الحياة الزوجية .. متى تكون سعيدة؟

 يُعدُّ  الزواجُ من آياتِ اللهِ التي امتنَّ بِها على عبادهِ المؤمنينَ، كما قال في كتابه: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (21)(الروم).
 وإنّ الشابَ والفتاةَ يرغبُ كلُ واحدٍ منهما في الاقتران بإنسانٍ يُقدرُ الحياة الزوجية، وتبدأ سعادتهما من حين توفيق الزوجِ في الاختيار المناسب لزوجته، وكذلك توفيق الزوجةِ في اختيار شريكِ حياتها، لذا ينبغي عليهما الدقة في الاختيار، وقبل الزواجِ ينبغي عليهما وضع خطةٍ مناسبة لمعاملة الآخر لكيلا تكون هناك فرصة للقراراتِ الاجتهادية غير المدروسة التي تؤثرُ في سير العلاقات الزوجية سِلباً.
 وينبغي لكلِ زوجٍ أن يكون لديه إدراك ووعي وثقافة واسعة في العلاقات الزوجية وأسرارها، وأن تكون تلك العلاقة منبعها الكتاب والسنة لا الأفلام المتلفزة والروايات الهابطة التي لها فلسفة منحرفة فيما يتعلق بالحياة الزوجية.
 إنّهما يستطيعانِ أن يجعلا حياتهما كُلها سعادة متى ما أدى كلُ واحدٍ منهما دوره المطلوب منه في الحياة الزوجية، وإذا قَصّرَ أحدُهُما في الواجبات الزوجية فإنّ حياتهما تنقلبُ رأساً على عقب وتتحول من السعادة إلى الشقاء ومن النعيم إلى الجحيم.
 إنّ من أسباب دوام السعادة للزوجين معاملة كلٍ منهما الآخر بلطفٍ مُستمد من الرحمة والمودة وعدم استخدام الأساليب العنيفة سواءً كانت تلك الأساليب لفظية أو نظراتٍ بالعينِ تُعبرُ عنْ الغِلظةِ والقسوة من قِبلِ صاحبها، وإنّ المتتبع لهدي الرسول {مع زوجاته يجدُ أنّه أجمل الهدي وأحسنه وأكمله؛ فالمودةُ في تعامله مع زوجاته واضحةٌ والرحمة ظاهرة.
 وبعض الرجال يُحطمُ طموحَ زوجتهِ ولا يُقابلُ محاولاتها لنيلِ إعجابه وكسبَ رِضاه إلا بعباراتٍ أو تصرفاتٍ سيئة، فبعض النّساء تحاولُ أن تُغيّرَ الروتين القديم والمُشاهد والمألوف, فمثلاً نجدُ أنّ بعضهنّ تحاول أن تلبس لزوجها لِباساً جديداً مُميّزاً فيواجهها زوجها بعدم الاكتراث ولا تُقابلُ منه ثناء ولا مدحا، بل إنّ بعض الأزواج يُقابلُ زوجته متى ما رأى منها محاولة التغيير في الملبس بالذمِ والتحطيم، وإليكم مثالاً حدث به أحدُ الرجالِ أنّهُ دخلَ البيتَ فرأى زوجته لأولِ مرةٍ تلبس بنطالاًًً فضحكَ منها وقال لها: والله كأنّك بهذا البنطال "جِندي أول من جنود الحرس الوطني"، يقول فانكسر خاطِرها وقامتْ بتغيير ملبسها بعد ما رأت هذا التحطيم لها من زوجها الكريم.
 ورجلٌ آخر قال: إنّ زوجته "البدينة كما يُسميها" سَمعتْ أنّ بعضَ النساء تكسب وِدَ زوجها ببعض الأمور ومنها الرقص، فقامت بتعلم حركات الرقص المعتادة، ولمّا حضرَ زوجها بدأتْ بالرقص له وأخذتْ تجتهدُ بعملِ بعض الحركات المعتادة، فقال لها: ذكرتني بغسالةَ خالتي الأتوماتيكية عندما تهتز، فانكسر خاطرها بعد هذا التشبيه.
 وكذلك بعض النّساءِ عندها أساليب متعددة في تحطيمِ زوجها، وحدث عن ذلك ولا حَرج، ومن ذلك أنّه عندما يُحضرُ بعضُ الرجال أغراضاًً للمنزلِ أو هديةً من الهدايا لزوجته فيُفاجأ بردة فعلٍ ليستْ في محلها عندما يجدُ أنّها لا تشكُرهُ على هذه الهدية بل تُبدي عيوباً فيها فيفاجأ الرجلُ بموقفِ زوجته ويتمنى لو أنّه كان وفر قيمة الهدية.
ومن الأسبابِ التي تجلبُ المحبة بين الزوجين تسمية كلِ واحدٍ منهما بأحب الأسماء والألقاب، فإنّ لذلك أثراً عظيماً في حصول المحبة والألفة، وبالعكس من ذلك فإنّ تلقيب أحد الأزواج بلقبٍ مكروهٍ تتسبب في الكره، ولا بأس ببعض الألقابِ التي ليس فيها انتقاص ولا سخرية وتأتي على سبيل المزاحِ والطرفة المعقولة والمقبولة.
 ومن عوامل السعادة اتفاقِ الزوجينِ على عدم تدخل أطراف أخرى من أقاربهما في الأمور التي تخص الزوجين.
 وكذلك تجلي معاني الرحمة بينهما، فلها مدلولات عديدة ومنها: تقدير كل زوجٍ للآخر، ومع الأسف نجد بعض الزوجات إذا حضرَ زوجها للمنزل وأبدى مرضه تُقابله بالتكذيب وتقول له: "والله ما فيك إلا العافية"، ولو رأته يتوجعُ ويتألم لا تُقدر مرضه وتقول له: "إذا ذهبت لأصحابك لا تشتكي من أي تعبٍ وإذا حضرتَ إلى المنزل دائماً ما تشتكي"، فيزدادُ ألمُهُُ ومرضُه.

المزيد من مقالات الرأي