المخدرات .. وسائل شيطانية ومواجهة استباقية

هناك مواجهة حقيقية وحرب مكشوفة مع تجار المخدرات الذين يزدادون شراسة يوماً بعد يوم، وهناك ضرورة وحاجة ماسّة لإطلاع المجتمع والأسر والأفراد على نتائج مكافحة المخدرات، واتبعت وزارة الداخلية الشفافية مع وسائل الإعلام في الكشف بالأرقام والإحصائيات الدقيقة عن عدد المقبوض عليهم وكمية المضبوطات ونحوها، مما هو ضروري ليعلم الجميع حجم الجهود المبذولة ومدى نجاحها، ولأن الأمن مظلة للجميع وهو مضرب المثل لدول سبقتنا، فإن الكشف عن الجرائم يعزّز ثقة المواطن والمقيم غير المحدودة بأجهزة الأمن في جميع القطاعات.
لقد أعلنت وزارة الداخلية القبض على أكثر من 800 شخص لتورّطهم في جرائم تهريب مخدرات، تقدّر قيمتها بأكثر من ملياري ريال خلال الأشهر الأربعة الماضية، منهم سعوديون ومن جنسيات أخرى مختلفة، وذلك لتورّطهم في جرائم تهريب ونقل واستقبال وترويج مخدرات، كما تضمّن الإعلان أن رجال الأمن واجهوا خلال أدائهم مهامهم مقاومة مسلحة في عمليات أمنية عدة من قِبل المهربين والمروجين، نتج عنها إصابة عدد من رجال الأمن، واستشهاد اثنين في أثناء أدائهم مهامهم في مكافحة تجار هذه السموم، كما تضمن الإعلان تفصيلاً بالمضبوطات وهي كميات تجارية ــ حمى الله شباب وشابات الوطن منها.
إن هذه الإحصائية تؤكد أن مواجهة المخدرات تتم من خلال حرب لا هوادة فيها، وحققت المملكة بشهادة الدول والمنظمات الدولية المتخصّصة، قوة ردع غير مسبوقة، حيث يتم تسخير جميع الإمكانات البشرية والمادية لمكافحة المخدرات، وهي حرب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان ومضامين، فالكميات التي يتم ضبطها كافية لإتلاف أجيال من الشباب. ومن نعمة الله أن لدينا قوات أمنية يقظة تتحرّك دائما في الوقت المناسب.
إن الأساليب والوسائل الشيطانية التي يبتكرها المهربون لتمرير المخدرات عبر الحدود، تكشف مدى استبسال أولئك المجرمين المحترفين من أجل تجاوز نقاط التفتيش وعبور النقاط الجمركية، وإيصال تلك السموم القاتلة إلى المسوقين في الداخل، الذين هم جزء من مجموعة متكاملة تعمل وفق تنسيق معروف في تركيب الجريمة المنظمة، وهي بطبيعة الحال لا تقف عند أفراد، بل هي في النهاية مجموعة تعمل وفق أجندة دقيقة وتتعامل مع الوضع بصورة تجارية، ولذا فإن الخفاء والسرية المطلقة والتكتم الشديد على المصادر الأصلية لتلك السموم، أهم عناصر نجاح تلك العصابات في الاستمرار، رغم ما يتم تجاه مَن يقبض عليهم.
إن التعاون الدولي في ميدان مكافحة المخدرات يضمن المواجهة الاستباقية في معركة مع أطراف خفية لهم القدرة على الحركة السريعة والتجدد الدائم في المواقع والأشخاص والأساليب، فهم يعرفون جيداً خصومهم، ولكن من الصعب تحديدهم على وجه يسهل معه مواجهتهم، لذا فإن التعاون الدولي يبدو أهم مراحل المواجهة مع مافيا المخدرات، ولقد كانت المصداقية التي تتعامل بها الأجهزة الأمنية السعودية مع دول العالم مثمرة في تحقيق نتائج إيجابية، فالدول تحتاج إلى المعلومات لأنها الخيط الرفيع الذي يؤدي إلى التعامل الجيد مع الحالة، وهي مصلحة مشتركة، فالكميات التي يتم تهريبها لا يمكن القطع بالمكان النهائي لتسويقها، فضلاً عن أن مرورها بإقليم أي دولة يحقق الجريمة كاملة وفقاً للنظام القانوني في تلك الدول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي