رفض منح أراض للمؤسسات الخيرية
إن بعض القرارات الحكومية تضعني في حيرة ولا أستطيع أن أفهم كيف يفكر بعضهم في نطاق ضيق ولا ينظرون إلى الصورة كاملة.
لقد أُرسل أخيرا تعميم من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى المؤسسات الخيرية، وعددها قليل، أن التماسهم بطلب إعطائهم أراضي مساواة بالجمعيات الخيرية، وعددها بالمئات، قد رفض.
ولقد كُونت لجنة من الشؤون الاجتماعية والداخلية والمالية والشؤون البلدية والقروية وتوصلت إلى "أن المؤسسات الخيرية لا تستفيد من الإعانات التي تقدمها الوزارة لأن المؤسسات الخيرية الخاصة يؤسسها من هم مقتدرون ماديا، ولذلك مُنعت المؤسسات الخيرية من جمع الأموال ومن جميع أنواع التبرعات التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية للجمعيات الخيرية، وليس من المناسب فتح المجال لمثل هذه الطلبات وأنهم يمكنهم إذا رغبوا في شراء الأراضي أو استئجارها"... انتهى.
وكما قال لي وزير شؤون سابقا "نرى الكثير من أهل الخير القادرين يقومون بأعمال خيرية في بلدان أخرى، وهذا من الخطأ". لا الجمعيات الخيرية ولا المؤسسات الخيرية يملكها أفراد، أي أن أموالها وأغراضها "المفروضة" هي أعمال خيرية سواء لمساعدة الفقراء والمحتاجين أو علاجهم أو إنشاء مراكز غسيل كلى أو المساعدة في إجراء عمليات القلب أو منع التدخين أو بناء دور أيتام أو مسنين أو تعليم قرآن.. إلى آخر أعمال الخير التي لا حدود لها والكثير في حاجة إليها، والمؤسسات الخيرية أيضا هي مؤسسات غير ربحية.
إنني لا أمانع قرار الجهات المعنية في عدم السماح للمؤسسات الخيرية بجمع التبرعات أو حتى الحصول على المعونات المادية من الدولة أو حتى إعطائها أراضي لبناء مقارها، ولكن لا أستطيع أن أفهم أن الجهات المسؤولة تمنع منح أراض للمؤسسات الخيرية لبناء مشاريعها عليها سواء مباني للتأجير لزيادة دخلها أو مراكز خدمية للمحتاجين أو حتى مستشفى أو مراكز طبية أو مدارس أو دور أيتام، والسبب أنها يجب أن تكون قادرة على شراء هذه الأراضي. منطق محير يظهر عدم فهمهم غرض إنشاء هذه المؤسسات الخيرية. إنها مؤسسات غير ربحية وكلما كبرت وتعددت وربحت أكثر زاد نشاطها في خدمة الأغراض التي أسست من أجلها بموافقة الجهات الحكومية المسؤولة وتحت إشرافها. لذلك على الجهات المسؤولة مراجعة قرارهم وإصدار قرار بتقديم أراض حسب الطلب للمؤسسات الخيرية لإنشاء مشاريعها الخيرية وليس مقارها كل أرض حسب الغرض المطلوب وإلا هذا يظهر عدم تشجيع الجهات المسؤولة للمؤسسات الخيرية على أعمال الخير التي نحن أحوج إليها. ينبغي أن نشجع المؤسسات الخيرية على الاستثمار وزيادة مواردها وصرفها على الأعمال الخيرية وتشجيع القادرين من المواطنين والشركات على إنشاء مؤسسات خيرية جديدة نوعية المجتمع في حاجة إليها.
طلب آخر، أرجو أن يجد قبولا، حيث إن وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية قامتا بوضع كثير من الأنظمة التي تضبط وتحكم جمع الأموال بالنسبة للجمعيات الخيرية ومنها عدم قبول التبرعات النقدية إلا عن طريق مصرف أو شيك وخصصت الوزارة محاسبين قانونيين لمراجعة حسابات الجمعيات والمؤسسات والتأكد من تطبيق التعليمات بحذافيرها، ولكن نريد أن نتأكد أن الجمعيات أو مديريها الذين لا يطبقون التعليمات من تقديم حسابات ختامية مدققة أو التزامهم بالتعليمات الصادرة من الوزارة بأن يعاقبوا حسب الأنظمة حتى لو أدى ذلك إلى محاكمتهم أو إلغاء تصريح الجمعية.
توجد بعض المعاهد أو مراكز الدراسات الخيرية ترسل مثلا طلب تبرع لمشروع خيري سواءً كان وقفا أو مبنى أو طباعة كتب وتحدد القيمة التقديرية بمليوني ريـال.. مثلا، وتضع رقم الحساب البنكي لهذا التبرع، ولكن لا أحد يعلم كم تجمع هذه الجمعية على هذا الحساب، قد يكون أضعافا مضاعفة وتستغله في أنشطتها الأخرى، لذلك نرجو في مثل هذه الحالات التي يحدد فيها اسم حساب خاص بمشروع خاص أن يبلغ البنك بذلك وإذا بلغ الرصيد المبلغ المستهدف زائد 3 في المائة مثلا، يوقف البنك آليا قبول التبرعات لذلك المشروع، مثلما يوقف البنك طلب أي سحب لا يكون له رصيد.
مرة أخرى إن ضبط ومراقبة الجمعيات والمؤسسات الخيرية أمر مهم ويجب ألا يسمح لمن يدير جمعية خيرية أو يملك فيها القرار إلا من هو مؤتمن في دينه وأخلاقه وكفاءته وسلامة فكره وهذا مهم.
المؤسسات الخيرية القادرة على إنشاء مشاريع استثمارية غير ربحية وخدمات مطلوبة بأموالها هي أولى بالحصول على منح أراض لمشاريعها ولا تعتمد على دعم الوزارة مثل الجمعيات الخيرية التي تعتمد كليا على مساعدة الوزارة والتبرعات العامة. نرجو من الجهات المسؤولة مراجعة قرارهم لأن فيه مصلحة عامة وتشجيع أهل الخير على العمل وتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية بمعاونة الدولة.. فهل من مجيب؟