الحياة.. أنغام.. أم ألغام؟ (2)

في حلقة سابقة ذكرت أن "الموت"، الذي نجوت منه في غرفة العمليات متذكرا قول الشاعر:
كم من عليل قد تعداه "الردى"
ونجا ومات طبيبه والعود

هذا "الردى" لم يمر على الطبيب .. ولا على العود بل مرّ على من هو أغلى منهم حيث أخذ "ابنتي" بعد أن أخذ أخي وأخذ خال ابنتي ـ رحمهم الله.

ابنتي التي "أنجزت" ما أوصيتها من إتمام (جميع مراحل التعليم – حتى الجامعي) بل وأنجزت (الماجستير)، ولكن (المنايا) أنجزت وعيدها حيث ..
طواها الردى عني فأضحى مزارها
بعيدا على قرب قريبا على بعد
لقد أنـجزت فـيها المنايا وعـيدها وأخلفت الآمال ما كان من وعد

(معذرة للشاعر – ابن الرومي – إن استعرت تعبيره عندما فقد ابنه الغالي). والآمال التي زرعها الطبيب تلاشت فوعيد المنايا أصدق لأن الشاعر أبو ذؤيب الهذلي وصفها بقوله:
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع

ويعتذر الطبيب عن عجزه بقول الشاعر:
هذا هو الداء الذي ضاقت به
حيل الطبيب وقلّ بأس العائد

نعم أنجزت فيها المنايا وعيدها بعد أن ..
ألح علي النزف حتى أحالها
إلى صفرة الجادي عن حمرة الورد

وبعد أن ..
ظلت على الأيدي تساقط نفسها
وتذوي كما يذوي القضيب من الزند

(وأكرر المعذرة للشاعر ابن الرومي) متذكرا ما قاله زميله الشاعر مصطفى صادق الرافعي:
للموت قد خلق البنون
وللردى خلق البنات
والموت أوسع للذي
ضاقت به هذه الحياة

وتمنيت "الشهادة"... فخطر لي قول الإمام الشافعي:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت ولما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج

وتذكرت قوله تعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة) .. وفعلا "فرجت" والحمد لله. ولك يا ابنتي الرحمة والغفران بإذنه وتعالى
وعليك سلام الله مني تحيـة
ومن كل غيث صادق البرق والرعد

ولا أراكم الله مكروها إخواني القراء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي