النوم مع العدو .. الشراكة بين حزبي المؤتمر وبهارتيا جاناتا في الهند

الشراكة بين حزبي المؤتمر وبهارتيا جاناثا بعد أحداث مومباي ضد الإرهاب تحظى بمجموعة ضيقة من المؤيدين في كلا الحزبين. لذلك يصعب القول إن هذه الشراكة ستصمد أمام الحملات الضارية على أي من الجانبين أو من حلفاء حزب بهارتيا جاناثا في الانتخابات التي لم يبق على إجرائها سوى ثلاثة أشهر، ومن المؤكد أنها ستعتمد حول ما إذا كانت نتائج الاقتراع ستقوي أو تضعف سياسات الائتلاف.
وبينما اضطر حزب بهارتيا جاناتا وحزب المؤتمر إلى جعل أحزاب الائتلاف تشكل الحكومات في الأعوام 1998، 1999، 2004، فإن مرشح بهارتيا جاناتا لمنصب رئيس الوزراء، إل كيه أدفاني أذعن بشكل أكثر استعداداً من حزب المؤتمر للحاجة إلى سياسة ثنائية الحزبين.
وحزب المؤتمر ذو العلاقة بسلالة حاكمة وغير المعتاد على أن يكون في المعارضة ويمقت أي معارضة كانت موجودة حتى هزيمته عام 1977، انتهج على مضض نموذج التحالف الوطني الديمقراطي لحزب بهارتيا جاناتا.
لكن الانفصال عن اليسار حول الاتفاقية النووية بين الهند وأمريكا وعدم مصداقيته ومعارضة حلفاء التحالف الحزبي الموحد دفع حزب المؤتمر إلى السعي إلى تعاون بهارتيا جاناتا لتشديد القوانين الموجودة ضد الإرهاب وإقامة وكالة لمكافحة الإرهاب مثل "الإف بي أي الأمريكية". لكن حزب المؤتمر واقع في الوقت ذاته لسياسات الناخبين المسلمين و"أيديولوجيته البالية" التي تواجه نقداً شديداً والتي تسمى العلمانية. وحتى هذا النهج تأخذ به حفنة من حزب المؤتمر، بمن فيهم رئيس الوزراء مانموهان سنج، ووزير الخارجية براناب موكهيرجي ووزير الداخلية بي شيدا مبارام (الذي تعاون مع وزير العدل السابق من حزب بهارتيا جاناتا، أرون جايكي، في تشديد قانون مكافحة الإرهاب) والذين باركته صوفيا غاندي، رئيسة الحزب.
لكن بقية أعضاء الحزب، بمن فيهم الوزراء المثيرون للمتاعب مثل أرون سنج وإيه آر أنتولاي وطابور من زعماء حزب المؤتمر خارج الحكومة (من أمثال رئيس وزراء مادهيا براديش السابق، ديجفيجاي سنج)، غير راضين أو قد يكونون غير راضين عن هذا التعاون، فقد يجدون فرصة للإعراب عن معارضتهم خلال الانتخابات العامة.
واعتمادا على وجهة الرياح السياسية فإن صوفيا يمكن أن تظل محايدة إزاء الشراكة بين الحزبين أو تسمح بالانتقاد.
ومن ناحية أخرى فإن حزب بهارتيا جاناتا مقيد بتبني أدفاني الحماسي للشراكة بين الحزبين والسياسة الثنائية، وحجته لا يمكن دحضها بأن الأحزاب الرئيسة أو الوطنية (بهارتيا جاناتا والمؤتمر) يفكران وطنياً بينما لا تستطيع الأحزاب الإقليمية المتعددة، والتي تملك أغلبية عددية في البرلمان الحالي، أن تتجاوز العقليات الإقليمية.
يقول اللورد ميجهاند ديساي "إن الأحزاب الإقليمية المرتبطة بولاءات بدائية التي تعود إلى الثمانينيات والتسعينيات قد أثرت تأثيراً كبيراً في النمو الاقتصادي للبلاد".
