الوقت كالسيف .. وبداية العطلة الصيفية

في المرحلة الابتدائية قيض الله لنا معلماً للغة العربية "سعودياً" مثقفاً وباحثاً ومتحدثاً.. وقد كتب يومًا على السبورة المثل القائل .. الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.. وطلب منا التعليق على المثل.. وبالفهم المحدود لدينا في ذلك السن المبكر أجبنا جميعًا "السيف يمكن أن يقطعنا ولكننا لا نستطيع أن نقطعه" وضحك المعلم ثم قال: لماذا ذهبتم لهذا الفهم.. المقصود الوقت وليس السيف المستخدم كمثال فقط..
والصحيح أن الوقت إن لم تقطعه بما يفيد قطعك بما لا يفيد.. ورسخت هذه المعلومة في أذهاننا منذ ذلك الوقت.. واليوم بمناسبة حلول الإجازة الصيفية التي تمتد لأسابيع عديدة بين السفر للسياحة في الخارج أو الداخل أو قضائها دون هدف ادعو من انشغل طوال العام بالدراسة أن يستثمر بعض الوقت بما يفيد حتى نقطع الإجازة بالإنتاج والإنجاز بدل أن تضيع في السهر ليلًا والنوم نهارًا دون أي أنشطة ولا متحصلات غير الكسل.
وقد يسأل البعض عن كيفية الاستفادة بالنسبة للطلاب والطالبات فأقول اننا في عصر توفرت فيه عديد من الدورات التدريبية المجانية عن بعد في التقنية الحديثة واللغات الأجنبية.. ومن ذلك اكتساب المهارات في الذكاء الاصطناعي والبرمجة وتنمية القدرات والسلوكيات الإيجابية وعلى الجانب الآخر الأنشطة الرياضية التي تكون فائدتها عظيمة لمن هم في عمر الشباب، ولكن المشكلة محدودية هذه البرامج ذات الجودة العالية والتي تقدم بمرونة تحفز الطلاب على الالتحاق بها.
كما أن البحث عن هذه البرامج ليس متيسراً في ظل غياب جهود تعريفية لها وتشتت مرجعيتها بين جهات مختلفة لذا يصعب الاطلاع عليها ولو قامت جهة واحدة مثل وزارة التعليم بإعداد دليل سنوي يصدر مع بداية العطلة الصيفية يتضمن مصادر التعلم والأنشطة الملائمة للطلاب باختلاف ميولهم وتفضيلاتهم يسهل عليهم الوصول إلى معلومات تلك البرامج ويساعد على التسجيل فيها، مع احتساب نقاط لمن يكملها مثلما يحصل الآن في احتساب ساعات التطوع لمن يؤدي أعمالاً تطوعية ويبرز ذلك تفضيلاً عند المنافسة على وظائف أو الالتحاق بالجامعات.
ولعل هذا التوحيد في المرجعية يجعلنا نرى مزيدا من الأنشطة، ويفرز لنا مناشط تتناسب مع ميول الشباب (من الجنسين، وباختلاف فئاتهم العمرية) على غرار البرامج التدريبية المفيدة التي بصدد أن توفرها وزارة التعليم كما قال وزيرها يوسف البنيان في رسالة تلقيتها منه "هناك فريق يعمل بين التعليم العام والجامعات لتنشيط وضع برامج ومسابقات إضافة إلى العمل مع القطاع الخاص على خلق فرص في المناطق السياحية التي تتميز بأجواء جميلة خلال فترة الصيف لعمل مايعرف ب(summer school)"
ولعل ذلك يحفز ليس فقط الذين لا يسافرون للخارج وإنما شريحة من الذين يسافرون ويعودون قبل انتهاء الإجازة للاستفادة من هذه البرامج لأبنائهم وإضافة إلى ما ذكره وزير التعليم هناك دورات متعددة منها ما هو مقدم من جهات حكومية مثل صندوق تنمية الموارد البشرية عبر منصة "دروب" والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة ومنها ما هو مقدم من جهات تعليمية محلية وعالمية.
وأخيرًا: من باب التحفيز على الاستفادة من الإجازة الصيفية بما يفيد.. يفضل أن يبدأ المدرسون في المدارس والجامعات عامهم الدراسي المقبل بسؤال لجميع الطلاب والطالبات عن حصيلة استفادتهم سواء في مجال المهارات أو العلوم الحديثة أو اللغات أو الرياضة.. وشكر من أحسن استغلال إجازته أمام زملائه.. وحث من لم يتمكن من الاستفادة المطلوبة أن يعوض في الإجازة المقبلة حتى نقطع الوقت بدل أن يقطعنا.. كما قال المثل المعروف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي