أُطلقت في حي الموسى شرق مدينة جدة الواقعة غرب السعودية أول محطة متكاملة لمعالجة مياه الصرف الصحي بتقنية النانو، لتكون أول محطة لا مركزية من نوعها على مستوى العالم، تخدم 8 آلاف شخص، وتُعالج المياه في موقعها دون روائح مع إعادة استخدامها في الري، وفقا لما ذكره لـ"الاقتصادية" وكيل الرئيس للأبحاث والتقنيات الواعدة في الهيئة السعودية للمياه المهندس طارق الغفاري، على هامش اختتام مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025.
وأوضح أن الابتكار يُعد من أبرز الحلول في إعادة استخدام مياه الصرف، مؤكداً انتقاله من مرحلة الفكرة إلى التطبيق الفعلي والتوسع، لما يحمله من أثر بيئي كبير وخفض ملموس للتكاليف التشغيلية.
محطة بحجم كونتينر تعالج ألف متر مكعب يوميا
وأضاف الغفاري أن "المشروع انطلق من حي الموسى عبر محطة صغيرة بحجم كونتينر متكامل، تُعالج ما يصل إلى 1000 متر مكعب يومياً باستهلاك طاقة لا يتجاوز 0.2 كيلوواط لكل متر مكعب، مع عدم وجود انبعاثات روائح، واعتماد التقنية على النانو-كلاي أو الطين النانوي، ما يجعلها خياراً قابلاً للتعميم في السعودية مستقبلاً".
خفض استهلاك الطاقة بنسبة 66% ونظام حوكمة للجودة
وأشار إلى أن التقنية حققت خفضاً في استهلاك الطاقة تجاوز 66%، فيما تمر المياه بعد المعالجة بنظام حوكمة وتكامل لضمان الجودة، حيث تستلم المؤسسة العامة للري المياه للاستفادة منها في الري، بينما تتم معالجة المياه عالية التركيز بالتعاون مع شركات المياه المتخصصة.
تحويل رجيع المياه إلى مورد اقتصادي باستخدام الذكاء الاصطناعي
وأردف الغفاري أن "السعودية تتجه نحو تحويل رجيع المياه إلى مورد اقتصادي حقيقي، مستفيدة من التوسع في استخدام المياه المعالجة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التبريد في مختلف المناطق، حيث من المتوقع أن تسهم هذه التقنيات في خفض التكاليف التشغيلية بنسبة تراوح بين 15% و20% عبر تحسين عدد من العناصر التشغيلية".
تكلفة المياه المحلاة الأقل عالميا رغم تحديات الملوحة
وقال وكيل الرئيس للأبحاث والتقنيات الواعدة في الهيئة السعودية للمياه "إن السعودية تُعد صاحبة أقل تكلفة لإنتاج المياه المحلاة عالمياً، إلا أن عمليات التحلية تبقى مكلفة بسبب ارتفاع ملوحة مياه الخليج العربي، ما يرفع متطلبات التشغيل".
ورغم ذلك، حققت السعودية كفاءة تشغيلية رائدة عبر خفض استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة المحطات، مؤكداً أن تبني حلول الذكاء الاصطناعي يمثل خطوة إضافية لتعزيز الريادة.
أكثر من 10 حلول جديدة وعشرات براءات اختراع
وأوضح المدير التنفيذي لمعهد ابتكار تقنيات المياه والأبحاث “وتيرا” علي السحّاري لـ"الاقتصادية"، أن المعهد أطلق أكثر من عشرة ابتكارات جديدة خلال المؤتمر، بعضها من تطوير “وتيرا” والبعض الآخر بشراكات محلية ودولية، مشيراً إلى أن المؤتمر يُعد منصة عالمية تجمع المستثمرين والباحثين والمهتمين بقطاع المياه.
وأضاف أن "تقدير القيمة السوقية للابتكارات ليس سهلاً، إلا أن أحد النماذج التي جرى تطويرها أظهر إمكانية الوصول إلى تكلفة صفرية تقريباً لمعالجة رجيع محطات التحلية عبر استخراج الأملاح وبيعها، وهو نموذج اقتصادي مبتكر".
74 براءة اختراع وتوطين 30% منها في سلسلة إمداد المياه
وبيّن السحّاري أن المعهد يمتلك 74 براءة اختراع تشمل مراحل سلسلة الإمداد من الإنتاج والمعالجة إلى النقل والاستخدام، وتخضع لتسلسل علمي يبدأ من المختبر إلى المحطات التجريبية ثم التطبيق التجاري.
وقد تمكنت الهيئة من توطين نحو 30% من الاختراعات، ما أدى إلى خفض الطاقة التشغيلية وتقليل التكاليف ورفع جودة المياه.
اهتمام دولي بالتقنيات السعودية وتعاون خارجي منضبط
وأشار إلى وجود مشاريع قوية ستُحدث نقلة نوعية في معالجة المياه، مع اهتمام دولي بالاستفادة من التقنيات السعودية. وأوضح أن نقل التقنيات تجارياً يخضع لضوابط محددة، بينما يمكن للهيئة تقديم الدعم الفني والمعرفي للجهات الخارجية الراغبة.
9 اتفاقيات ابتكار في المياه مع جهات محلية ودولية
وأكدت كبير الإداريين في هيئة المياه عبير الشنيفي لـ"الاقتصادية"، أنه تم توقيع تسع اتفاقيات جديدة في مجال ابتكارات المياه، تشمل تعاوناً مع جهات محلية ودولية مثل سنغافورة، بهدف ترشيد استهلاك الطاقة في تحلية المياه.
مياه معالجة لتطبيقات التبريد وتخفيض للتكاليف التشغيلية
وأوضحت الشنيفي أن تقنيات التبريد ستعتمد خلال الفترة المقبلة على المياه المعالجة بدلاً من المحلاة، لتقديم خيار منخفض التكلفة وأكثر استدامة.
إعلان 23 ابتكارا جديدا في مؤتمر المياه وتمكين تجاري محلي ودولي
ويؤكد وكيل الرئيس للأبحاث والتقنيات الواعدة في الهيئة السعودية للمياه المهندس طارق الغفاري أن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في المعالجة والتشغيل سيحقق خفضاً للتكاليف بنسبة تراوح بين 15% و20% عبر تقليل استهلاك المواد الكيميائية وخفض تبديل الأغشية وتقليل ترسّب الأملاح.
وبحسب الغفاري، شهد المؤتمر الأخير إعلان 23 ابتكاراً جديداً تُطرح لأول مرة عالمياً، بمشاركة شركات محلية ودولية عرضت أحدث تقنيات المعالجة والتشغيل والذكاء الاصطناعي. وتعمل الهيئة على تمكين الابتكارات تجارياً عبر ربطها بشركاء محليين واستقطابها لتطبيقها في السعودية ، بما يعزز موقعها كمركز عالمي لتقنيات المياه ويدعم مستهدفات رؤية 2030.
وأكد الغفاري انتهاء المرحلة التجريبية في منصات متخصصة، مشيراً إلى الانتقال حالياً إلى مرحلة التوسّع ورفع القدرة الإنتاجية (Scale-up) بهدف تعزيز الجدوى وتوسيع نطاق الاستخدام خلال الأعوام المقبلة.