وحلّه يتمثل في عدة ترتيبات أكثر من الشراكة الحزبية، والتي تجيء "بائتلاف واسع" بين بهارتيا جاناتا والمؤتمر، وهو شيء محرم لدى حزب المؤتمر، لأنه غير حقيقي وغير مجد سياسياً.
لكن المطلعين على الأمور في حزب بهارتيا جاناتا، ولا سيما القريبون من راشتيريا سوايامسيفاك سانج، قلقون هم أنفسهم من بعض أفكار أدفاني. ويقولون أنهم لكونهم في التحالف الوطني الديمقراطي الائتلافي فإنهم خففوا من مواقف بهارتيا جاناثا الجوهرية حول معبد رام في أيودهيا، المادة (370)، وقانون مدني موحد، وهم مستاؤون من طلب شركاء التحالف الوطني الديمقراطي بمزيد من المقاعد في البرلمان مما يضر بحزب بهارتيا جاناتا، وهم يدركون الحاجة الوطنية إلى شراكة حزبين لمواجهة الإرهاب، لكنهم قلقون من أن الإفراط في ذلك قد يحرم حزب بهارتيا جاناتا من برنامجه القوي لمكافحة الإرهاب في الانتخابات العامة.
لكن ما يصعب تخيله، هو العلاقة السهلة التي يرسمها مؤيدو الشراكة بين الحزبين حول أدفاني، بتقوية الأحزاب الرئيسة حين يكون التفكير التقليدي أن الانتخابات العامة المقبلة ستشهد مزيداً من تراجع مقاعد حزب المؤتمر وحزب بهارتيا جاناتا.
وإذا لم يبين كلا الحزبين قضايا وطنية مثل الإرهاب ونمو الاقتصاد وتقليص الفقر على صعيد وطني، ولو كان ذلك على حساب إغضاب حلفائهما الإقليميين، فإن حزب بهارتيا جاناتا وحزب المؤتمر لن يستطيعا وقف تراجعهما.
وحتى إذا كان كل هذا ممكناً (وهو غير محتمل أبداً) فإن التجربة قد تفشل لكلا الحزبين أو لواحد منهما، والفشل سيضع الشراكة في طريق رديء لسنوات، الأمر الذي سيكون مأساوياً.
فما المجازفة المعقولة التي يتعين الإقدام عليها؟ إن الأمر لا يتعلق بالمجازفة بل بالنية، حيث إن "إيه بي فاجيايي" لم يكن لديه أي حساب سياسي شخصي عندما أيد التجربة النووية التي أجريت في عهد أنديرا غاندي عام 1974 فقد ارتبطت بسياسة جان سانج، وكان هناك دائماً إجماع من يمين الوسط حول القضايا الأمنية الجوهرية، ووصف فاجيايي أنديرا غاندي بالبطلة القومية بعد الانتصار في حرب عام 1971 وطلب بي في ناراسيمها من فاجيايي أن يرأس وفداً هندياً إلى مؤتمر لجان حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عام 1993 حين كانت كشمير قيد النقاش، وأثنى فاجيابي على ناراسيميها راو للاستعدادات لإجراء تجربة نووية جعلت من (بوخران 2) أمراً ممكناً كما أن فاجيايي جعل اليسار يعارض نشر الجيش الهندي في العراق، وبذلك نجح في التغلب على الضغط الأمريكي.
وكان مثل هذا الأخذ والعطاء موجوداً دائماً (دون أن يتخذ شكل الشراكة بين الحزبين إلى وقت قريب) رغم التحول الملحوظ والمتصارع في أغلب الأحيان في السياسة الهندية من حكم حزب واحد تقريباً إلى ظهور تحالفات بين الحزبين مستقرة بصورة معقولة، وأية محاولة لتقوية صنع الأجندات الوطنية يجب أن يشمل النظام الطبيعي للسياسة ليمضي في طريقه تدريجياً، لأن محاربته تضمن الفشل.
ولذلك فإن أنصار شراكة حزبية نشيطة ينصحون بالعودة إلى الاستعدادات للاقتراع والقيام بتفكيك التحالفات الضرورية بصورة مسؤولة ومشرفة. وبعد كل هذا فإن روما لم يتم بناؤها في يوم واحد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي