«صراع العملات»

أعلنت اليابان قبل أيام أنها ستتحرك لحماية العملة اليابانية في الأسواق العالمية من هجمات المضاربين الذين قفزوا بسعر الين إلى مستويات لم يبلغه منذ 15 عاما، وهي إشارة يجب على المعنيين بالشؤون الاقتصادية التنبه لها، مفادها أن الاختلالات في ميزان التجارة العالمي مال نحو الشرق بصورة أزعجت الشرق والغرب، أكثر من أي وقت مضى.
سوق العملات سوق اتسمت بالتوازن النسبي على مدى عقود وتحديدا منذ استبدال الذهب بالدولار كعملة احتياطيات، إلا أنه ومنذ نحو خمس سنوات ومع تنامي ديون الدول المتقدمة وفوائض الدول الصاعدة، شهد ميلا في التوازن هدد اقتصاديات ضخمة كالاقتصاد الياباني، الذي عانى من تنامي قيمة العملة اليابانية أمام الدولار واليوان الصيني وهو ما أفقد الصادرات اليابانية الجاذبية اللازمة للمنافسة في الأسواق العالمية.
الضرر الذي يطول الاقتصادات المتقدمة والصاعدة ومنها طبعها الاقتصاد السعودي من جراء عدم الاتزان في أسواق العملات ينعكس بصورة سيئة على نوع وحجم التبادل التجاري بين تلك الدول، ويفقد هذا التبادل الحرية اللازمة لتحقيق العدالة التجارية بين دول العالم.
أمريكا اليوم ترغب في أن يشهد الدولار مزيدا من التراجع أمام عملات الين واليورو واليوان، لأن ذلك يمنح الصادرات الأمريكية مزيدا من التوهج لدى المستهلكين، ولكنه في المقابل يحدث ضررا واضحا على الدول المصدرة الأخرى ومنها اليابان وألمانيا، وعلى العملات المرتبطة بالعملة الأمريكية ومنها الريال السعودي والعملات الخليجية.
كان هناك توقع خلال محادثات زعماء العشرين في قمتهم الأخيرة التي عقدت في مدينة تورنتو الكندية، أن "صراع العملات" تم احتواؤه، خصوصا بعد أن تحركت الصين لتحرير مسار اليوان قليلا أمام الدولار ولو على الصعيد الإعلامي، إلا أن ذلك غير صحيح.. فما حدث تحديدا هو تأجيل هذا الصراع، وإن رغبنا أن نكون أكثر تحديدا فإننا نقول تحويله إلى صراع "تحت الطاولة" كما تفعل اليابان الآن، وعلينا كخليجيين أولا خصوصا ونحن نسير في خطوات إطلاق عملة موحدة تكون لها مكانة بين العملات العالمية، أن نبحث في خفايا هذا الصراع، وأن نراقب تحركاته التي تجري في الخفاء، وإن استدعى الأمر أن نشارك فيه.. كما أن علينا أن نستعد لنتائج سيئة قد تنتج عن هذا الصراع، والتي منها تعريض بعض الاحتياطيات الضخمة بالدولار للخطر، وكذلك التأثير في فرص إطلاق عملة خليجية ذات وزن دولي، إلى جانب التأثير في عائدات المصدر القومي الخليجي للدخل والمقوم بالدولار وهو النفط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي