Author

قمة العشرين واختلاف الآراء

|
كما كان متوقعاً أن تكون محصلة قمة العشرين الرابعة امتدادا لنتائج القمم السابقة في عدم الخروج بحلول مستدامة, ولا أبالغ إذا قلت إن تأثيراتها قد تكون أسوأ من تأثيرات القمم السابقة, حيث لم تجد القمة حلا لمشكلة رئيسة ـ من وجهة نظري ـ وهي البعد عن استغلال دول النمو والدول الناشئة لحل مشكلات العالم المتقدم المالية من دون عائد على تلك الدول، والعائد يكمن في دخول جميع الدول الأعضاء في قمة العشرين في حوكمة الاقتصاد العالمي بحسب مواقعها وثقلها الاقتصادي الحالي وبشكل رسمي, وذلك بخروج دول تأسيس النظام العالمي الحالي من وهم ما يسمى ''الدول الكبرى'' وإعطاء دول النمو حقها في إدارة شؤون العالم الند للند. في الوقت الذي أكدت فيه دول مجموعة العشرين أن أولويتها هي تعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي وتقليص العجز في الميزانيات، فإن القمة الرابعة انتهت إلى وعود غامضة وقرارات عائمة، فاختلفت الدول على القرارات, واختلفت على تطبيق القرارات, وأصبح هناك وجهتا نظر, الأولى تؤيد تحفيز الطلب وتنشيط الاقتصاد عبر استمرار الدعم والإنفاق الحكومي, وهذا موقف (أمريكا), وطبعا الدول الصاعدة اقتصاديا كانت ضد سياسات التقشف الحكومي وتقليل الإنفاق العام, لأن ذلك يهدد نموها الاقتصادي, ووجهة النظر الأخرى, التي تتبناها أوروبا, التي تمثلها تحديدا فرنسا وألمانيا وبريطانيا, التي ترى في استمرار الإنفاق خطرا كبيرا على ميزان المدفوعات, وتدعو إلى اتباع سياسات تقشف لتقليص العجوزات. وهذا اختلاف جوهري يؤثر بشكل استراتيجي في من يطبقه, لذلك فإن القرارات الختامية أعطت كل دولة حرية تطبيق تلك الاقتراحات, وهو تأكيد على حجم الفجوة بين الدول الأعضاء وعجزهم على التفاف القرار العالمي على توجه واحد, ويؤكد حجم الأنانية التي تتبناها الدول الكبرى في دفع الدول الصاعدة اقتصاديا على تبني قرارات فقط, لأن تلك القرارات هي طوق النجاة لاقتصادات تعمها الفوضى. أخيراً, ما زلت عند وجهة نظري, أن أي حلول مستدامة يجب أن تأخذ معها حلولا تطبيقية على تركيبة المؤسسات الدولية, منها صندوق النقد الدولي IMF, التي قد تكون إحدى أدوات الإصلاح المالي العالمي إذا أمكن إيجاد تمثيل عالمي عادل في مجلس المحافظين أو المجلس التنفيذي ذي الـ 24 مقعداً، أو على حقوق التصويت, وألا يكون إصلاح صندوق النقد على حساب الدول الصاعدة والنامية, وهو الحق الطبيعي التي يجب أن تطالب به الدول الصاعدة, وعلى رأسها المملكة, ويجب أن تأتي الزيادة من حصص الدول المتقدمة التي يزيد تمثيلها على الحد اللازم, فميزان القوة اليوم يختلف عن ميزان القوة عن إنشاء الصندوق, لذلك فإن سياسات الصندوق يجب أن تعكس تأثير الأعضاء فيه. ولعل هذه النقطة بقيت دون حلول واضحة من خلال القمم الأربع السابقة, ولعل هذا أحد الأسباب التي أسهمت في عدم وجود حلول مستدامة للأزمة, الاكتفاء بالمهدئات على أمل استجابة الاقتصاد العالمي لها, ومن ثم تتفادى الدول الكبرى الدخول في مفاوضات مع دول النمو لأخذ نصيب عادل في توجيه السياسة الاقتصادية العالمية التي بقيت لمدة تزيد على 50 عاما في يد الدول الكبرى من دون تسمية دول بعينها. إن القمة المقبلة في كوريا الجنوبية، المقررة خلال تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل يجب أن تركز على إعادة الهيكلة الاقتصادية العالمية بشكل عادل, وإلا فإن النتائج لن تكون أفضل من النتائج السابقة, بل على العكس, أرى أنها ربما تزيد الأمر سوءا, هذا على افتراض أن الأمر لن يسوء قبل الوصول إلى كوريا.
إنشرها