عندما بكى الشطي

في أعقاب احتلال العراق للكويت مطلع التسعينيات، انتظم في جدة لقاء في قصر المؤتمرات ترأسه الشيخ سعد الصباح يرحمه الله. وشارك فيه رموز الكويت من مختلف الأطياف. هناك قابلت الدكتور إسماعيل الشطي وهو أحد رموز الإخوان المسلمين في بلاده، كان للتو خارجا من الكويت، بدت عليه آثار التعب والعناء، وكان مصدوما من مواقف الإخوان المسلمين من قضية احتلال بلاده. كنت أجريت معه حوارا صحفيا في هذا الشأن استمر لمدة ساعتين. خلال الحوار غلبت الدكتور إسماعيل الشطي دمعات مريرة نزلت من عينيه. دمعات الشطي كانت تبكي وطنا، وتبكي وفاء، وتبكي رجولة وشهامة طارتا بسبب نزق الساسة الملتحين. مؤلم أن تتصور أنك تتكئ على جدار ثم تكتشف أن هذا الجدار أوهى من بيت العنكبوت. تعامل الإخوان المسلمون مع قضية احتلال الكويت بمنتهى اللؤم. هذا الأمر ناتج بالدرجة الأولى عن التدين السياسي الأعوج. اليوم تكرر الموقف ذاته من تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، وهم نظرا لوجود مصالح مشتركة بينهم وبين إيران يصوغون كلماتهم ورؤاهم فيما يخص تسلل الحوثيين عبر الحدود السعودية بشكل منحاز لوجهة النظر الإيرانية. التدين السياسي المنحاز أفقد هذه التنظيمات مصداقيتها وجعلها عارية تماما. لم تعد صورة إخوان مصر ولا صورة حماس تتمتع بالوهج الذي كانت عليه في السابق، فقد كشفت الشدائد ـ جزاها الله ما تستحق ـ أن «خندق» السياسة جعل بوصلة الدين تنحاز وتقاطع الحياد.
ما أطيب دين العجائز، دين الفطرة، دين الصدق، دين الرأي الواحد غير المتلون وفقا للمزاج السياسي. لكن عواجيز «الإخوان المسلمون» شبوا على خلاف ذلك، ومن شب على شيء شاب عليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي