الوصول إلى المحتاجين
رجل فقير ومريض دخل السجن بسبب عجزه عن تسديد ديون وصلت إلى نحو (100) ألف ريال سعودي. وتحاول أسرته البائسة هذه الأيام جمع المبلغ المطلوب لإطلاق سراحه والمحافظة على صحته قبل أن يموت في السجن، خاصة وهو قد تعرض أخيرا إلى عدة جلطات.
وكان الرجل يعمل في إحدى الدوائر الحكومية ويعول زوجته وبناته الثلاث وعندما توفي والده اضطر إلى استئجار شقة لوالدته وأخته. ومع اعتلال صحته، بدأ غيابه عن العمل يكثر إلى أن تم فصله حيث اضطر إلى الاستدانة فتراكمت عليه الديون وعجز عن سدادها، خاصة إيجار الشقة.
بدأ الدائنون يطالبون بفلوسهم وعندما عجز عن السداد أخذوه إلى المحكمة التي أمرت بوضعه في السجن إلى أن يسدد ديونه، وفي هذه الأثناء قام صاحب العمارة بطرد أمه وأخته وزوجته وبناته الثلاث من الشقة ورمى بهم في الشارع.
واستطاع عدد من رجال الخير في مكة المكرمة من تدبير مأوى مؤقت للأسرة بهذا العمل الكريم، استطاعوا أن يحموا هذه الأسرة من الضياع والتشرد.
ولا تزال أمه العجوز تبكي وتدعو أن يتم إطلاق سراحه بينما تقول أخته إن الأسرة قد فقدت عائلها الوحيد – بعد الله سبحانه وتعالى – وهي تدعو ليلاً ونهاراً أن يقيض الله لهم رجلاً كريماً يحل ضائقتهم.
وقالت زوجته إن زوجها قد فقد عمله بسبب تردي حالته الصحية فاضطر إلى الاستدانة لكي يعيلهم ويدفع إيجار الشقة وعندما تراكمت الديون أخذه الدائنون إلى السجن تاركاً وراءه الأسرة دون عائل.
وتخشى زوجته من تدهور حالته في السجن وتقول إنها تفكر ليلاً ونهاراً في أنه قد يموت في السجن ولن يرونه مرة أخرى.
لقد تأثرت جداً بقصة هذه الأسرة وحاولت المساعدة قدر جهدي وأرسلت مناديب إلى صاحب العقار لكي يتنازل عن حقوقه حتى يتم إطلاق سراح الرجل لكنه لم يستجب وكان هذا شيئاً متوقعاً لأن القلوب القاسية لا تلين فهي كالحجارة أو أشد قسوة.
وبقاء هذا الرجل في السجن لن يحل مشكلة ولن يسدد الديون وسيزيد من معاناة الأسرة البائسة. وفوق هذا كله، فالرجل معرض لأن يصاب بمزيد من الجلطات التي قد تودي بحياته في نهاية الأمر.
وقصة هذه الأسرة ليست فريدة في نوعها فهناك عشرات القصص المشابهة والمآسي الإنسانية المماثلة لكن الخوف من ضياع الأسرة بكاملها في غياب العائل فهو الرجل الوحيد في الأسرة المكونة من ست نساء، هن الوالدة والأخت والزوجة والبنات، وهو رغم فقره واعتلال صحته، قد يستطيع حمايتهن من الضياع والتردي.
وأنا هنا أقوم بما أستطيع فعله من خلال قلمي، لأنني أعلم يقيناً أن مملكتنا الإنسانية متمثلة في مسؤوليها يولون كل الاهتمام لمثل هذه الحالات، وبالأمس فقط نجد مثلاً الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض يوجه الجمعيات الخيرية العاملة في منطقة الرياض بتشكيل لجان خاصة بالتنسيق فيما بينهم للوصول إلى المحتاجين في المنطقة مثل حال صاحبنا.
ومثل هذه التوجيهات من لدن أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز تؤكد من جديد حرصه الشديد والمسؤولين لهذا البلد المعطاء على الأحوال المعيشية للمواطنين، خاصة لذوي الظروف الصعبة والمحتاجين، وأن هذه المبادرة بمثابة أسوة حسنة يقتدى بها.
وعندنا نظام أفضل للضمان الاجتماعي والتكافل شرعه خالق البشر الذي يقول في محكم تنزيله (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) التوبة 60.
ويقول سبحانه وتعالى في سورة الحديد الآية (18) (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعف لهم ولهم أجر كريم)، صدق الله العظيم.