دبلوماسية الـ Web 2.0

يعود مفهوم الدبلوماسية الكلاسيكي إلى "عملية الاتصال والتفاوض والتمثيل التي تجري بين الدول بصفة رسمية ولاسيما عن طريق الحكومات". أما مفهوم الدبلوماسية العامة Public Diplomacy أو كما يسميها البعض بالدبلوماسية الشعبية فانه مفهوم أوسع؛ حيث يشمل بجانب ذلك، عملية الاتصال (غير المباشرة) بشعوب المجتمعات والدول الأخرى وذلك بغرض التأثير الإيجابي (على الرأي العام) فيها.
تأتي الدبلوماسية العامة بعدة أشكال؛ والتي منها تطبيقات البرامج التعليمية والثقافية. فالولايات المتحدة -على سبيل المثال- تطبق عددا من البرامج المساهمة في مجهود الدبلوماسية العامة؛ كبرنامج فولبرايت Fulbright، وبرنامج الزوار الدوليين، وبرامج التبادل الطلابي، إلخ.
وكذلك تأتي الدبلوماسية العامة عن طريق البث الإذاعي والتلفزيوني الموجه، ومن خلال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني المقنن لهذا الغرض. ومن خلال الوسائل الإعلامية يتم -كذلك- توصيل الخطابات والرسائل المساندة والمحفزة للدبلوماسية العامة. وقد شهدت بداية فترة إدارة أوباما عدداً من الشواهد الدالة على تفعيل هذه الدبلوماسية (تجاه العالم العربي والإسلامي) على يد الرئيس نفسه؛ ابتداء من العبارات المنتقاة في خطابه في يوم التنصيب الرسمي، ومروراً بمقابلته الشهيرة مع قناة "العربية"، و انتهاءً بالخطاب الذي ألقاه الأسبوع الماضي في تركيا.
وتلعب تقنيات الإنترنت الدور الأبرز في هذا السياق. يقول وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للدبلوماسية العامة السابق، جيمس غلاسمان؛ إن "أكثر مجهودات الدبلوماسية العامة الأمريكية كانت مكرسة لبناء صورة إيجابية للولايات المتحدة من خلال برامج ذات مدى طويل مثل البرامج التعليمية والثقافية"، ولكن الإضافة الجديدة –التي يقول بها غلاسمان- متعلقة بالتقدم التكنولوجي حيث يرى أن أفضل طريق لتحقيق أهداف الدبلوماسية العامة تم عن طريق أنظمة الاتصال الحديث المدعمة بتقنية الـ Web 2.0 أو ما يعرف بنظام التجمعات - والمجتمعات- الإنترنتية؛ مثل الـ Facebook والـ YouTube، إلخ، وهو النظام الذي يعتمد على التفاعلية interactivities العالية للتقنية الحديثة. ويؤكد غلاسمان على أن عنصر الشباب الذين تستهدفهم الدبلوماسية العامة لا يريدون أن يستمعوا إلى محاضرات تثقيفية طويلة ومملة.. ولكنهم متحمسون للتفاعل المسلي عن طريق الإنترنت. لهذا فإن الدبلوماسية العامة الحديثة توظف جميع إمكانيات الإنترنت؛ ليس فقط عن طريق أجهزة الكمبيوتر ولكن كذلك عن طريق تطبيقات الكمبيوترات الكفية PDA والهواتف المحمولة.
بهذا فإن بث رسالة باراك أوباما الأخيرة والموجهة لإيران والتي بثت عن طريق الـ YouTube تعتبر في حقيقة الأمر جزءاً يسيرا من تطبيقات الدبلوماسية العامة الحديثة تجاه المنطقة، وأن هذا تدليل واضح على أن هناك حراكا كبيرا قادما على نفس المنوال. والتساؤل اليوم يدور حول مجهود الدول العربية في الدبلوماسية العامة المضادة والموجهة للشعوب الأمريكية والأوروبية، وهل من مجهود فعال في هذا الصدد؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي