قراءة وتاريخ

[email protected]

الفصل الأول:
منذ صغر سني وأنا أرى مدينة الرياض في نمو وازدهار وتوسع وتطور عمراني مقروء ومدروس، ومنذ 1973م وأنا شخصيا مُلم بما يُرى من تقدم عمراني وتوسع في مدينة الرياض وأيضا في السنوات الأخيرة أقرأ ما أمكن عن الخطط الاستراتيجية المقدمة في مقالات عديدة عن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأتحرى من عدة مصادر، واليقين بأن التجربة ناجحة والهيكلة بناءة والأسلوب الإداري قيم وذو مردود واضح وفاعل لتسريع دورة الأمور الخدمية والتطويرية البلدية منها والتجارية. وفي الحقيقة الواضح أن أسلوب الإدارة والمتابعة هو أساس لنجاح ما ترونه من تطور ونمو وسد حاجة مدينة الرياض (الهيئة العليا لتطوير مدنية الرياض) ووضع الخطط المستقبلية وإقرارها والحصول على المساندة التنفيذية من جميع القطاعات المرتبطة بشؤون المدينة.
ماذا لو كان لكل من مدينتي الدمام وجدة هيئة عليا مستقلة للتطوير كما هو في حائل والرياض؟، إن وجود هيئة عليا لتطوير مدينة جدة أو أي مدينة سعودية يقدم الكثير ويركز عليها. ولسوف تظهر برامج تطويرية ومشاريع مشابهة لما قدمته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والأمثلة كثيرة مشاريع تطوير وادي حنيفة ، تطوير الدرعية التاريخية، تطوير طريق الملك عبد الله ، المحكمة الجزائية ، معالجة مشكلة المياه الأرضية، شبكة الطرق المستقبلية، الخطة الشاملة لإدارة المرور، الخطة التنفيذية لحماية البيئة، المخطط الاستراتيجي الإقليمي للمنطقة، برنامج السلامة المرورية، استراتيجية مكافحة الفقر، استراتيجية القضاء على البطالة، استراتيجية لخفض الهجرة إلى المدينة، نظام الخدمات الحضرية، وبرنامج الخدمات الفندقية.
إن 90 في المائة مما يوضع من برامج وخطط لهذه المدينة (الرياض) تحتاج إليه المدن السعودية الأخرى حيث إن التكاليف في إعادة استخدام تلك البرامج والحزم في تنفيذها يخفّف على الدولة أعباء مالية ويدعم سرعة التنفيذ ويعطي شريانا جديدا للاقتصاد لكل مدينة من هذه المدن البائسة، كما يقدم رضا أهل وسكان وزوار المدينة وأيضاً يحمل الزوار للسعودية الانطباع الذي يكرهه الأعداء لهذا الوطن الحبيب، ونتمناه نحن ألا وهو الرقي العمراني المنظم.
أقدم طلبي باقتراح لكل أمير منطقة ومحافظ مدينة أن تكون لديه هيئة عليا لتطوير مدينته ورجائي التفكر والتعاطف مع نجاح التجربة والخبرة المكتسبة في مدينة الرياض.
وأخيراً، ليس المال كل شيء، بل هو شيء، وإنما الرجال المعطاؤون والمتابعون هم أهل العزم والهمّة، وهم أصل الشيء.

الفصل الثاني:
من الأفضل لك أن تعطي ولا أن تأخذ، وساعد الآخرين بينما تساعد نفسك. العطاء هو أن يضع تحت تصرف الغير، يولى الغير مسؤولية أو ثقة، إن العطاء والتلقي هما الشيء نفسه، وقد فهمنا الأمر بالعكس فالعطاء أولاً، لأنه قانون الكون، عليك أن تعطي قبل أن تأخذ، فلابد من زرع البذور قبل حصاد ثمارها، وكلما زاد حجم مازرعته، زاد حجم المحصول. ونحن مباركون طالما بادرنا بالعطاء للآخرين وفي النهاية سنستعيد ما يفوق ما زرعناه، فحصاد المعطاء لا ينضب أبدا. وللأسف فإننا ما أن نولد حتى نكتشف نقيصة أساسية وهي الأنانية، فنعتقد أن العالم يدور في فلكنا وأن كل من حولنا لا بد أن يعمل على راحتنا وسعادتنا، فنحن نجد من يقوم على تلبية كل احتياجاتنا ومن ثم نبدأ في الحصول على هذه الأشياء من هؤلاء الناس وبعدها نصبح أكثر شراهة للمزيد لدرجة أن لا شيء يرضينا. ومع تقدمنا في العمر لا نرى فقط جميع ما لدى غيرنا، بل نشاهد ونسمع الإعلانات كل يوم وهي تحثنا على امتلاك المزيد، وإننا نستحقه فهيا… اعطني… اعطني ! وبعدها نتبين إحدى أقسى وقائع الحياة، ومن بين أول تلك الدروس التي تعلمناها درسان، "لا" بمعنى: "لا يمكنك أن تملك أو تلمس كل هذا" و "شارك" بمعنى: " لا يمكنك تملك كل هذا وحدك". مع اكتسابنا الخبرة ندرك أننا لسنا محور الكون، حتى ولو كنا نود هذا. كما يبدو لنا أن من نحبهم ونقدرهم هم من يحيطوننا برعايتهم وحبهم وعطائهم. كما يخطر ببالنا أن هؤلاء هم من يجب أن نبقى بصحبتهم وليس من هم باردو العواطف محبو ذواتهم. ويظل يلاحقنا سؤال: أي نمط من الأشخاص نود أن نكون عليه ؟ معطاءين أم أخاذين؟ وكثيراً ما يلح علينا عقلنا - لسبب ما يعمل به كل يوم - أن نكون أخاذين، بل أن نأخذ كل ما هو متاح، ولكن قلبنا ووعينا يبينان لنا أن من الأفضل أن نكون معطاءين، ومن هنا يحتدم الصراع مادامت الحياة. فليست المشكلة أن نحصل على معيشة كريمة، وامتلاك ما يصاحب هذا من مال ومتاع، المشكلة تبرز حينما تصبح كل الأهمية لذلك المال والمتاع، ومن هنا نصبح عبيداً لها، وعندها نصاب بالشراهة التي لا تشبع، ولن تستطيع أبدا أن تحدد الوقت الذي تقول عنده: كفى ! لقد نلت ما أريد. لقد قابلت عددا من البشر - وأنا متأكد أن هذا حالك أيضا - الذين كدحوا للوصول إلى حياة كريمة، ولكن كانوا يتوقّعون دوما المزيد. ونحن نقرأ ونسمع بأخبار هؤلاء يوميا، وهو ما يحدث حينما لا نفهم أن العطاء والأخذ والحصاد والزرع جزءان من التيار الطبيعي للحياة ، فعليك أن تبذر قبل أن تحصد وأن تعطي قبل أن تأخذ ، ونحن نحيا بما نحصل عليه ، ونصنع الحياة بما نعطيه ، ولا علاقة للنجاح في الحياة بما تحصل عليه أو تنجزه لنفسك بل علاقته بما تعطيه وما تفعله لغيرك .
وإليك يا عزيزي القارئ بعض أهم الأنماط الأربعة للعطاء الأوّلي - الأشياء - ماهو غير ذي قيمه في نظرك وقد يكون كالكنز في نظر غيرك. - الدم - بادر بالخير اليوم وأسهم في إنقاذ حياة إنسان بأن تتبرع بالدم، - المال - المال أشبه بسماد الأرض فلا قيمه له إن لم تنثره حتى يساعد على نمو الأشياء الصغيرة. - نفسك - إنك إن أعطيت حتى من ممتلكاتك فإنما تعطي القليل ولن يكون العطاء حقاً إلا عندما تعطي من نفسك، وهنا وصلنا إلى الجزء الصعب، فمن السهل أن نفهم معنى أن تهب شيئاً ما من متاع أم دم أم مال، إلا أن العطاء من الذات ليس بهذه الدرجة من الوضوح لدى الجميع، فما معناه ؟ وكيف نقوم به ؟ فالعطاء من الذات هو القيام بما يساعد الغير وقد يكون هذا ماديا أو وجدانيا أو اجتماعيا أو روحيا. وهذه المساعدة تمثل اعتمادا فاضلا بحتا ولا تنطوي على دوافع منفعة للذات، ولا ينتظر مقابلا لديها، فمنبعها طيبة قلوبنا. فنحن نهب من ذاتنا لكوننا نعلم بفضل أن يساعدنا الغير، ونحن نعطي من ذواتنا لكوننا نعتمد على بعضنا البعض، كما أن هذا يجعلنا نشعر أكثر بإنسانيتنا، وفكر. ما الذي يمكن أن نعطيه؟ ربما كان العطاء بالوقت هو العطاء الأثمن، فأنت تعطي من شيء ينفذ ولا يتجدد.
ابن وعمر أرض بلادك.. بكرة الخير لك ولأولادك .. الفتى ابن المواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي