حين دخلت في أعماق أمي

حين دخلت في أعماق أمي

أروى جادي:

إعادتنا نتصفحه قليلا ، ولآن نحن سنبحر فيه ، وهو معنى يضمنا جميعا بين حناياه ويجمعنا دوما في ظله .. .. في أغرب ، أقوى ، أضعف ، أحزن ، أجمل الأوقات وظروفها في مراحل حياتنا ومحطاتها .

معنى يبقى مهما غاب صاحبه لأنه ينبع من معنى يثبت جذوره في أعماقنا ، وحين نبحر طويلا بعيد عنه نعود مسرعين وجلين للبحث عنه ، حتى نروى من نهل معناه .

تظن أنك تحمله في قلبك وتدركه وتحتويه إنما تعرفت على معناه .
ولكن هو يحتويك يأخذك يدفئك ليشعرك بالأمان .

في أول عراك للحياة أو أخره ستجد نفسك تنادي .. أين أنت أمي ؟

عندما كتبت أمي أسرع قلمي على الأسطر كالبرق .يتقافز ، ويهلل ، ويبتسم ، كأنه ينتظرا للكتابة عنه منذ زمن .. آه يتسابق مع كلماته ليبحر في معنى ،وأعماق أمي .. أنه يتحدى، يزعم بأنه يستطيع وصف أعماقها ، والكلمات تدرك أنها تعجز عن الإبحار في أعماقها ومحتواها .

فلأمومة هبة من الله سبحانه وتعالى وهبة المرأة ، وما أعظمها من هبه .
منحت لتخلد النبع وتفجره وينضح بالعاطفة الجياشة والحنان والعطاء والصدق والوفاء لتصبح شاطئ الأمان والاستقرار لنا.

كثيرا ماحكي وقص ونظم من كلمات عن الأم وقبل كل ذلك مكانتها في ديننا الحنيف واقتران طاعتها بطاعة الله ووضع الجنة تحت أقدامها.

قد تسافر يوما وتغيب عن منبعك ومسقط رأسك ،فتسأل من أين أنت ؟
ترتعش قليلا لتحكي ، وطني الآم أمي ، فالوطن هو الأم ، فما يعني الوطن . أذا الوطن بسمائه وبحاره وجباله ووديانه وسهوله وشعبه هو أمي، وإنما أمي الوطن .

في شتاء قارص عودت وحيدا بعد رحلة طويلة، أو أزمة ما . تصمت الدنيا ، فتسمع أضلاعك تنادي .. أمي

أذرفت دمعه، أو رسمت بسمة ،فرحة عارمة، نجاح باهر ،أنجاز قطفت ثماره ،
ربما هزيمة من صفحات الحياة تبحث أين أمي .

كفى أيها القلم أبحارا في أعماقها فالأسطر شارفت على الانتهاء ونحن لم نصل بعد إلى أعماق أمي .

الأكثر قراءة