شعب الصابرين .. هم من تخشاه إسرائيل

يخطئ من يظن أن إسرائيل تضع حساباً أو يرف لها جفن أمام العقوبات الدولية، أو الاحتجاجات الشعبية في دول العالم، أو تحركها مشاعر الإحساس بالذنب وهي ترى آلتها العسكرية تمعن في القتل بين الأطفال قبل الكبار.
كما يخطئ من يعتقد أن إسرائيل تخشى المؤتمرات العربية وما ينتج عنها من تهديدات أو مطالبات أو مناشدات للقوى الدولية، فهي أكثر معرفة من العرب أنفسهم بما بين العرب من شقاق وخلاف.
ما تخشاه إسرائيل ويقض مضاجع الإسرائيليين هو الشعب الفلسطيني الصابر الذي رغم ما يتعرض له من قتل منظم ومحاولات إبادة جماعية، إلا أنه يخرج من كل محنة أكثر قوة وصموداً وإصراراً على التمسك بحقوقه المشروعة في حياة كريمة مثل أي شعب آخر.
أن ما تخشاه إسرائيل هو القنبلة السكانية الفلسطينية التي تشكل تهديداً جعل عديدا من مفكري إسرائيل يدعون إلى إيجاد حل يضمن إقامة دولة فلسطينية ليس من أجل الشعب الفلسطيني ولكن حتى لا يغرق الإسرائيليون في عددٍ كبيرٍ ومتزايد من الفلسطينيين.
كما أن الصحافي الأمريكي بنيامين شفارتس رئيس تحرير مجلة "أتلانتيك" التي تصدر في بوسطن سبق أن كتب مقالاً عام 2005م بعنوان "هل ستبقى إسرائيل قائمة بعد مئة عام".
حيث بدأ مقاله بتحليل عن أرقام ومعدلات النمو السكاني الفلسطيني داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية، ثم قرر أن الرحم الفلسطيني هو القنبلة الموقوتة التي ستقرر موازين القوى، حيث سترجح كفة الميزان السكاني لصالح الفلسطينيين.
ويصل الصحافي بنيامين شفارتس إلى نتيجة وهي احتمال اختفاء إسرائيل كدولة قومية دينية عام 2048م، أي بعد 100 عام من قيامها.
ومن يرى ما تتعرض له غزة منذ ثلاثة أسابيع من عدوان غاشم واستخدام مفرط للقوة، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً التي تقتل دون تمييز، يدرك مدى الرعب الذي يعانيه الإسرائيليون، فهم يحاولون ليس صد هجمات محدودة من الفلسطينيين، وإنما يحاولون القضاء على شعب بأكمله عبر قنابل تقتل وتشوه أكبر عدد ممكن من المدنيين ولا تفرق بين طفل أو امرأة أو شيخ كبير، فكل طفل فلسطيني تراه إسرائيل قنبلة ستنفجر في وجهها يوماً من الأيام، ولهذا تسعى إلى التخلص من هذا الشعب بالقتل أو التهجير، بدلاً من إعطائه حقوقه المشروعة.
ومن المؤسف أن الإعلام العربي وتصريحات المسؤولين العرب خلال العدوان على غزة، حَرَفت القضية عن وجهتها السليمة، فبدلاً من كشف مدى الجريمة الإسرائيلية التي ترتكب في غزة باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا، وبدلا من القيام بحملة لإدانة إسرائيل، وحث منظمات حقوق الإنسان لتبني هذا الأمر، اتجهت إلى تخوين البعض وتحميلهم مسؤولية ما يحدث والمزايدة على القضية، وكأن جريمة قتل شعبٍ أعزل ومحاصر مجال للمزايدة وتسجيل المواقف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي