناء التدريبات والمباريات ومعرفة نقاط ضعفهم وتقويتها بالتدريبات التي يحتاجون إليها لتطوير قدراتهم الفنية.
ــــ أن يكون ملماً بقوانين التحكيم في كرة القدم ليطلعها على اللاعبين لتجنب الأخطاء التي قد تحدث أثناء المباريات، والتي قد تؤدي إلى خسارتهم المباراة، وأن يستعين ببعض الحكام لتقديم محاضرات نظرية وعملية لشرح المواد المهمة في قانون كرة القدم.
ــــ يجب عليه عدم الصراخ أثناء مباراة على لاعبه وتوجيهه بصوت عال وإنما يعطي تعليماته بهدوء وفي أثناء فترات الاستراحة.
ــــ يجب عليه عدم الاعتراض العشوائي الذي قد يعطي عنه الانطباع السيئ كمدرب.
ــــ أن يكون على اطلاع دائم على أحدث الأفلام التدريبية والبطولات العالمية التي قد تساعده على تطوير إمكاناته التدريبية وزيادة خبرته في هذا المجال.
هناك بعض الخصائص تفرز مدرباً يستطيع أن يحقق الواجبات التدريبية وأن يكون مدرباً ناجحاً بالفعل إذا اهتم بعملية "الإعداد".. فكرة القدم الحديثة لعبة شاقة مجهدة تحتاج إلى مجهود بدني كبير وإلى سرعة ولياقة بدنية عالية. وقد تطور تنظيم المباريات وزاد عددها حتى بلغ 50 إلى 70 مباراة يؤديها الفريق في الموسم الرياضي الواحد.
لذلك أصبح من الواجب إعداد اللاعب لهذا المجهود البدني العنيف, ولما كانت مرحلة الإعداد والتكوين هي المرحلة الأساسية التي تعد اللاعب لمواجهة وتحمل المباريات والمنافسات. فإن هذه المرحلة تأتي في المقدمة من حيث الأهمية في برنامج التدريب, إذ يتوقف عليها نجاح الفريق ويؤدي إلى استمراره في المباريات وظهوره بالمظهر المشرف، والفريق الذي يؤدي هذه المرحلة بطريقة صحيحة يكون في مرحلة المباريات أكثر استعدادا وتفوقاً, ويحرز نتائج أفضل من الفرق التي لم تهتم بإعداد فريقها إعداداً كاملاً منذ البداية والتي تتضمن خطة للوصول باللاعب إلى أعلى مستوى له إلى إعداده من النواحي التالية:
ــــ الإعداد البدني للاعب.
ــــ الإعداد المهاري للاعب.
ــــ الإعداد الخططي للاعب.
ــــ الإعداد التربوي النفسي للاعب.
لذا فإن العملية التدريبية عملية شاقة وتحتاج لوقت للوصول إلى نتائج مرضية من خلال تحقيق هدف التدريب وهو الوصول إلى أعلى مستوى لذا فهذا الإعداد البدني ذو أهمية قصوى، فهو من أركان التدريب التي يعتمد عليها المدرب في تنمية اللاعب سواء كان مبتدئاً أو متقدماً، وهو من الأسس المهمة التي تشترك مع المهارات الحركية في تكوين اللاعب من الناحية البدنية.
أنواع الإعداد البدني
الإعداد البدني العام: الغرض منه إعداد الفرد الرياضي من الناحية البدنية ووصوله للحالة التي يجب أن يكون عليها الشاب الرياضي من تكامل واتزان في الجسم والقوام.
ويمكن تعريف الإعداد البدني العام على أنه هو الذي يهدف إلى اكتساب الفرد الرياضي الصفات البدنية الأساسية بصورة شاملة ومتزنة ومن أهم الصفات البدنية الأساسية ما يلي: القوة، السرعة، التحمل، المرونة، الرشاقة، والتوازن.
الإعداد البدني الخاص
يهدف إلى تنمية الصفات البدنية الضرورية للاعب كرة القدم والعمل على دوام تطويرها لأقصى مدى حتى يمكن الوصول باللاعب لأعلى المستويات.
والوسيلة الرئيسة للإعداد البدني الخاص هي التمرينات البنائية الخاصة والتمرينات الخاصة بالمنافسات، كما أن الإعداد البدني الخاص يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعملية تنمية المهارات الحركية باللاعب.
وبجانب أن للمدرب واجبات فنية ونفسية فله أيضاً واجبات إدارية كثيرة سنتعرض لها في مقال آخر.
هذه بعض خصائص ومواصفات المدرب الناجح مع بعض التوجيهات البسيطة لمدربي كرة القدم باختلاف أساليبهم لتذكيرهم وإرشادهم إلى بعض الأمور التي تتعلق بالتدريب والتي يفتقدها البعض، ولوضعهم بطرق التدريب الصحيح الذي يؤهلهم لأن يكونوا مدربين ناجحين في عملهم لرفع مستوى لاعبيهم وتطويرهم، ويبقى على المدرب أن يطور من نفسه حسب خبرته التي اكتسبها من خلال ممارسته للعبة كرة القدم وفلسفته واستراتيجيته الخاصة به، ويترك له حرية الإبداع والابتكار لتطوير نفسه ولاعبيه معا ووفقا للمنهاج التدريبي الذي يضعه من أجل تطوير نفسه.
وفي مقالات أخرى ـــ بإذن الله ـــ سنزود الإخوة المدربين بمعلومات مهمة ومفيدة في هذا المجال مع الأمنيات الطيبة لكل المدربين العرب بالنجاح والتقدم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي