تنشئة الأبناء على حب الوطن والبذل لأجله.. واجب على كل أسرة

تنشئة الأبناء على حب الوطن والبذل لأجله.. واجب على كل أسرة

إلى رئيس التحرير:
إن قيام فئة من الشباب المتأثر ببعض الأفكار الضالة باستهداف المنشآت الاقتصادية للوطن ليدعو إلى الدهشة والاستغراب كيف يمكن أن تُستهدف مثل تلك المنشآت التي تعتبر من أهم أساسيات الإنتاج الوطني الذي يعود خيره على الوطن والمواطن ويستفيد منه الكبير والصغير! إن هذا ليدعونا إلى الاهتمام غاية الاهتمام بتربية أبنائنا منذ نعومه أظفارهم على حب الوطن حتى يتعودوا على ذلك الحب .. حب الوطن، ولكي نحميهم من تلك الأفكار التي تستهدف أمنه واستقراره، وهذا لا يأتي إلا بعد زرع حب الوطن في نفوس أولئك الأبناء وتربيتهم عليه، لكن يبقى السؤال المهم وهو: كيف نربي أبناءنا على حب هذا الوطن، وما الفوائد التي سنحصل عليها إذا قمنا بتربية أبنائنا على هذا الأساس؟
إن تربية الأبناء على الحب والولاء لا تعني إلقاء معلومات نظرية فقط فنقول لهم أحبوا وطنكم دون أن يكون لهذه التربية تطبيق عملي في الواقع فإن التربية في حقيقتها ليست معلومات نظرية فقط تلقى على الطفل، بل لا بد أن يصاحب ذلك تطبيق عملي في حياة الطفل حتى يتعود ذلك ويبقى ما تعلمه في ذهنه فترة طويلة من الزمن تستمر طيلة حياته فيما بعد، ولهذا كان غرس حب الوطن في نفوس الأبناء بنين وبنات يتطلب تربيتهم تربية عملية، وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من التأكيد على ضرورة أن تتزامن التربية النظرية أو التربية بإلقاء التوجيه وبيان أهمية الوطن لنا جميعاً وحث هؤلاء الأبناء على حب هذا الوطن وأن نبين لهم ضرورة تقديم كل واحد منا ما يستطيع سواء كان كبيراً أو صغيراً، مع تربيتهم تربية عملية متناسبة مع عقولهم الصغيرة فمثلاً الوالدان يستطيعان تربية أبنائهما تربية عملية على حب الوطن، وذلك بأن يفعل كل من الأب أو الأم عملياً ما يؤكد حبهما لوطنهما كالتبرع مثلاً لأي مشروع اجتماعي كدار للمسنين أو للأيتام أو غير ذلك من المشروعات ذات النفع العام، مع بيان أن الأب والأم يريدون في هذا الأجر من الله تعالى، ونفع هذا المشروع يعود على الوطن وأهله لأن الإسلام يحثهم على هذا العمل وهذه المشروعات نفعها متعد ويعود على الوطن بأكمله، وحبذا لو أعطى الوالد أو الوالدة ذلك المبلغ إلى أصحاب الشأن في ذلك إذا كان هذا ممكناً، وأفضل من ذلك أن يعود الطفل دائماً على أن يقوم هو بنفسه بفعل ما يدل على حبه للوطن سواء كان ذلك بتشجيع من الوالدين أو من المعلم أو المعلمة في المدرسة، فعلى سبيل المثال يحرص الوالدان على تشجيع أبنائهما على تنظيف الحديقة العامة مثلاً ويخبرانهم أن هذا العمل نتيجة لحبنا لوطننا وأننا لا بد أن نحرص جميعاً على أن يبقى وطننا نظيفاً وأن في العناية بالنظافة العامة والحرص على إزالة كل ما يؤذي المسلمين هو ما أمرنا به ديننا الحنيف، حيث أخبرنا نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الله تعالى قد غفر لرجل بسبب أنه أزاح غصن شوك كان في الطريق يؤذي المسلمين، كما نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من التغوط في طريق المسلمين وظلهم، كما أنه بإمكان المعلم أن يشجع تلاميذه وكذلك المعلمة بإمكانها أن تشجع تلميذاتها وتسعى لتربيتهن تربية عملية على حب الوطن بوسائل عملية كثيرة كالرسم مثلاً لمعلم من معالم الوطن وتعليقه مدة معينة على لوحة إعلانات المدرسة تشجيعاً لهذا التلميذ أو هذه التلميذة، كما أنه بإمكانهم تشجيع تلاميذهم على التعبير عن حب وطنهم بكتابة موضوع عن هذا الوطن أو قصيدة أو نحو ذلك، والوسائل في ذلك تتنوع لكنها تؤدي إلى هدف واحد وهو تربية التلاميذ عملياً على حب الوطن. ولا شك أن لحب الوطن العديد من الفوائد التي يجب أن نسعى جميعاً إلى إيجادها خدمة لهذا الوطن الغالي وحفظاً لرجال ونساء المستقبل وهي:
1 ـ حفظ أبنائنا من الأفكار المنحرفة سواء تلك التي تدعو إلى تدمير مقدرات الوطن أو التي تدعو إلى نظير ذلك بإهمال الوطن وعدم الإسهام في بنائه وتطويره والمشاركة في نموه وازدهاره وذلك بتربيتهم عملياً على حب الوطن والقناعة التامة بالمحافظة على مصالحه وحمايتها من كل من يحاول تدميرها أو إفسادها.
2 ـ تأصيل وغرس حب الوطن في نفوس أبنائنا بما يتوافق مع ديننا الحنيف والحرص على أن يثمر هذا الحب كل ما فيه خير للوطن.
3 ـ إن التربية العملية على حب الوطن تولد قناعة لدى الأبناء وتعودهم على التضحية والعطاء وتقديم النفيس من الأموال وبذل الجهد والأوقات فيما يجلب السعادة لجميع أهل الوطن بلا استثناء.
4 ـ إن التربية العملية على حب الوطن تجعل الأبناء يشعرون بالانتماء إلى هذا الوطن وبالتالي يشعرون أنه ملك لهم وجزء منهم فيحافظون عليه ويحرصون عليه كما يحرصون على ممتلكاتهم الخاصة.

د. نهار بن عبد الرحمن العتيبي
[email protected]

الأكثر قراءة