أراضي المدارس بين المالية والتعليم

إن التفكير في تطوير التعليم في مملكتنا يجعلنا نتساءل: كيف يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تنقل التعليم لأبنائنا وبناتنا نقلة نوعية تتماشى مع العالم المتحضر؟ إن الحمل ثقيل، فالمقررات بعيدة كل البعد عما ينبغي أن تكون عليه، والمدرسون يحتاجون إلى تطوير وتدريب ليكونوا أكفاء للتدريس المطور، ففاقد الشيء لا يعطيه، وفوق ذلك المدارس وحالها ونقص الأراضي لها في مملكة مترامية الأطراف.
تسعى الوزارة جاهدة إلى تطوير التعليم، وحكومتنا لم تقصر في دعمها بالميزانيات لتطوير المعلم والمناهج والمدارس، ولكن ذلك وحده لا يكفي دون مدارس نموذجية. لا يمكن للوزير أن يكون مقاولا أو مسؤولا عن بناء المدارس. ألا يمكن أن يقوم القسم الهندسي في الوزارة بتصميم نماذج لحجم كل مدرسة بنين أو بنات حسب وضعها الجغرافي، ويكون لكل نموذج حجم معين من القدرة الاستيعابية من الطلاب مع المختبرات وأماكن للصلاة ومسارح ومسابح وملاعب رياضية مغلقة ومفتوحة ومواقف للسيارات، ثم تقدر الوزارة والمالية القيمة التقديرية لتكلفة كل نموذج، ثم يكلف القطاع الخاص أو نأتي بشركات عالمية لبناء هذه المدارس في وقت محدد.
إن الوزارة استنجدت بـ ''العدل'' لوقف بيع الأراضي المخصصة للمرافق التعليمية في المخططات المملوكة للقطاع الخاص. أليست تلك الأراضي في المخططات الخاصة هي جزء من الـ 33 في المائة المستقطعة للخدمات العامة؟ كيف يمكن أن تباع هذه الأراضي؟ ينبغي أن تضع الوزارة يدها عليها عن طريق الأمانات والمحاكم لأنها استقطعت للتعليم، وعليها أيضا شراء الأراضي التي تحتاج إليها في المناطق العمرانية التي لا تتوافر فيها مساحات كافية في المخططات وذلك بالنزع ودفع التعويض المماثل لسعر السوق. ولقد أقرت الوزارة بوجود عراقيل أدت إلى تعثر مشروع التخلص من المباني المستأجرة، في صدارتها عدم توافر أراض في بعض المناطق السكانية ذات الكثافة الطلابية العالية، مشيرة إلى استمرار الحاجة إلى المباني المستأجرة وارتفاع عددها وتدني مستوى السلامة فيها''، (''المدينة'' 6/7/2013). إن نسبة المباني المستأجرة للبنين تبلغ 35 في المائة وللبنات 49 في المائة، وما أدراك ما حال هذه المدارس المستأجرة. وذكرت ''المدينة'' أيضا أن الوزارة'' أعلنت أن الآلية التي أقرتها وزارة المالية في 18/2/1432هـ لشراء الأراضي بنظام المنافسة لم تثبت جدواها، واقترحت إسناد طرح المشروعات الإنشائية للمدارس والمرافق الإدارية وترسيتها وتوقيع عقودها والإشراف بما في ذلك الأعمال الهندسية وتشغيلها وصيانتها وتطويرها إلى شركة التعليم القابضة ''المملوكة للدولة'' لتكون المهمة الأساسية للوزارة هي تطوير العملية التعليمية والتربوية والاهتمام بجودة مخرجات التعليم''. هذا هو المنطق والقرار السليم الذي يجب أن تعتمده الدولة.
على الوزارة أن تقدم خطتها لتشييد مدارسها واستبدال جميع المباني المستأجرة وما تحتاج إليه من أراض في جميع مناطق المملكة للقيام بمشاريعها خلال السنوات العشر القادمة، كما يجب استقطاع أجزاء من الأراضي المخصصة لجهات حكومية أخرى مثل الدفاع والداخلية وغيرهما التي لم تستغلها منذ عشرات السنين الموجودة في نطاقات عمرانية إلى الوزارة فكلها من أملاك الدولة.
لقد نمت الأصول الاحتياطية في أيار (مايو) لتصل إلى 1.86 تريليون ريـال. أليس من الأولى أن تخصص الدولة 100 مليار ريـال لشراء بعض الأراضي اللازمة لها للسنوات الخمس المقبلة، فأولادنا أولى وعلى الدولة تخصيص أراض لها وتسمح لها بالشراء للمستقبل وإن لم تحتج إليها اليوم، فهذا أرخص وأفضل استثمار للمواطن وللدولة بوزارتيها من الاستثمار في الأوراق المالية.
لا نريد أن تكون خطة تطوير التعليم مرتبطة بشخصية أو أفكار الوزير بل تكون خطة حكومية معتمدة من مجلس الوزراء لا تلغى بتغيير الوزير، وكذلك خطة شراء الأراضي، والأراضي التي تؤول إليها من أملاك الدولة ومخصصاتها يجب أن تعتمد وتحفظ لها دون مساس وتعطى لديوان المراقبة العامة و«نزاهة» صلاحيات أكبر لمراجعة مشاريع ''شركة التعليم القابضة'' أثناء تنفيذ المشاريع وطرحها وليس بعد تنفيذها.
إن هذا موضوع مصيري يجب أن يبحث على أعلى المستويات لارتباطه بمستقبل أبنائنا ولا يمكن تركه دون قرار.. فهل من مجيب؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي