6 سلبيات تعترض آلية تحصيل المطالبات المالية

6 سلبيات تعترض آلية تحصيل المطالبات المالية

[email protected] التحصيل اختصاراً هو ما يقوم به أي فرد أو شخصية اعتبارية بنفسه أو بتوكيله الغير للمطالبة بحقوقه لدى الغير, خاصة الحقوق المادية. وحدد الشرع الكريم أدبيات هذه المهنة وأخلاقياتها بقوله صلى الله عليه وسلم "يحب الله أحدكم سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا اقتضى"، ثم القول الكريم "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة", وكان وعيد من أخذ أموال الناس يريد إتلافها التلف والمحق. وكانت أطول آيات القرآن الكريم آية الدين في سورة البقرة. ولدينا, كأمة إسلامية, أسس للمعاملات المالية والتجارية والشخصية بجوانبها المهنية والأخلاقية وضوابطها الشرعية. وحرصت الدولة منذ تأسيسها على التشريع والتنظيم المستمدين من دستورها الأساسي وهو القرآن والسنة في جميع جوانب الحياة, خاصة المعاملات التجارية إلا أن ما يخص التحصيل التجاري أو الشخصي للحقوق المالية, التي أصبحت مهنة من لا مهنة له وأضحى أكثر المشتغلين بها من قليلي التعليم والثقافة والأخلاق أحياناً، والباحثين عن لقمة العيش بأي ثمن مع ما يتبع ذلك من غياب أسس التعامل الشرعي والإنساني وحقوق الإنسان سواء المسلم أو غيره تجاه أخيه من البشر. ولاحظت الكثير من الشكاوى من قبل أصحاب الحقوق من عدم قدرتهم على تحصيل حقوقهم من الغير وشكوى الكثير ممن تعرضوا للأزمات المالية وما يتبع ذلك من إخفاق في تسديد حقوق الغير من إيجارات مكاتبهم ومنازلهم وفواتير الخدمات وأقساط المدارس أو تعرضهم لقضايا شيكات من دون رصيد, وهم ليسوا من أهل المماطلة أو النصب أو الخداع, وممن عرفوا بمكارم الأخلاق, والكثير منهم تعرضوا لظروف خارجة عن إرادتهم سواء في قطاع الأعمال أو شؤونهم الخاصة وهم أصحاب رغبة صادقه في إبراء ذمتهم تجاه الغير. آليات التحصيل المتوافرة اليوم في المملكة تنحصر في التالي: 1 ـ أن يقوم صاحب الحق سواء شخصا أو شركة أو مؤسسة بتحصيل حقه بنفسه أو بتوكيل أحد الأشخاص المؤهلين أو غير المؤهلين علماً وخلقاً للقيام بذلك, سواء مقابل راتب أو نسبة من التحصيل. 2 ـ أن يقوم صاحب الحق سواء شخصا أو شركة بتفويض مكتب متخصص في الخدمات الحكومية والتحصيل بغض النظر عن أسلوب ذلك وكيفيته مقابل نسبة كبيرة من الدين. وغالباً تصدر تصاريح التحصيل من وزارة التجارة. 3 ـ في جدة أو المنطقة الشرقية تقوم مكاتب محاماة بعملية التحصيل بأساليب أكثر تحضراً من غيرها من مناطق المملكة. 4 ـ يلجأ الشخص أو المكتب المفوض بالتحصيل للإمارة أو الحقوق المدنية إلى طلب للتنفيذ في حالة وجود حكم شرعي وتنحصر آلية التنفيذ في طلب حضور المدين وإلزامه بالدفع أو إحضار كفيل غارم, وقد يتطلب الأمر إصدار أمر قبض قد يهدد ما تبقى من خصوصيته وكرامته ويجعله عرضة لأي تصرف لا أخلاقي من المحصل (أو الغريم) بسبب النسبة المغرية مقابل التحصيل. أو التعميم عليه في الحاسب الآلي لطلب حضوره مما يلحق به ضرراً يفوق ما يستحق عليه من دين. 5 ـ تحكم المحاكم واللجان المتخصصة بثبوت الحق ويترك كيفية الإلزام بالدفع للجهة التنفيذية وهي الحقوق المدنية. يلاحظ أن الآليات المذكورة أعلاه عليها الملاحظات السلبية التالية: 1- لا يوجد الآن في الحقوق المدنية متخصصون شرعيون أو قانونيون ذوو كفاءة عالية لضمان تطبيق الأحكام حسب الأصول الشرعية التي تضمن احترام حقوق وكرامة وإنسانية كل الأطراف (ويتطلب الأمر وجود متخصص شرعي أو قانوني في التنفيذ مرجعه قاضي التنفيذ), ويضمن إبراء ذمة ولي الأمر وتنفيذ الأوامر والأنظمة التي تراعي المصالح المرجوة. 2 - التوقيف هو الإجراء النهائي لأي شخص عاجز عن الدفع (سواء كان المبلغ خمسه آلاف أو خمسة ملايين) سواء كان عاجزا مؤقتاً أو معسراً أو مماطلاً ميسوراً وهذا بكل تأكيد يحتاج إلى مراجعة شاملة وإبراء ذمة ولي الأمر, حفظه الله, وهذا سبب كثرة الموقوفين رغم أنهم يستطيعون السداد إذا تركوا للعمل الجاد للتسديد, والسجن والتوقيف ضاران لكل أطراف القضية وثفافة توقيف المدين تحتاج إلى مراجعة. 3 - لا توجد آلية تطبيق عملية وشفافة وسريعة للتأكد من عدم قدرة المدين على السداد, وفي رأيي, أن الأمر يتطلب السؤال عن طريق الحاسب الآلي في كتابة العدل في أي مدينة في المملكة وخلال 24 ساعة فقط والسؤال أيضاً وبالسرعة نفسها وخلال 24 ساعة لدى جميع البنوك في المملكة لمعرفة هل الشخص عاجز فعلاً أو مماطل وإلا فإن كل مسؤول يشترك فيما يقع من إسراف في طلب الحق من الدائن وتوقيف المدين لفترات طويلة في السجون يضرانه وأسرته وكل من له مصلحة معه ومن يقع تحت ولايته ورعايته. 4 - إذا كان المسؤول يعتقد أن المدين يخفي أموالاً أو أملاكاً فهذا حكم غير شرعي وهو استثناء وليس قاعدة لا تستدعي تعميم حالة خاصة لتكون إجراء مطبقا حتى أن أصحاب الفضيلة القضاة يحكمون بما يعرض عليهم من أوراق وحقائق وغير الظاهر في حكم الغيب. 5 - هناك انتهاك لحقوق الإنسان يمارسه تقريباً كل طرف في هذا الأمر يعود إلى ثقافة المجتمع وأخلاقيات التعامل ومستوى المروءة السائدة ولا يستثنى من الضرر المقيم من أي جنسية أو المواطن. 6 - يمارس بعض المحصلين عديمي العلم والضمير والأخلاق الإرهاب النفسي مثل التهديد الصريح بالإيذاء الجسدي والمعنوي للمدين دون أن يكونوا عرضة لأي عقاب, فهم أصحاب حق وصاحب الحق سلطان كما هو دارج. يجب أن نلاحظ إذا تم تطبيق آلية التقاضي والتحصيل الواردة سابقاً في هذا المقال على من أصبحوا مدينين للبنوك التي أقرضتهم بالهامش أو منحتهم قرضا استهلاكيا وهي تعلم أنهم سيضخون الأموال في سوق الأسهم وبعمولات عالية, أو ممن أصبحوا مدينين لأنهم تعرضوا للنصب في مساهمات العقار الوهمية ومساهمات سوا ورهن كل ما يملكون لأي من هذه الأمور فسيتم توقيف نصف السكان لحساب النصف الآخر. أحبتي في الله, هنا آمل من ولي الأمر, حفظه الله, ثم من ولي عهده الأمين ووزير الداخلية ومن جميع أصحاب السمو أمراء المناطق الوقوف, وقفة حق مع من أحبهم وأحبوه, إنه المواطن المسحوق بالدين سواء رجل أعمال منكسرا أو موظفا أهليا أو موظفا في الدولة أو متقاعدا, وكل من كان ميسوراً فأعسر وليس كل من عليه دين موقوف ولكنه مسجون داخل المعاناة التي يسببها الدين والبيوت أسرار والأغنياء من التعفف اليوم أكثر من المجاهرين بفقرهم, فنحن نعيش طفرة مالية والوقت مناسب لوقفة شجاعة من أشجع الناس وأنبلهم هنا أدعو إلى: 1 ـ صدور أمر بتنظيم أوضاع آلاف المواطنين المدنيين للبنوك خلال السنوات الثلاث الماضية، وتمديد فترات التقسيط وتخفيض العمولات إلى أدنى مستوياتها, فالبنوك على أي حال غير خاسرة بل تحقق أرباحا من مختلف أنشتطها. والودائع الضخمة اليوم كفيلة بتغطية أي خسائر متوقعة أو غير متوقعة, والبنوك السعودية أفضل بنوك في العالم في نسبة التحصيل والديون المعدومة. 2 - أن يراجع وضع شركة (سمة للخدمات الائتمانية ) وآلية عملها بحيث تتحقق العدالة والشفافية, فالداخل إلى القائمة السلبية مفقود والخارج مولود, وهناك عشرات الآلاف من المواطنين الذين يحق لهم الاستعلام والحصول على المعلومة فوراً دون الرجوع إلى البنوك, وكون الشركة مملوكة للبنوك مخالف للشفافية والعدل الاجتماعي, وأرجو أن يتم الإسقاط من القوائم السلبية لأي شخص أو مؤسسة لم يتم تسديد المستحق عليه لأي بنك أو شركة تقسيط لمدة تزيد على خمس سنوات ومنحهم الفرصة للبدء من جديد وممارسة حقهم في مواطنة كريمة, خاصة أن هذه القوائم تضم ما لا يقل عن 150 ألف مواطن ومواطنة من أكثر السعوديين تأهيلاً علمياً وثقافة وقدرة على العطاء للوطن, هم ضحية ظروف اقتصادية عامة خارجة عن سيطرتهم. في الخارج يمكن أن تقوم بتوقيع عقد تسوية المديونية القديمة وتقسيطها لعشر سنوات أو أكثر دون فائدة ودفعات شهرية تصل إلى خمسة دولارات. مع منح بطاقة ائتمانية جديدة, أما ما يمارس في المملكة فهو أحكام مصرفية عرفية لا بد من مراجعتها وقيام شركة خدمات معلومات ائتمان مستقلة تماماً عن البنوك وخاضعة للدولة فقط. 3 - صدور نظام مفصل ودقيق للتحصيل يضمن إنسانية الإنسان لكل مواطن وبأسلوب متحضر يراعي الأخلاقيات وظروف كل طرف ويشمل عقوبات واضحة وصريحة لكل من يهدد إنسانية الطرف الآخر. 4 - تحديد المؤهلات والمستويات الدنيا للمحصل كموظف مع خضوعه للمراقبة الصارمة الشديدة من عدة جهات حكومية شاملة وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة التجارة والصناعة. 5- الحقوق المدنية في مدن المملكة كافة غير مؤهلة للنظر في قضايا التحصيل بأنواعها خاصة التجارية, وأقترح دراسة الأسلوب الأفضل للتحصيل بالسماح بتأسيس شركات مساهمة عامة في المدن الكبرى يشتغل فيها أشخاص مؤهلون مالياً وقانونياً وشرعياً وإدارياً وأخلاقياً مع عدم إقحام الجهات الأمنية في هذا الأمر لكي تتفرغ لجوهر عملها وإلغاء أسلوب التحصيل بالنسبة مع القيام ببحث وتحر أمني واجتماعي عن كل من يعمل في هذه المهنة. 6- عدم السماح بالممارسات السائدة في السوق من بيع شيكات الدين للمحصلين مقابل خصم وإصدار وكالة لهم كمحصلين وقبول ذلك في الحقوق المدنية, وهو تصرف يحتاج إلى مراجعة شرعية وحقوقية من هيئة كبار العلماء. 7 ـ وجود ممثل هيئة حقوق الإنسان في كل محافظة يرجع إليه من يتظلم من الموطنين من أي جهة كانت إذا استخدم معه أسلوب يهين كرامته وإنسانيته بسبب كونه مدينا. 8 - يلاحظ أن كل مكاتب التحصيل هي أصلاً مكاتب عقارية أو مكاتب تعقيب وخدمات يعمل فيها كثير من الوافدين من الجنسيات العربية, ويستخدم السعودي كواجهة مع الحرص على تلقينه أساليب الإرهاب النفسي والاجتماعي على المدين. قال تعالى "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" قاعدة شرعية إنسانية إلهية هي الحل الوحيد الأمثل وليس التوقيف أو السجن لأي مبلغ مع الصدق وحسن النية وإلا اكتظت السجون بالناس. البنوك وشركات التقسيط تمارس كل أنواع المضايقة والاتصال على جوال المدين رجلا أو سيدة في أي وقت في اليوم ودون احترام خصوصية المدين وإنسانيته, لأن الموظف الذي يقوم بذلك مطلوب منه إنجاز عمل محدد بغض النظر عن كيفية إنجازه لا مهنياً ولا أخلاقياً وإلا فقد عمله وتوقف عن تسلم راتبه الزهيد في أغلب الأحيان مع نسبة من التحصيل. آمل فتح المجال إعلامياً سواء على الراديو أو التلفزيون أو الصحافة لكي يظهر إلى السطح حجم الأزمة الأخلاقية والممارسات المستخدمة في التحصيل. والله الموفق.
إنشرها

أضف تعليق