منجم «مهد الذهب».. مورد اقتصادي ذو عمق تاريخي
تعد (مهد الذهب) محافظة اقتصادية حيوية في منطقة المدينة المنورة، حيث تعتبر حقيبة كبيرة جداً للمعادن النفيسة التي تحتضنها جبالها، وبالذات (الذهب) الذي تستمد المحافظة اسمها منه.
"الاقتصادية" زارت المنجم ، وألفت حركة دؤوبة داخله، وهناك مدخل النفق الموصل لأسفل الجبل الغني بمعدن الذهب، وهو يمتد في مساراته وتعاريجه لمسافات طويلة وبعيدة، حيث تجرى عمليات التنقيب، وتتبع عروق الذهب، وليبقى هذا المنجم موردا اقتصاديا مهما، وذا عمق تاريخي كبير.
وبدأ استغلال معدن الذهب منه منذ القدم، وبني العمال مساكنهم بالقرب منه، وتطورت إلى محلة عمرانية، أسموها مهد الذهب.
ومن اسم هذه المحافظة فإن الموارد المعدنية هي الركيزة الأساسية في المحافظة، والمتمثلة في "الذهب، الفضة، النحاس، الزنك، كربونات الكالسيوم، وكربوبات المغنيسيوم".
وتوجد في مهد الذهب، أم الدمار، جبل صايد، وجبل رخام، ولهذا فهي أغنى محافظات منطقة المدينة المنورة في هذا الجانب، كما أن جبل مهد الذهب، وجبل صائد من أكبر جبال المعادن في الشرق الأوسط، وتاريخه يمتد لعهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ويعتبر منجم مهد الذهب أكبر منجم في الشرق الأوسط، ويختزن الكثير من المعادن النفيسة، لذا فهو يمثل دخلاً كبيراً للدولة، ويتميز منجم مهد الذهب بتاريخ حافل، حيث دلت المصادر والآثار على قدم استغلال الذهب منه، فقد استخرجت كميات كبيرة منه في الألف الأولى قبل الميلاد، كما استغل المنجم في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قامت باستغلاله قبائل بني سليم.
وفي عهد الخلافة الأموية شهد منجم مهد الذهب اهتماما خاصاً، وزاد الطلب على الذهب ليسد حاجة الدولة الأموية لسك عملة ذهبية خاصة بها، وهو ما حدث فعلاً في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، الذي قام عام 74هـ /694 بتعريب السكة، وإنشاء دور إسلامية جديدة لضرب العملة، ومنذ ذلك الوقت لم تعد النقود العربية تدور في فلك النقود البيزنطية أو الفارسية أو ترتبط بأسعارها أو أوزانها، وحملت كل من الشام ومصر مشعل الإصلاح النقدي الذي أضاءته العاصمة الأموية في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وليس أدل على ذلك من تعيين عامل خاص هو عبد الله بن كثير يقوم على شؤون منجم مهد الذهب، وذلك سنة 128هـ، كما استغل منجم مهد الذهب في عهد الدولة العباسية، فقد أكدت المصادر التاريخية أن كمية ما تم إنتاجه من المنجم بلغت نحو 40 طناً.
وما أن أرسى الملك المؤسس عبد العزيز قواعد هذا الكيان الكبير، سعت حكومة السعودية جاهدة للأخذ بكل ما يحقق سعادة شعبها، فرغم الرفاهية التي يوفرها البترول المتدفق من المنطقة الشرقية، وفي إطار سعيها لبناء اقتصاد قوي متين، سعت الدولة لتنويع مصادر الدخل، وأولت اهتمامها لمجالات البحث والتنقيب عن الثروة المعدنية، وكان منجم مهد الذهب أحد ثمار هذا الاهتمام.
وفي عهد الملك عبد العزيز قامت شركة نقابة التعدين السعودية SAMS بتعدين الذهب والفضة في منجم مهد الذهب، في الفترة من 1939م - 1954م، ثم توقف الإنتاج لتدني أسعار الذهب إلى أن استؤنف العمل مرة أخرى في السبعينيات من القرن الماضي، فقامت شركة جولد فيلدز المحدودة بتوقيع عقد مع بترومين، وتم منحها رخصة كشف عام 1976م، ولاعتبارات استراتيجية مختلفة قررت شركة بترومين تملك المشروع بالكامل. وتم ذلك في 1987/5/15م، وأصبح المنجم مؤسسة حكومية، وتحت إدارة سعودية 100 في المائة.
فيما صدر قرار مجلس الشورى في 15/ 11/ 1417هـ، بإنشاء شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، التي تضم جميع مشاريع التعدين في المملكة وبذلك أصبح منجم مهد الذهب أحد مشاريع شركة معادن السعودية. وفي عام 1403هـ تم افتتاح المنجم.