هل خفضت البنوك من حجم عملياتها الإقراضية؟

رغم أن البنوك السعودية خرجت من أزمة المال العالمية سالمة لكنها على ما يبدو آثرت تطبيق سياسة أكثر تحفظا من السابق فيما له علاقة بعملياتها الائتمانية في السوق المحلية، فهناك شكاوى من بعض منشآت القطاع الخاص أن البنوك لم تعد متحمسة كما كانت في السابق لمنحها تسهيلات ائتمانية، كما أن الإجراءات التي اتخذتها مؤسسة النقد لدعم السيولة في السوق لم تؤثر بشكل إيجابي في توسيع عمليات الإقراض، لكن المؤكد أن معدل الفائدة على الريال بين البنوك أو ما يعرف بـ "السايبر" لا يزال مرتفعا قياسا بسعر الفائدة الرسمي، وهو ما أسهم في رفع تكلفة الإقراض.
في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، قامت المملكة بأكثر من إجراء للحد من تأثيراتها السلبية في اقتصادنا الوطني، ومن ذلك ما أعلنت عنه مؤسسة النقد أكثر من مرة وما تضمنته الموازنة العامة والمتمثل في الإنفاق الكبير على مشاريع البنية التحتية، لكن تلك الإجراءات ستكون أقل تأثيرا إذا ما أحجمت البنوك عن التوسع في عملياتها الإقراضية في السوق المحلية، فالسيولة الإضافية التي أسهمت تلك الإجراءات في تأمينها لن تأخذ طريقها في تمويل مشاريع القطاع الخاص، ونقصد بإحجام البنوك عن الإقراض هنا اتباعها سياسة متحفظة تجاه الطلبات التي تتقدم بها منشآت القطاع الخاص للحصول على خطوط ائتمان جديدة.
نحن في المملكة نعول كثيرا على القطاع الخاص في تحقيق أهدافنا الاقتصادية، فقد بدأ قبل سنوات في تحقيق نسب نمو جيدة، والأهم من ذلك أنه مستعد أكثر من السابق للقيام بدور محوري في التنمية الاقتصادية المستدامة، لكن عدم حصوله على خطوط الائتمان التي يحتاج إليها مع توافر السيولة سيحد من تحقيق هذا الهدف، وربما يضعف من الإجراءات التي اتخذتها المملكة للحد من تأثير أزمة المال العالمية.
لقد أعلنت المملكة في قمة العشرين الاقتصادية أنها ستنفق نحو 300 مليار ريال كمتوسط خلال السنوات الخمس المقبلة على مشاريع البنية التحتية وهذا في اعتقادنا كفيل بطمأنة البنوك أن السيولة في ارتفاع وأن المملكة عاقدة العزم على تحقيق أهدافها الاقتصادية بمعزل عما يحدث في العالم.
قد تكون البنوك محقة في تشديد اشتراطاتها لو كان اقتصاد المملكة قد تأثر بشكل مباشر بالأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم، أو كان اقتصادنا الوطني يعتمد على التصدير بشكل رئيس أو لو لم يكن لدينا احتياطيات نقدية كافية، لكن كل هذه الأمور لم تحصل فاقتصادنا بخير والإنفاق كبير واحتياطياتنا كافية ومعظم مشاريع القطاع الخاص موجهة للداخل وليس للخارج.
نأمل أن تراجع البنوك إجراءاتها واشتراطاتها تجاه طلبات الإقراض الجديدة، كما نأمل من مؤسسة النقد أن تراقب سوق الإقراض للوقوف على ما تعانيه منشآت القطاع الخاص وأن تشجع وتطمئن البنوك بالتوسع في عمليات الإقراض كما كانت تفعل في السابق دون الإخلال بالمتطلبات التي تكفل حقوقها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي