ابن خميس ورضيمان في شعر السديري

ابن خميس ورضيمان 
في شعر السديري

تميزت بعض المجالس في السعودية بروّادها، وجودة ما يدور فيها من حديث ونقاش، فهي حافلة بكل مفيد. وما هذا التميّز إلا من حرص صاحبها على اجتذاب الأفاضل والنبلاء من الرجال ليزدان بهم مجلسه، ويفيد منهم ويفيدهم ويفيد بعضهم بعضا. وكانت هذه المجالس من وسائل اكتساب العلم والمعرفة في شتى المجالات.

ومن أكثر هذه المجالس تميّزاً وشهرة: مجلس الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، والأمير مساعد بن عبدالرحمن، و محمد نصيف، وحمد الجاسر، والدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين، ومجالس آخرين من الأمراء والعلماء والأدباء. وقد كانت هذه المجالس نادياً أدبياً وعلمياً يرتاده أهل العلم والفضل من داخل السعودية وخارجها، وتدور فيها نقاشات وأحاديث علمية في معارف متعددة: دينية، وأدبية، وتاريخية، وغيرها، كما يحضر هذا المجلس شيوخ وأعيان الأسر والقبائل وشعراء الفصحى والنبط، فيزيدون المجلس ثراءً بما لديهم من معلومات، أو ما يلقيه الشعراء من قصائد.

وكان هناك مجلس مميز بتخصصه في مجال تاريخ السعودية والجزيرة العربية، وأخبار المدن والقبائل، ورواية الشعر النبطي، ونظم الأشعار والقصائد، وهو مجلس الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري، الذي كان شديد الحرص على اجتذاب أفاضل الرجال إلى مجلسه، من شيوخ ورواة وشعراء وأدباء، وكان مجلسه مضرب المثل في جودة ما يدور فيه من أحاديث مفيدة وماتعة في هذا المجال.

ومن بين أصدقاء الأمير محمد السديري، ورواد مجلسه: الأديب عبدالله بن محمد بن خميس، والشاعر الراوية رضيمان بن حسين الرضيمان الشمري رحمهم الله جميعاً، وكان السديري حريصاً عليهما وعلى زيارتهما له، إلا أن عشق الاثنين –ابن خميس ورضيمان- للصحراء، وسبر أغوارها، واكتشاف مجاهلها، جعلهما يتغيبان عن زيارته فترة من الزمن، فما كان من شاعرنا المبدع أبو زيد محمد الأحمد السديري إلا أن كتب هذه القصيدة، وبعثها إلى الشيخ عبدالله بن خميس عاتباً وممازحاً، وهي قصيدة تنشر للمرة الأولى، فلم يسبق نشرها قبل اليوم:

فات الوعد يا ابو محمد وانا أرجيكْ
وحطيت لي بشهار مصدر وميرادْ

والله ما ادري ويش نوّك وطاريك
وين الوفا وين الوعد يا ابن الاجواد

أظن راعي فيد عدّل مماشيك
وخلاّك من غامد على الشرق تنقاد

إلى تذكّرت الصداقه وماضيك
وخطاك للجودا عتيقات وجداد

القلب لو ابعدت ما هوب ناسيك
إلاّ يزول طويق وسواج وكباد

واعزتي للي بدربك يباريك
يوم تقيم وعشرة أيّام مَدَّاد

سمي حثّات الجلاميد مغديك
يبي عشيرٍ صافي له بالأوداد

أظن مرماعه يصادف مَعَاديك
تبون شوفة حيّكم عقب الإسناد

الأسلمي على النكوفه مخاويك
أسبق من اللي طرّش العصر فهاد

دايم على مشهاة قلبه يناجيك
يفوت سرحان الخلا وسط الاجراد

ومن القصيدة يتضح أن عبدالله بن خميس قد وعده بالزيارة فتأخر عن ذلك. أما طويق وسواج وكباد فهي أسماء جبال معروفة. وقوله مَعَاديك: المعادي هي الطرق التي يسلكها الرجال للسفر. أما الأسلمي وراعي فيد فيقصد الراوية رضيمان بن حسين، فهو من الأسلم من شمر، ومن بلدة فيد الشهيرة. وقوله سمي حثات الجلاميد: يقصد رضيمان الشمري أيضاً، لأن الرضم في العامية والفصحى هي الحجارة والصخور.

الأكثر قراءة