أفزعتني منيرة

حين تشرّفت بحضور حفل لتخريج متدربات المعهد العالي التقني للبنات في جدة، ببرنامجيه الأساسي والموازي لتخصصات الدعم الفني والمحاسبة والتصميم والتجميل، نازعَني حول ذلك شعوران أولهما كانت الفرحة بأن بناتنا يحملن أعباء مهنتي ''تزيين النساء'' و''الخياطة'' وغيرهما، تلك المهن التي كانت جدتي جواهر تعمل بها في البيت وكانت تمثل لها الدخل الأوحد بعد أن توفي جدي رحمه الله، والآخر الشعور بالغبطة في أن أكونَ من بين ضيوف الحفل فأقابل الدكتورة منيرة بنت سليمان بن علي العلولا، التي تقلدت أعلى منصب تتولاه امرأة في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في بلادي.
واعتبرتُ مشاركتي شرفاً لي بكل المقاييس! لكنّني في الوقت نفسه شعرتُ بقدر غير قليل من الفَزَع خشية أن تُخفقَ مفرداتي العربية أمام منيرتنا التي تحمل درجة الدكتوراه في اللغة العربية.
ورُبَّ قارئ يسأل: ولِمَ الفزع؟ فأقول: أفزعُ من الكتابة عن حواء التي لمستُ تميزها الواضح لكل عين، فهي موسوعةٌ ثقافية تثبت نفسها حضُوراً، وأداء، وإنجازاً منذ مسيرتها الأولى في سلك التعليم وفي خدمة الوطن.
الدكتورة منيرة خدمت وطنَها في أكثر من موقع وعلى أكثر من مستوى. وفي الحقيقة فإنني أفزعُ من الكتابة عمّن تحمل هم بناتنا وتخاطبهن باستمرار وتحثهن وتشجعهن على المثابرة، ولها أحاديث رقيقة مع شابات الوطن فتخاطبهن بقولها ''عندما يخطئ الطبيب فإنه يقتل إنسانا، أما المعلم فبخطئه يقتل أمة بأكملها''.
أقولُ، إن المرءَ ليحَارُ من أين وبمَ يبدأ، وكيف وبمَ يختمُ حديثاً عن الدكتورة منيرة العلولا، الأكاديمية ونائبة المحافظ والأديبُة والإنسانة! وأيّاً ما قلت عنها في هذا المقام، فحديثي عنها (مجروح)، لأنها قريبة من العين ومن القلب، ثم إن سيرتها في التعليم تستحقُّ أن يُفْردَ لها سفرٌ كامل لا سطورٌ عائشية.
فمن خلال التعليم امتطت معاليها متنَ المعرفة والتخصص في اللغة العربية حتى أصبحت الخبيرة المتميزة، مصطحبةً جيلَ اليوم إلى مهن نحتاج إليها وسنحتاج إليها في مسيرة بناء مستقبل الوطن.

وأخيراً .. وليس آخراً، هي نائبة محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني.
إن الدكتورة منيرة بنت سليمان بن علي العلولا مزيجٌ من العلم والخبرة والتأملّ في شؤون المرأة بشكل عام وفي شجون البطالة النسائية بشكل خاص. إنها منيرة، التي أفزعتني حين قررت الكتابة عنها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي