الاستثمار في العراق

الاستثمار في العراق

رياض إبراهيم الدليمي الاستثمار في العراق.. مابين ضعف التشريع وسوء الإدارة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطمح أكثر من إمكاناتنا الذاتية وقلة خبراتنا وحداثة تجربة التحول من نظام إلى نظام ونحن نناقش حركة الاستثمار كنظام اقتصادي نطمح تطبيقه في العراق في ظل تحديات كبيرة من أهمها تحديات سياسية وأمنية وقوانين نافذة قديمة تعتبر الإرث التشريعي للدولة بالإضافة لذلك قلة الخبرات في هذا المجال – الاستثمار – وهروب الاستثمار الوطني ومخاوف الرأسمال العالمي أو المحلي وخاصة في ظل التحديات التي تواجه العراق والأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها العالم . وكما نعلم بان قانون الاستثمار المرقم 13 الذي صدر عام 2006 مازال قانون غير مفعل ينقصه الكثير من التعديلات التي تشجع المستثمر وتكون نقاط جذب وخاصة أن العراق لديه المجالات الواسعة للاستثمار وفي مختلف المجالات, فالبيروقراطية مازالت تشكل عقبة كبيرة بوجه المستثمر وقد تكون هذه العقبة بفعل القوانين النافذة التي تتقاطع مع الاستثمار أو قد تكون مصطنعة بفعل الفساد الإداري والمالي أو بفعل بعض التداعيات والهواجس للمنظومات الفردية أو الجمعية خشية من دخول الأجنبي بصفته مستعمرا لا مستثمرا نتيجة للذاكرة والثقافة التي تغلغلت في ضمير الفرد نتيجة التثقيف الشمولي للسلطة السابقة طيلة العقود الماضية كما هو واضح للعيان , أو عدم إيمان الفرد بالتجربة السياسية الحديثة وكما يعتقد البعض بأنها غير واضحة المعالم وخاصة أن العراق قابع تحت الاحتلال فهذه تعتبر من أهم العقبات التي تواجه المستثمر وكذلك تشكل هاجس للفرد العراقي كمسئول وموظف بالدولة مما يحاول البعض منهم وضع العقبات أمام المستثمرين وخاصة في حالة طلب تخصيص الأراضي للاستثمار وما يرافقها من معاملات ,وأضف إلى ذلك أن الدوائر المختصة من الوزارة بدء وباعتبارها اعلي الهرم ونزولا إلى المديريات وقعت تحت مطرقة السندان – أي القوانين القديمة النافذة التي لا تتلاءم مع توجهات الاقتصاد العراقي ومابين التشريعات الحديثة أي قوانين الاستثمار- فيبدو عليها الإرباك من خلال الفراغ التشريعي الذي ينظم العلاقة بين القوانين القديمة والقوانين الحديثة , فالسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن التعامل مع قانون بيع وإيجار أملاك الدولة المرقم 32لسنة 1986 وتعديلاته التي حددت العلاقة مابين الدولة من جهة ومابين المستأجر والمشتري وبشكل واضح لا لبس فيه وعلى ضوئه تعمل كافة الوزارات والدوائر بموجبه طيلة الحقبة الزمنية الفائتة ومازالت , ومابين قانون الاستثمار الحالي لعام 2006الذي سمح للرأسمال الأجنبي والمحلي من استغلال الأراضي والمباني والمنشآت الخاصة والعامة بمشاريع عمرانية وسكنية وصناعية وتجارية وزراعية وغيرها وفق آليات قد تتشابه أو تختلف مع قانون 32 لسنة 1986بالاضافة إلى القوانين الأخرى وخاصة 35 و117 و80الخاصة بتأجير واستغلال الأراضي أو تملكها . لهذا فالمشرع العراقي أمام مهمات جمة ومعقدة لغرض تطوير التشريعات الخاصة بالاستثمار وخاصة قانون النفط والغاز,وكيفية معالجة القوانين القديمة وتنظيم علاقتها مع القوانين الحديثة أو إلغائها وتشريع قوانين تتلاءم مع السياسة الاقتصادية للدولة وفق المعطيات الدستورية والرؤى التي كتبت الدستور النافذ والتي وضحت في مواده ملامح الاقتصاد العراقي الجديد وتوجهاته نحو اقتصاد السوق , لهذا أمام المشرع العراقي مهمة أولى هي إعادة النظر بالقوانين النافذة أما تعديلها أو إلغائها قبل الشروع بالاستثمار , هذا من جهة ومن جهة أخرى لابد من تبديد المخاوف التي تبديها الوزارات أو الأفراد كمسئولين أو موظفين من قانون الاستثمار عن طريق التطمينات الواجب توفيرها لهم وزرع الثقة بما تخططه الدولة وإقناعهم بان الاستثمار هو نظام اقتصادي ناجح في حل مشكلات البلد المختلفة وعجز موارد الدولة من توفير كل احتياجات وخدمات المواطن وتحسين الوضع ألمعاشي للفرد عن طريق موارد البلد المحدودة وهذا يضمن تعاون الوزارات والدوائر في تطبيق قانون الاستثمار والتعاون مع المستثمر في انجاز معاملاته بيسر وسلاسة وبلا تعقيد , أي ما نعنيه هو جعل الدائرة والأفراد شركاء في رسم مستقبل البلد الاقتصادي لكي نضمن مشاركتهم الايجابية ويصبحوا مصدر تعاون لا عرقلة , لان وضع التشريعات وما يلحقها من عقوبات غير مجدية إذا ما أردنا إنجاحها لان العقوبات التي نصدرها بحق الدوائر أو الموظفين الذين يعرقلون تطبيق القوانين لديهم القدرة والإمكانية والخبرة من إبعادها عنهم . ملخص القول أن قانون الاستثمار لم يسبقه تثقيف وتوعية بالقدر اللازم هذا من جهة ومن جهة أخرى تم تشريع القانون بعجالة دون معالجة للقوانين النافذة كما أسلفنا و اعتقد هذا يعود لأسباب كثيرة من أهمها قلة الخبرات في هذا المجال وعجالة التشريع ولربما وقع المشرع العراقي تحت ضغوط وتحديات كبيرة أو لطموح المشرع في إيجاد قوانين وتشريعات تنسجم مع التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحاصلة بالعراق بعد 2003 فأراد أن يعطي إشارات للداخل والخارج بثمرات التغيير والتحول من نظام إلى نظام أخر ,و في تقديري هذه طموحات مشروعة . إن مشكلة تمليك الأرض أو البناء للمستثمر تعد عقبة أخرى بوجه المستثمر فلقد عالجت كثيرا من الدول هذه المشكلة وكل دولة عالجتها وفق رؤيتها ومصلحتها بما يضمن مستقبلها وبذات الوقت حقوق المستثمر , فما زال قانون الاستثمار 13 لسنة 2006 لم يعالج هذه المشكلة رغم التعديلات التي اقترحها مجلس الوزراء فقد تضمن القانون المذكور آنفا - أن للمستثمر الحق في استثمار الأرض مدة من الزمن لا تزيد عن خمسين سنة - وهذه المدة المنصوص عليها بالقانون لا تشجع المستثمر وبدت تقلقه كثيرا وخاصة ان العراق ماض للاستقرار وهذه تشكل عقبة رئيسة أمام الاستثمار. وثمة مشكل آخر لا يقل أهمية عما تقدم هو امتناع البنك المركزي من الدخول كشريك او ضامن مع الشركات الاستثمارية أو ما مدى استعداه لكي يقدم التسهيلات ورفع القيود عنه من خلال إصلاح القوانين التي يعمل فيها والتي تكبله من المضي مع الاستثمار باعتباره شريك فاعل في رفع احتياطاته وأرباحه , وكذلك عدم وجود البنوك الأخرى سواء كانت حكومية أو مساهمة أو خاصة كي تكون شريك كفء للشركات الاستثمارية وخاصة الكبرى منها وهذا بطبيعة الحال يشكل حجر عثرة وقيدا آخر يحد من حركة الاستثمار في العراق . ونعود لموضوع البحث حول سوء الإدارة ومشكلة هيكلية هيئة الاستثمار الوطنية نجد أن الهيئة لم تكتمل تشكيلاتها ومازالت في بداية عملها ولم تستقر عل رئيسا لها ومازالت يرأسها رئيسا بالوكالة وقد يعود هذا لأسباب سياسية وقد استبدل أكثر من رئيس ومدير للهيئة الوطنية أو فروعها بالمحافظات لأسباب قد تتعلق بعدم الكفاءة أو للعجالة في الاختيار وهذا ينعكس سلبا على أداء الهيئة وتشكيلاتها وفقدان ثقة الشركات بمصداقية الهيئة من خلال استبدال البرامج الاستثمارية تبعا لسياسة رئيس الهيئة وكذلك لعدم التواصل مع ما سوق له الكادر السابق من فرص استثمارية في العراق أو متابعة مذكرات التفاهم التي وقعها الرئيس السابق مع الشركات والمؤسسات الدولية فالاستقرار الإداري يعد بالغ الأهمية ومصدر ثقة للجميع وتعطي قوة للهيئات , أضف إلى ذلك أن الهيئات الاستثمارية لابد أن تكون منسق فاعل مع الدوائر الحكومية والقطاع الخاص من اجل الترويج للاستثمار في ميادين هذه الدوائر والقطاعات والتركيز عل المشاريع البسيطة وليست الإستراتيجية وهذا خلل يؤشر على هيئات الاستثمار وكذلك لا يمكن القبول بأي فرصة استثمارية أجنبية فكثير من الفرص الاستثمارية يستطيع المستثمر المحلي استثمارها ولا يحقق الأجنبي للبلد أي شي لا الخبرة ولا التقنيات الحديثة ولا التصاميم الحديثة ولا الخدمة المطلوبة في حالة استثمارها ولدينا شواهد كثيرة على ذلك , فلابد من توجيه المستثمر الأجنبي للاستثمار في المشاريع الإستراتيجية التي لا يستطيع المستثمر المحلي عليها ولا بد من وضع خطة محكمة للاستثمار ونعرف بأي القطاعات نستثمر وأي نوع من الاستثمار نستقطب . فلأمر الحاصل نعلن عن أي شيء للاستثمار وفي أي مجال دون دراسة أو مشورة ولا يسهم ما أعلناه في تحقيق التنمية ولا توجد خطط إستراتيجية بعيدة للاستثمار في معظم هيئات الاستثمار, واغلب الفرص المعلن عنها اختيرت بشكل عشوائي دون دراسة تذكر ومعظمها اختير لعدم توفر البديل واقصد المعاملات الخاصة بهذا المشروع البسيط قد أنجز ليس إلا أي لم يؤخذ بنظر الاعتبار مقدار التنمية التي يحققها المشروع والجدوى الاقتصادية وانعكاسها على الفرد والمجتمع . إن الاعتماد على مصدر أو مصدرين للإيرادات يسهم في إبقاء البلد تحت طائلة التنمية المتعثرة وضعف الخدمات وضعف المستوى المعاشي وكثير من الأزمات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية وضعف التنمية البشرية , وعدم القدرة على الصمود بوجه هذه الأزمات لضعف الاقتصاد وقلة الاحتياطي من العملات والموارد الأخرى , فنحن نعتقد أن الاستثمار هو الأقرب إلى حل مشكلات البلد وليس هناك بديل لان البلد منهك اقتصاديا وتنمويا وليس هناك القدرة على استغلال الموارد الزراعية والنفطية والمعادن والسياحة بالشكل الأمثل بدون تدخل رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية على حد سواء وكل ذلك يقع عل عاتق الدولة من خلال إيجاد سياسة اقتصادية واقعية وواضحة وطموحة ومدروسة تنظم بقوانين وتشريعات فاعلة.
إنشرها

أضف تعليق