برامج الدراسات العليا

برامج الدراسات العليا

يُعتبر تصنيف "كارنيجي" Carnegie لمؤسسات التعليم العالي من التصنيفات المهمة المُستخدمة على نطاق واسع في تقييم هذه المؤسسات، في شتى أنحاء العالم. ويضع هذا التصنيف الجامعات التي تحتوي على برامج لدرجتي الماجستير والدكتوراة، في مجالات مُتعددة، في مُقدمة مؤسسات التعليم العالي.
يُقدم هذا التصنيف حداً أدنى للدراسات العليا، في الجامعة التي تنتمي إلى الفئة الأولى من هذا التصنيف، يقضي بوجود "15 برنامجاً للدكتوراة"، في تخصصات مُختلفة في هذه الجامعة. وبالطبع ينطبق هذا الحد الأدنى لتصنيف الفئة الأولى على كثير من الجامعات، لكن هذه الجامعات تخضع أيضاً للتصنيف فيما بينها، على أساس عدد خريجي الدراسات العليا فيها، كنسبة من مُجمل عدد الخريجين، وحجم العطاء البحثي الذي تُقدمه، وقيمته العلمية، إضافة إلى عوامل تفوق أخرى مُتعددة.
ولا شك أن اختيار الدراسات العليا كعامل أساسي لتصنيف مؤسسات التعليم العالي أمر مُحق تماماً، نظراً لأهمية هذه الدراسات في الحياة الأكاديمية الجامعية، وفي مدى تفاعل الجامعة مع المُجتمع وتأثيرها فيه. فالدراسات العليا هي التي تأتي بالعقول البشرية الشابة والمتميزة وتُؤهلها بالمهارات البحثية، وتضعها في بيئة البحث العلمي والعطاء المعرفي، وتُرشدها إلى الموضوعات الحيوية المهمة، وإلى التوجهات الواعدة التي تُعطى بحوثاً تتمتع بالأصالة والجدوى. وفي إطار هذه الوظيفة المهمة للدراسات العليا تؤسس الجامعة لإمكانات بحثية، على أرضها، وتتعاون مع مؤسسات المجتمع، وتتلقى الدعم منها، وتثريها بالأفكار والمعارف الجديدة والمُتجددة. وترتقي هذه الوظيفة أيضاً بالبرامج التعليمية للمرحلة الجامعية الأولى بتعزيز روح البحث العلمي وأصوله فيها، إضافة إلى جعل التعليم في هذه المرحلة مبنياً على البحث والإبداع.
طبعاً الافتراض الذي نستند إليه فيما سبق هو أن يكون البحث العلمي أساساً لبرامج الدراسات العليا، لا أن يكون هذا البحث مُعتمداً على المقررات الدراسية فقط. ولكن تجدر الإشارة إلى أن كثيراً من برامج الماجستير في مُختلف أنحاء العالم تعتمد على المقررات فقط. وعلى ذلك تكون هذه البرامج تحديثاً وتوسيعاً للمعارف التخصصية، بغاية دعم العمل المهني، أو استعداداً للبحث العلمي في برامج الدكتوراة. وخلاصة القول، أنه وإن كانت بعض برامج الدراسات العليا، تعتمد على المقررات، فإن جوهر هذه الدراسات يجب أن يتجه دوماً نحو البحث العلمي والعطاء المعرفي. فالمقررات المُتقدمة، يُمكن أن تأتي من خلال دورات قصيرة، وليس بالضرورة من خلال برامج الدراسات العليا.
وإذا نظرنا إلى أعمدة نجاح أي برنامج من برامج الدراسات العليا، نجد أنها أربعة أعمدة. وتؤدي هذه الأعمدة دورها بشكل مُتكامل، وتشمل: وجود الأستاذ الجامعي المؤهل، ووجود الطالب المتفرغ، ووجود الوسائل البحثية المُناسبة، إلى جانب وجود أنظمة مُناسبة، فيما يخص كلا من قبول الطلبة، ومحتويات البرامج، والتعاون المعرفي. والتعاون المطلوب هنا هو تعاون داخلي بين أقسام الجامعة، وخارجي مع مؤسسات المجتمع المحلي، ومع الهيئات الدولية والجامعات الأخرى.
ولعلنا نقوم بإسقاط هذه الأبعاد الأربعة على واقع جامعاتنا السعودية في الأسبوع المقبل بإذن الله.

[email protected]

الأكثر قراءة