Author

توحيد التيار 110 و220 فولت .. من المسؤول؟

|
لا أعتقد أن هناك معاناة أكبر من معاناتنا باحتراق وتلف الأجهزة الكهربائية يوميا, ويخسر المواطن والدولة الملايين, والسبب هو ازدواجية شدة التيار الكهربائي. وفي كل يوم نعتب على أبنائنا والخدم ونحتدم ونغضب عندما يضعون بالخطأ جهازا كهربائيا في غير المقبس المناسب. وهي معاناة نطالب بها منذ سنوات لتوحيد نوع التيار الكهربائي الذي نستعمله في مبانينا ليكون 110 أو 220 فولت. وكذلك أنواع مخارج الكهرباء (الأفياش أو المقابس) التي تكون مرة فتحتين ومرة ثلاثا ومرة دائرية ومرة مستطيلة. فقد تعبنا وخسرنا كثيرا من الأجهزة الكهربائية التي يشتريها المواطن ثم تحترق بسبب الخطأ في وضعها في مخرج الكهرباء غير المناسب. والأسوأ من ذلك هو أن الأفياش ( المقابس) في بلادنا مختلفة ومتنوعة ومرة تكون أوروبية ومرة أمريكية أو شرق آسيوية. ومنها الدائري ومنها المستطيل ومنها فتحتان أو ثلاث, وفي المقابل فإن مقابس (أفياش) الأجهزة الكهربائية تكون أيضا مختلفة. وفي كل مرة تستبدل أي أجهزة فإن المخارج لا تتناسب معها مما يضطر المستهلك إلى المعاناة والبحث عن العمالة الأجنبية لتشغيلها في هذا المجال. لقد خاطبنا عدة مرات من منبر هذه الصحيفة عديدا من الجهات أولاها هيئة حماية المستهلك ثم مجلس الشورى وشركات الكهرباء والهيئة العامة للمواصفات. ولكن لم نسمع حتى ردا أو تبريرا .. فمتى سنرى الأمل؟ فقد سبق أن طالبنا كثيرا لحل هذه المعاناة التي يعانيها الجميع ولكن لم نسمع ردا أو صوتا ولا ندري من المسؤول, هل هو الهيئة العامة للمواصفات أم مجلس الشورى أم وزارة التجارة والصناعة؟ ألا يحس أحدهم بمعاناة المستهلك؟ ولماذا يتكلف عمل التمديدات الكهربائية في منزله ومكتبه للنظامين واحتمال الالتباس للمستخدمين ما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة من جراء حرق وإتلاف الأجهزة المنزلية أو حدوث التماسات الكهربائية. ولماذا هذه الازدواجية وإتعاب المستهلك للقراءة والتأكد كل مرة هل الجهاز 110 أم 220, إضافة إلى خطورة التيار واحتمال تعطل الأجهزة. ولماذا لا تكون هناك قرارات لتوحيد التيار والأجهزة للمناطق السكنية بحيث تكون إما 110 أو 220 حسب الأفضل بحثيا؟ أو كما هو متبع دوليا وتوحيد الأفياش لتكون من نوع واحد قياسي فقط. ولماذا لا يتم تحديد مواصفات جميع الأجهزة المستوردة بحيث تعمل على التيار الموحد, وأن تكون أفياشها نوعا موحدا حسب المواصفات السعودية. إضافة إلى أن هذا التوحيد يساعد على تقليل مساحات العرض للمحال التجارية وعدم إثقال كاهل التاجر بعرض أكثر من صنف وما يؤدي إليه ذلك من توفير لوقت المستهلك وجهده. ومع عدم إغفال أهمية التشجيع على استخدام نظام تفريغ الشحنات والصواعق إلى الأرض EARTHING. تعد عملية تنظيم أو توحيد المواصفات لمواد البناء سواء للمنتجات التجارية أو الصناعية STANDARDAIZATION إحدى أهم ركائز الاقتصاد الوطني وأنجح الوسائل للتوفير وتقليص حجم المدفوعات والاستيرادات المتعددة والمتكررة للسلعة الواحدة وتوفير الوقت والمال لراحة المواطن. وهي أساس التخطيط للاقتصاد والترشيد الوطني لدى معظم دول العالم, إذ تعد من أهم الخطوات في عملية ملء الفجوة العميقة في عملية التوحيد الشامل لجميع الأنظمة التي تشمل حتى توحيد الأسماء والمصطلحات وترجمتها وتهيئة المناخ العام استعدادا للخوض بخطى ثابتة في خضم الاتفاقيات الدولية في النظام العالمي الجديد. إن عملية توحيد مواصفات الأجهزة والأنظمة الكهربائية وغيرها في بلدنا ما زالت متأخرة تماما. وقد نسمع جعجعة بين الحين والآخر ولكن لا نرى إلا زبدا لا تتبعه أي فائدة مرجوة. الأسواق ما زالت تزخر بأشكال ومواصفات مختلفة ومتناثرة من حيث المقايسات والنوعيات والجودة وما زالت الحجة هي حرية التجارة التي لن تكون حرة دون تنظيم وتقنين. ولا يزال المستهلكون يرضخون للدوران في زوبعة اتخاذ القرار وضياع مدخراتهم في عملية التغيير المتكررة من نوع إلى آخر, إضافة إلى الحيرة وتشتت الفكر ما يضطرهم أحيانا إلى تغيير نظام كهربائي أو هاتفي أو صحي إلى نوع آخر ربما لا يكون بالضرورة أجدى. إن الموضوع يحتم علينا أهمية النظر فيه, وأن يتم إعداد مسودة له ثم يتم عقد مؤتمرات محلية لمناقشة مشكلات مواصفات مواد البناء مع المختصين سواء في القطاع الخاص أو العام وإرسال دعوات للمهندسين من الإدارات الحكومية والمقاولين وعمل استبيانات وحلقات نقاش متخصصة على عدة حلقات, وكل لتخصص معين مثل ما يهم الأمور الكهربائية والإنشائية والميكانيكية وغيرها. وما يتبع ذلك من عمل الأبحاث الميدانية لتقصي المشكلة وأبعادها وعمل الاستبيانات أيضا للمستهلكين والتجار لمعرفة آرائهم ومشكلاتهم. فموضوع توحيد مواصفات مواد الأجهزة والمواد والأدوات أمر مهم وضروري وهو أكبر مما تتصوره الهيئة لأنه يمس حياة كل مواطن. لقد سبق طرح هذا الموضوع عدة مرات مما يدعو إلى التساؤل عما تم في هذا المجال وأين التطبيق والمتابعة من قبل الإدارات المسؤولة عن ذلك؟ إن عدم المبالاة يستدعي طرح الموضوع أمام مجلس الشورى لإنقاذ المواطنين من هذه الخسائر. إن مثل هذه الحلول ربما تكون صعبة إذا لم يسبقها تخطيط مسبق لما تسببه أحيانا لبعض التجار من خسائر نتيجة كساد بضائعهم التي سبق استيرادها, ولكن عملية إشعارهم قبل فترة زمنية كافية (سنتان إلى خمس سنوات)، بحيث يعلمون أن هذا القرار سينفذ بعد تلك الفترة وبحيث يتم التخلص مما لديهم تدريجيا، قد يمنع الضرر. وعلى أي حال فإن ما يعود عليه هذا الأمر للمجتمع من فائدة على المدى الطويل أهم بكثير من خسارة حفنة من التجار غير المبالين.
إنشرها