Author

المسؤولية الاجتماعية تستقطب رجال الأعمال من الجمعيات الخيرية

|
[email protected] تستقطب الغرف التجارية في السعودية ـ وفي مقدمتها غرفة جدة ـ رجال الأعمال لتفعيل المسؤولية الاجتماعية، وأنطلق من مقال الأستاذة نائلة عطار الرائع في جريدة "الاقتصادية" في العدد 4963، وأكد معها أن هناك فرصا كبيرة لنجاح القطاع الخاص مع المجتمع المدني من خلال المسؤولية الاجتماعية، وذلك لموجهة احتياجات الشباب في التدريب المهني وإعداد برامج وأفكار للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتمويلهم بالمال والخبرة وإنشاء صندوق لحماية صغار المستثمرين من الإفلاس، وتأسيس مكاتب متخصصة لسيدات الأعمال في إنهاء الأعمال الحكومية في الغرفة التجارية. الغرف التجارية والقطاع الخاص يسعيان لتصحيح المفهوم الفكري بأن حالات المحتاجين لا يمكن التعامل معها إلا من قبل الجهات الحكومية أو الجمعيات الخيرية، لأن المواطنين والمنتسبين الصغار للغرف التجارية يحتاجون إلى شراكة وكرامة أكثر مما يحتاجون إلى صدقات وتبرعات، حيث ارتفع عدد العاطلين عن العمل في السعودية ـ حسب التقديرات الرسمية ـ من 300 ألف عاطل سنة 2004 إلى نصف مليون في الفترة الأخيرة؟ وواصل معدل البطالة ارتفاعه من 9 في المائة إلى 12 في المائة، حسب آخر النتائج المعلنة بالنسبة للذكور، وثلاثة أضعاف ذلك لدى الإناث، والحل بالمشاركة الفاعلة والناجحة للشركات والمؤسسات الوطنية من أمثال: الشركة الاجتماعية الرائدة عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع, مجموعة بن لادن للتدريب المهني, مركز سعد الصانع للتطوير الأعمال, مؤسسات الراجحي للتنمية, بغلف الظافر في الإسكان الميسر, مركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة, مركز الجفالي (العون) للتأهيل, وصاحب المبادرات الاجتماعية المتميزة المهندس ناصر الرشيد. إن رجال الأعمال يرغبون في المشاركة الاجتماعية، وينظرون إلى هذا المشروع على أنه نشاط اجتماعي ووطني وإنساني يهدف إلى التنمية، ودورهم في المسؤولية الاجتماعية أعمق وأنجح في معالجة البطالة، وفاعل في تشغيل المرأة وتأهيل الأيتام وإعداد الكوادر الوطنية للعمل المهني، ودورهم يتجاوز فكرياً وعملياً دور الجمعيات الخيرية، وهذا ليس تقليلا من دور الجمعيات الخيرية، ولكن الجمعيات الخيرية منذ تأسيسها عام 1395هـ والتي يقدر عددها بـ 400 جمعية، تعتمد على إعانات من الدولة وعلى تبرعات المحسنين من أصحاب رؤوس الأموال، وعطاؤهم ونجاحهم مرتبط بهذا الدخل. والجمعيات الخيرية تنتابه الكثير من المشكلات والعوائق، والتي يمكن إجمالها في: ضعف التنظيم وقلة الإمكانات والخبرات التي تحول دون الإنجاز المتوقع منها، لذلك أصبحت الجمعيات الخيرية مثل القطاع العام (بيروقراطية واحتياج دائم للدعم المالي)، وإن نجحت الجمعيات الخيرية في الجانب الخيري إلا أنها فشلت في الجانب الاجتماعي حتى الآن إذ إنها لم تستطع تعريف نفسها وخدماتها بشكل صحيح لأفراد المجتمع أو جذبهم إليها، ومن سلبياتها أنها أصبحت تحت سيطرة وإشراف رجال الدين مما أدى إلى حالة من الانكماش وعدم الانفتاح بالشكل المطلوب، بينما المسؤولية الاجتماعية ليست مجرد المشاركة بدعم مالي، وإنما تتسع لتشمل مسؤوليتهم تجاه أفراد المجتمع والمتعاملين معها والعمل على فتح باب الرزق والعمل للشباب، وخلق مشاريع صغيرة ومتوسطة، ودور الشركات الكبيرة ورجال الأعمال نحو الشباب دور تنموي أساسي, ويصبح العطاء من أجل التنمية وهي جزء لا يتجزأ من أنشطة هذه الشركات، وأصبحت المسؤولية الاجتماعية مؤثرة في المجتمع لأنها أخذت شكلا تنظيميا ومؤسسيا، لها أهداف ربحية ولكنها تعود مرة أخرى للاستثمار في حقول جديدة تتفاعل مع احتياجات المجتمع المتغيرة. إن مفهوم المسؤولية الاجتماعية هي التزام أصحاب النشاطات التجارية بالإسهام في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع الداخلي لتحسين مستوى معيشة المواطن بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد، وباتت تضع أسس ومفاهيم العمل الجماعي، تعتمد على المبادرات الحسنة من رجال الأعمال دون وجود إجراءات ملزمة قانونيا، لذلك فإن المسؤولية الاجتماعية سوف تتطور من خلال الإقناع ورفع المسؤولية الوطنية لدى الشركات ورجال أعمالها. ومع ترسيخ وانتشار مفهوم المسؤولية الاجتماعية، أصبح من الصعب على الشركات الكبيرة التغاضي عن دورها التنموي وإحساسها بالمسؤولية الاجتماعية داخل المجتمع، وأهمية هذه المشاركة الاجتماعية لا تكمن فقط في مجرد الشعور بالمسؤولية وإنما أصبحت أمرا ضروريا لكسب تعاطف المجتمع واحترامه وبالتالي ضمان النجاح والإقبال الكبير من المواطنين. ونتيجة لذلك سعت العديد من الشركات في إنشاء مؤسسات تنموية أو على الأقل عمل خطة سنوية منظمة واضحة الأهداف والمعالم لمساعدة الفئات المهمشة في المجتمع ومحاولة تنميتها بشكل فاعل. في السعودية ما يقارب 400 ألف رجل أعمال لديهم 35 مؤسسة اجتماعية تنموية، والملاحظ أن عدد الشركات المتبنية هذه الثقافة يمثلون قلة من الشركات الكبرى في حين أن الغالبية يجهلون تماما هذا المفهوم، وهذا مرتبط بغياب ثقافة العطاء للتنمية حيث إن معظم جهود رجال الأعمال تنحصر في دعم أعمال خيرية غير تنموية، ومرتبطة بإطعام فقراء أو توفير ملابس أو إطعام صائم، دون التطرق إلى تغير المستوى المعيشي للفقراء بشكل جذري ومستدام. ختاماً يجب على وزارة الشؤون الاجتماعية وضع القوانين المحفزة لرجال الأعمال، وعلى وزارة التجارة والصناعة توضيح الالتزام الأخلاقي للشركات، لأن مجالات المسؤوليات الاجتماعية أوسع وأشمل، وتعمل على تنظيم وإدارة الأعمال وفق مبادئ وقواعد أخلاقية، والمشاركة مع الفقراء والطبقات الوسطى (على أساس ربحي) وحماية البيئة وتطويرها، وحماية الموارد الأساسية كالمياه والكهرباء والحياة البرية والزراعة وتطويرها، ومكافحة الفساد الإداري، والتزام بحقوق الإنسان والعمل والعمال، ومساعدتهم على تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية مثل الادخار والتأمين والرعاية لهم ولعائلاتهم، ومشاركتهم في الأرباح.
إنشرها